ومن النساء الصادقات الموفقات لخدمة النبي (صلى الله عليه واله) هي حليمة بنت ابي ذوئيب السعدية مرضعة رسول الله وامه بالرضاعة، هناك كلمة حكمية ونسمعها دائماً نقرأها للشباب والشابات، الامهات ثلاث: ام ولدتك وام زوجتك وام ارضعتك، هذه حليمة السعدية بنت ابي ذوئيب مرضعة رسول الله فهي امه، كان النبي يصيح لها اماه.
هي من المهاجرات، من النساء المهاجرات في الاواخر مع زوجها، طبعاً هي وفدت في بادئ الامر بصحبة زوجها الحارث بن عبد العزى وهو من بني هوازن وكان معها رضيعها وهو عبد الله بن الحارث وهو رضيع وكان مع حليمة السعدية نساء يقال انهم كانوا عشرة والبعض يقول اقل وهؤلاء العشرة كن مرضعات ووصلن الى مكة ليقدمن خدمة للاطفال الرضع لأن تلك السنة كان جفاف وقحط عم المنطقة فأتين من باب الاسعاف او تقديم خدمة مثل الان اطباء بلا حدود، من هذه المنظمات، وصلن الى مكة ليسعفن بعض الامهات اللاتي يواجهن عجزاً او ضعفاً في تغذية اطفالهن وفي نفس الوقت لا تبتعد الحالة عن المكتسب التجاري، المواشي ماتت بسبب العطش وقلة البان الامهات، جاءت حليمة السعدية ومعها النساء لتقديم اولاً المعروف للاولاد الرضع، التاريخ يقول ان الرضع لم يناموا ليلتهم من البكاء بسبب ذلك فوصلت حليمة السعدية الى مكة ومعها النساء وكل مرضعة اختارت لها طفلاً رضيعاً ترضعه الى جانب ولدها، حليمة السعدية ما حصلت مرضع وكان النبي (صلى الله عليه واله) آن ذاك رضيعاً ورفضن النساء ارضاعه لأنه يتيم، قلت هو معروف ولكن في نفس الوقت فيه جنبة تجارية، كل واحدة اخذت طفلاً ترضعه الا حليمة السعدية لم تحصل على طفل لترضعه ولم يوجد احد يرضع النبي لكن حليمة السعدية شعرت بالضيق فخاطبت زوجها الحارث وقالت: اني اكره وانا بين صويحباتي ولا ارضع رضيعاً والله لأذهبن الى ذلك اليتيم وارضعنه، سبحان الله التوفيق نطق على لسانها ورحب زوجها الحارث بذلك وقال عسى ان يجعل الله ذلك لنا خيراً. من هذه القرائن نعرف ان حليمة السعدية وزوجها من الموحدين لله وعلى دين ابراهيم الخليل ولانعرف ما وضع باقي النساء لكن هذه موحدة وهذا نبي لا يرضع الا طاهراً، "اشهد انكم كنتم نوراً في الاصلاب الشامخة" لذلك لربما السر الغامض انه لن تقبله تلك النساء الا حليمة السعدية.
تقول حليمة فجئت الى امه آمنة واخذته منها ووضعته في حجري وعرضت عليه صدري فأختار ثدي الايمن وترك الايسر لرضيعي عبد الله وكان يشرب هو وولدي حتى ارتويا فشيئاً فشيئاً اخذنا ندرك ما نزل علينا الخير والبركة حتى ان زوجي قام الى الناقة فأذا ضرعها ملئ باللبن وحلب منها ماشاء وشربنا وارتوينا واتسع الامر بركة اكثر حتى عدنا الى منطقتنا ولم نزل نرى زيادة يوماً بعد يوم وكانت مواشينا تعود الينا عصراً وهي شباع وقد امتلأ ضرعها باللبن، اصلاً عرب شبه الجزيرة، العالم العربي ماهو قيمته لولا رسول الله، رسول الله انقذه بالمعرفة وانقذه بالبركة وانقذه بكل الطافه ونفحاته وفيوضاته، الزهراء (سلام الله عليها) في خطبتها تقول ما انتم تشربون الطاق وتأكلون الجعل، اذا كان عندكم فخراً ومجداً هو عن طريق النبي لكن ساء ما جازوا النبي، باعوا ابن عمه بأبخس ثمن.
تقول حليمة السعدية كنت احس بهذا الرضيع وهو رسول الله (صلى الله عليه واله)، كنت اشعر بهذا الرضيع يشب اكثر مما عليه بقية الغلمان يعني حالة النمو العضوي فلم يبلغ سنتين حتى شب واشتد عوده وكنت اشعر بجماله وكماله وفصاحة لسانه، اذا سمعت الشعر:
بلغ العلا بكماله كشف الدجى بجماله...
تقول حليمة رضوان الله تعالى عليها وكنت اسمعه يردد قدوس قدوس، وتقول اعطيته مرة وهو ابن ثلاث تمرة فرفضها وقال: اني لا آكل الصدقة.
تقول حليمة وبعد اشهر حملته الى امه فقال امه آمنة ما اقدمك به وانت حريصة عليه فقلت لها انني تخوفت عليه من الحساد ثم قالت لها وهذه نسميها الدلائل الاول عن شخصية الرسول، تقول لها ان عدداً من علماء النصارى كانوا يركزون عليه وسألوني مراراً ما اسمه؟ من امه؟ من ابيه؟ تقول سمعتهم يقولون بأن هذا الرضيع سيكون له شأن عظيم ونحن نعرف امره، طبعاً هذا موجود في التوراة والانجيل والمزامير، قرأه هؤلاء ولكن في التالي اليهود غيروا التوراة والانجيل ولعبوا به ولكن يقولون الان ان انجيل برنابا هذا من الحواريين، هذا الذي كتب الانجيل، يقولون لحد الان نسخة منه في مكتبة المرعشي النجفي رحمه الله في قم وكانت نسخة منه موجودة في مكتبة الاميني ولكن سرقت او غيبت او اخذها صدام.
تقول كانوا يرغبونني، علماء النصارى ارادو مني بيعه لهم، نشتريه بأي مبلغ، نحن نريده ونأخذه الى بلادنا في الحبشة فتقول حليمة لآمنة تقول خفت عليه فقالت آمنة يا حليمة انك تخوفت عليه من الشيطان ولكن والله ما للشيطان عليه من سبيل واخذت آمنة تروي لحليمة السعدية ما شاهدته من الحالات الغريبة والكرامات المهمة ايام حمل النبي، عند ولادته، ما الذي رأته بعد ولادته.
النبي (صلى الله عليه واله)، قلت في بداية الحديث الامهات ثلاث: ام اولدتك، ام ارضعتك وام زوجتك، ما كان النبي يغفل عن ذكر حليمة ويسميها اماه.
لما تزوج النبي بخديجة وشاع خبره فسمعت حليمة واتت لرسول الله تبارك له وما ان شاهدها النبي حتى فرح واستبشر ورحب بها قائلاً: امي امي حتى فرش النبي رداءه واجلسها عليه وكانوا ذلك اليوم يعانون من الجدب فأعطاها النبي (صلى الله عليه واله) اربعين شاة وبعيراً، بعد ذلك ترددت على النبي واسلمت هي وزوجها واخيراً هاجرت الى المدينة بعد ما هاجر النبي مع زوجها ومكثت في المدينة المنورة حتى توفيت بعد السنة الثامنة من الهجرة، يبدو ان ذلك في حياة الرسول (صلى الله عليه واله)، هكذا يقول التاريخ توفيت بعد السنة الثامنة من الهجرة بعد ان عمرت دهراً طويلاً يعني هي من النساء المعمرات ودفنت في البقيع، تغمدها الله بواسع رحمته والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******