البث المباشر

السيد عبد الرزاق الموسوي المقرم

الأربعاء 27 فبراير 2019 - 12:20 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- مع الصادقين: الحلقة 574

ومن الصادقين المخلصين في خدمة اهل البيت مخصوصاً على صعيد العلم والقلم والخطابة هو العالم الزاهد والتقي الورع آية الله السيد عبد الرزاق الموسوي المقرم، ماذا اقول عن هذا الصادق بولاءه؟
هذا العالم مفخرة من مفاخر النجف الاشرف ودرة نادرة من درر النجف الاشرف المعنوية، هذا العالم الجليل من النوادر الذين اشتهروا وعرفوا بتشددهم في محبة اهل البيت وخدمة اهل البيت، هذا الرجل كان موهوباً وكان متعمقاً في مجال التحقيق والاطلاع الدقيق وكما يعلم ان تاريخنا وتراثنا احيط بالمداخلات واحيط بالعبث الكامل لتشويهه مثلاً من القضايا التي كانت مورد شبهات شخصية زيد الشهيد، شخصية المختار الثقفي اعلا الله مقامهما وامثالهم، انا استشهدت بهذين هناك الكثير من شخصياتنا تحاط بالاراجيف وتحاط بالتهم. 
من اوائل من تصدى للكتابة والتحقيق لسد هذه الثغرات هو السيد عبد الرزاق المقرم اعلا الله مقامه وهو من مواليد النجف الاشرف عام 1307 هجرية وهو من خيرة تلاميذ اقا ضياء الدين العراقي، المرحوم النائيني، المرحوم الاصفهاني، المرحوم الشيخ حسين الحلي، المرحوم الشيخ محمد جواد البلاغي صاحب الرحلة المدرسية وايضاً من تلاميذ الفلسفة عند المرحوم الكمباني، الذي علم الكمباني وشجعه على نظم الشعر، عنده هذه الارجوزة تسمى الانوار القدسية هو السيد عبد الرزاق المقرم اعلا الله مقامه.
الرجل تعب وصار له صيت لما صدر كتابه زيد الشهيد، اول مؤلف صدر عنه في بداية السبعينيات الهجرية، انا اقترح على كل من يخدم في المنبر ويخدم في الكتابة في خط اهل البيت ان يعتمد مؤلفات هذا العالم الجليل، اكثر من خمسة واربعين مؤلفاً وكما يعلم زملائي الخطباء وغيرهم عشرات المقاتل دونت وكتبت ولكن فيها تضاربات وتناقضات وحتى خرف وغير خرف فتصدى السيد عبد الرزاق المقرم ودون مقتلاً الى اليوم هو المقتل الاول يعني لايستطيع اي خطيب بالغاً ما بلغ ان يستغني عن هذا المقتل لأنه دقيق ومنظم المرحوم الشيخ احمد الوائلي الى اواخر ايام حياته ادخل عليه ايام عاشوراء ارى مقتل المقرم بين يديه بالاضافة الى هذا السيد عبد الرزاق المقرم شاعر من الطراز الاول، له قصائد كثيرة ولكن اقرأ بعض المقتطفات مثلاً في احدى اراجيزه:

نحمدك اللهم يا من شرفا

هذا الوجود بالنبي المصطفى

محمد واله الاطايب

نهج الهدى كفاية للطالب

النبي يقول: من قال فينا بيتاً واحداً من الشعر ايده الله بروح القدس وزال عنه كل ريب مبلس.
مثلاً كانت له بيتين مطبوعة في حرم ابي الفضل العباس، بيتين من اروع ابياته او نظمه: 

ابا الفضل يا نور عين الحسين

ويا كافل الضعن يوم المسير

اتعرض عني وانت الجواد

وكنت لمن بالحمى يستجير

يبدو ان السيد كانت له حاجة وتشفع الى الله بأبي الفضل العباس ونظم هذين البيتين، نستوضح هكذا من البيت الثاني: 

اتعرض عني وانت الجواد

وكنت لمن بالحمى يستجير

لا اعلم من اين اتكلم عن هذا العالم الجليل الذي تفتخر به النجف الاشرف الى اليوم والى الابد.
هذا العالم الجليل كان يتمتع بروح شعبية عالية، هو احد العناصر العلمائية التي اسست موكب النجف الاشرف يوم عاشوراء في كربلاء ويخرج هذا الموكب بعدما السيد المقرم يلقي مقتل الحسين بنفسه، انا لا اتمالك ان اصف ذلك اليوم واصف مشاعر هذا السيد العالم لما كان يقرأ مقتل الحسين ويصل الى المصرع ويلقي بعمامته ويلطم ويكاد ان يقتل نفسه حزناً على مصاب ابي عبد الله، يمسكون بأيديه وهو يصرخ ويلطم على عينيه، انا لا اعرف هذا الرجل كيف موقعه عند الحسين (عليه السلام)، افنى حياته في خدمة اهل البيت، يتحول الى قطعة من الصراخ والبكاء واتخطر هذا في الستينات 64-65 العشرات يسقطون ويغمى عليهم من البكاء.
اثناء المقتل كان يقوم عدد من الخطباء يقرأون النعي بالمصارع مثل الشيخ محمد الكاشي، الشيخ عبد علي الماجد، الشيخ عبد الوهاب الكاشي وانا الحقير ايضاً كنت اشترك ثم لما تنتهي مراسم المقتل يخرج الموكب المهيب امامه السادة، الجوق الاول السادة والثاني العلماء غير السادة ثم الجماهير وامام الخط الاول من السادة السيد عبد الرزاق المقرم وهو حافي القدمين، حاسر الرأس، موكب تهتز له الجدران يصل الى صحن ابي عبد الله الحسين ووجوه اهالي النجف الاشرف كالمرحوم الحاج عبد الزهرة فخر الدين وغيرهم وبعد ذلك يصعد الرادود وطن ويلقي القصيدة والصحن بكامله، الحرم والصحن يتحول الى قطعة من اللطم والعزاء وهذا كان واحد من نتاج وجهود السيد عبد الرزاق المقرم اعلا الله مقامه.
هذا الرجل كان من القداسة والتدين الى درجة المرحوم ابو الحسن الاصفهاني اعلا الله مقامه كان يلح عليه بأن يكون اما ممثلاً في بلد معين واما ان يطوف في البلدان لينور الناس ولكنه كان يرفض لأمرين، الامر الاول انه ما كان يحب يظهر وتكون له شهرة والامر الثاني يقول انا اريد ان ابقى في هذا الخندق اكتب وادون عن ابي عبد الله الحسين وعن اهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم.
كان الى درجة جدي وحدي في خطابه التوعوي وفي معتقداته وفي سلوكياته وقد لاحظته عن كثب وكنت استفيد منه، لاحظته فقد الكثير من الصداقات بسبب انه ما كان يجامل على عقيدته او على دينه او على مشربه ومن هنا كان يعيش شبه معزول واصدقاءه يعدون بعدد اصابع اليدين، كل ذلك كان في جنب الله.
هذا الرجل كان في اليوم الكامل ما كان ينام الا سويعات مكباً على القلم او تراه يتنقل في الازقة وذلك اليوم النجف الاشرف لا شارع الصادق ولا شارع الرسول ولاشارع زين العابدين، كل النجف الاشرف زقاق، كان يعبر من زقاق الى زقاق يبحث في المكتبات لأن في ذلك اليوم لم يكن الانترنت ولا العولمة ولا الوسائل وكان حصول الكتاب زحمة فترى المحبرة والاوراق في يده يتنقل من مكتبة ال حنوش الى مكتبة كاشف الغطاء الى مكتبة الاميني (رضوان الله عليه) الى مكتبة الصحن الحيدري وهكذا يبحث عن السطر الواحد والكلمة الواحدة وبقي مكباً على هذا الخط والمنهج الى ان وافته المنية (رضوان الله عليه) في 17 محرم الحرام 1391 هجرية في النجف الاشرف وشيع تشيعاً حزيناً ولبست النجف الاشرف ذلك اليوم ملابس العزاء والحداد.
رثاه الكثير من الشعراء ودفن بجوار امير المؤمنين، رثاه المرحوم الشيخ احمد الوائلي في قصيدة منها: 

ايه عبد الرزاق يا الق الفكر

والروح والايمان والاخلاق

ان قبراً حللت فيه لروض

سوف تبقى فيه ليوم التلاقي

مستنيحاً عطاء ربك ارخ

رحت عبد الرزاق للرزاق

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة