البث المباشر

منصور بن سلمة النمري النزاري

الأربعاء 27 فبراير 2019 - 12:15 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- مع الصادقين: الحلقة 569

ومن خدمة اهل البيت وشعراء اهل البيت وانصار اهل البيت في الكلمة وفي الاصعدة الاخرى جهاداً هو شاعر اهل البيت منصور بن سلمة النمري النزاري والذي نبش قبره بسبب نصرته للائمة وللزهراء صلوات الله وسلامه عليها، انظر كيف تختلط الاوراق وكيف تختلط الامور ويصبح من الصعب على الانسان ان يشخص الحقائق بعجلة وانما ينبغي ان يتأنى، هذا منصور النمري وجه واسع من حياته وتاريخه يكشف انه من شعراء البلاط العباسي، طيب اذا كان من شعراء البلاط العباسي كيف اعلن هارون الرشيد جوائز بالتالي للعثور عليه وما حصله وعرف بعد سنين انه مات فأعطى الجوائز لمن يدل على قبره فجاء الى قبره ونبشه ونشر عظامه، كيف هذا؟ طيب انا ارويه بشكل مقتضب وسريع، هذا احد شعراء الشيعة المهمين الذي عمل بالتقية، التقية ما هي؟ الرخصة، الرخصة ان يظهر الانسان عكس ما يبطن لسلامة هدفه ولنجاحه بالمهمة وطبعاً لا لغرض شخصي بل لغرض يرتبط بالمبدأ وبالعقيدة وبالهدف فيمكن للانسان ان يتظاهر بأشياء ويموه على خصمه، احد الذين عملوا بالتقية هذا منصور النمري، طيب كيف اصبح شاعراً من شعراء البلاط العباسي؟ اروي على شكل مجمل، يوم من الايام يأتي وفد الى هرون الرشيد من منطقة اصابها القحط والفقر فأتوا الى الخليفة يريدون مساعدتهم وانصافهم واعطائهم شيء من المال وكان عددهم مئة نفر ومن ضمنهم النمري رحمه الله وهذا رجل فصيح وبليغ وعنده استعداد ذاتي فلما جاء هذا الوفد من مئة نفر ما سمح كبير التشريفات الا لنصف منهم واذا بعد يومين سمح لعشرة بالتالي سمح لنفرين فقط لأن الخليفة ينزعج فأنتخب اثنان من الوفد كان احدهم منصور النمري، منصور بن سلمة النمري النزاري فلما دخلا على الخليفة اول ما تكلم منصور بعد ان سألهم الخليفة ما تريدان؟ قال منصور: 

ما تنقضي دمعة مني ولا جزع

فتأثر الرشيد وقال اكمل

ما تنقضي دمعة مني ولا جزع

الا ذكرت شباباً ليس يرتجع

واذا بالرشيد دخلت هذه الكلمات في نفسه واستمر منصور يقول: 

ما كنت اوفي شبابي كنه عزته

حتى مضى فأذا الدنيا له تبع

ليس هناك اغلى من الشباب واثمن من الشباب وكل شيء يعوض الا الشباب تقول الروايات ان الرشيد بكى وهذه صعوبة لأن هؤلاء قتلة قساة يعني واحد من اهل العراق او من العالم يقولون له: ان الصدام بكى! يقول غير معقول لأن هذا لا يعرف الرحمة، لكن احياناً تكون الكلمة لها وقع وان كان لو نجمع الف هارون الرشيد لم يكونوا شعرة في جلد صدام، بكى الرشيد وسأله: ما اسمك؟ 
قال: انا منصور النمري.
فقال الرشيد: يا نمري لا خير في دنيا لا يخطر فيها بحلاوة الشباب ويستمتع بأيامه ثم سأله ما هي محنتكم احكي لي؟ فأخذ يقول بالشعر:

ركب من النمر عادوا بأبن عمتهم

من هاشم اذ الح الازلم الجزع

منوا اليك بقربى تعرفها لهم منك

فيها في سنام المجد مصطنع

ان المكارم والمعروف او دية

احلك الله منها حيث تنتفع

فتأثر الرشيد وقال: ما حاجتكم؟ 
قال: خربت الديار وراحت الاموال فأمر الرشيد وكتبوا لهم بأموال وهنا قال الرشيد هذه عشرة الاف لك وانت ابقى عندي فأصبح يعرف بشاعر البلاط لكن الرجل في باطنه مشحون بالايمان وبنصرة اهل البيت.
الشريف المرتضى اعلا الله مقامه له كتاب اسمه الامالي يقول: ان منصور النمري كان يمدح الرشيد بشعر لكن لا يقول الرشيد بل يقول هارون، هو كان ينوي بهارون الامام علي صلوات الله وسلامه عليه. 
النبي قال: يا علي انت مني بمنزلة هارون من موسى فكان يوهم على الرشيد اني اعنيك مثلاً يقول: 

آل الرسول خيار الناس كلهم

وخير آل رسول الله هارون

فكان الرشيد يظن هو، هارون الذي يخاطبه النبي ياعلي انت مني بمنزلة هارون من موسى ثم يقول: 

رضيت حكمك لا ابغي به بدلاً

بأعتبار ان علياً مع الحق صلوات الله وسلامه عليه.

رضيت حكمك لا ابغي به بدلاً

لأن حكمك بالتوفيق مقرون

سنوات هكذا، انظر كيف تختلط الاوراق، هذا كان يأخذ الهبات من الرشيد وخصوصاً انشد قصيدة لامية فيها الكثير من الحكم التي من جملتها: 

ارى شيب الرجال من الغواني

بموضع شيبهن من الرجال

ومرة استلذ منه قصيدة قام وجلس ثلاثاً الرشيد، القصيدة مطلعها، في الحكمة والعبرة: 

ان المنية والفراق لواحد او

توأمان تراضعا بلبان

المهم هنا نأتي الى الصفحة الثانية من حياة هذا الرجل، يوم من الايام في ندوة ادبية وصار الحديث والشعر فقال الرشيد ليت النمري حاضراً يعني تمنى ان يكون النمري حاضراً فأذا بأحد الشعراء حاقداً على النمري وعدو لدود لأهل البيت جلس عند الرشيد وهمس في اذنه وقال انت مأخوذ بالنمري فقال: كيف؟ 
قال: هذا يتدين سراً بحب ال علي ويخفي عداءه لكم وهذا لما يذكر اسم هارون في قصائده يقصد بذلك علي ابن ابي طالب واذا الرشيد انتفخ وانتفخ وكاد ان ينفجر ثم هذا صب الزيت اكثر وقال اتعلم ان لهذا شعر في الزهراء فاطمة؟ في مظلوميتها؟
هنا انفجر الرشيد وقال: اقرأ لي من شعره.
فقال: انا احفظ مقاطع من شعره في مظلومية اهل البيت:

شاء من الناس راتع هامل

يعللون الناس بالباطل

تقتل ذرية النبي ويرجون

جنان الخلد للقاتل

ويحك يا قاتل الحسد...

واذا بالرشيد يقول عجيب هذا سنوات يتردد علي واعطيه الاموال يقصد بهارون علي ويذكر مظلومية الزهراء فقال: نعم.
ان قضية الزهراء ومظلومية الزهراء استمرت الى يومنا هذا وتمثل خطاً او عنصراً من عناصر المواجهة فكما يعمد اهل البيت واتباعهم على تكريسها ونشرها، الخصم او الطرف المقابل يعمل على تضييعها. قال ماذا يقول منصور في الزهراء؟ قال هذا شعره: 

مظلومة والنبي والدها

نذير ارجاء مقلة حافل

الا مصاليت يغضبون لها

يا للمصاليت والقنا الذابل

ففقد الرشيد صوابه وكان يصرخ مستهتراً: ويل ابن الزانية يظهر موالاتنا ويبطن عداءنا واعلن الجائزة لمن يلقي القبض عليه وجند فرقة خاصة تبحث عنه الى ان بعد سنين جاء الخبر ان هذا مات، طيب مات هل يخلص؟ لا عيناً مدرسة الخوارج وبني امية لما نبشوا القبور يبحثون عن امير المؤمنين والى يومنا هذا يهدمون قبور اهل البيت واتباع اهل البيت، المدرسة هي المدرسة، فأدلوه على قبر منصور فأوفد رجالاً نبشوا القبر واستخرجوا عظامه وضيعوا اثار القبر.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة