البث المباشر

احمد بن الحسن المشهور بالناصر لدين الله العباسي

الأربعاء 27 فبراير 2019 - 09:50 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- مع الصادقين: الحلقة 555

ومن مصاديق الصادقين ورجالاتهم هو المرحوم احمد بن الحسن المشهور بالناصر لدين الله العباسي رحمه الله.
هو من مواليد بغداد عام 553 هجرية وهو من آل العباس لكنه مصداق واضح لقوله تعالى: «يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ»، هذا البطل الناصر لدين الله العباسي، هذا الرجل المتيقظ تولى الحكم وهو ابن الثالثة والعشرين عاماً ورغم التاريخ الاسود والسيء لآل العباس مع اهل البيت بالذات ومحبيهم الا ان هذا الرجل تمرد على كل ذلك اظهر تشيعه وحبه لآل البيت (سلام الله عليهم) وقام بخطوات جبارة طوال حكمه الذي امتد ستة واربعين عاماً وللعلم انه الوحيد الذي حكم هذه المدة الطويلة، ما يقارب خمسة عقود من الزمن، هذا الرجل اظهر تشيعه بشكل واضح وصريح وحبه لأهل البيت، في عهده خطوات جبارة له في ايام حكمه مثلاً حصلت خمسين سنة حالة الامن لزوار العتبات المقدسة بالخصوص الكاظمية بعد ما كان الزوار يتعرضون للقتل والسلب والنهب من اعداء اهل البيت، الناصر لدين الله العباسي كان عالماً ومثقفاً وشاعراً وكاتباً وقد صنف العديد من الكتب ومن اشهرها كتاب في فضائل اهل البيت وهذا الكتاب ذكره عدة كتاب وفي مقدمتهم المرحوم السيد ابن طاووس في كتابه اليقين قال عنه بأنه كتاب مهم ومأثور وايضاً يقول عنه السيد محسن الامين العاملي لما يترجم الناصر بالله العباسي يقول انه من خيار الشيعة ولم يكن في اهل بيته من يتشيع غيره وكان كريم النفس، قوي الشخصية، مهاباً مطاعاً وكان يفتح بيته، هذا الكلام للسيد محسن العاملي في كتابه الاعيان يقول وكان يفتح بيته للضيوف وكان اذا اطعم اشبع واذا ضرب اوجع ويقول عنه ايضاً السيد محسن الامين العاملي انه كان اسد بني العباس يعني اسد يحكي شجاعته وصرامته، ولايزال الكلام له، وتتصدع لهيبته الجبال وكان دمث الخلق، لطيف الطبع فصيح اللسان، بليغ البيان، حذر كل الحذر في خطواته، مثلاً يذكرون ان احدى عينيه فقدت البصر سنوات عديدة ولم يعرف بذلك اولاده وزوجته الا احدى جواريه التي كان يبدو ان لها مكانة خاصة عنده فأستعان بها وعلمه خطه وتوقيعه وكان يستعين بها سراً وبطبيعة الحال يعني كحاكم وفي هذا الموقع يمر بهكذا ظروف ويتعامل معها بهذا الحذر، يقول عن الناصر لدين الله العباسي انه كان يباشر امور الرعية بنفسه وكان يعس بالليل لمعرفة اخبار البلد واهله واستطاع في ايام حكمه ان يستعيد بيت المقدس وساحل الشام من سلطة الافرنج ويقول عنه المرحوم القاضي نور الله في كتابه مجالس المؤمنين يقول كان الناصر لدين الله من افاضل الخلفاء ذا خاطر وقاد، متبحراً في العلوم، شجاعاً قوياً وتشيعه شائع ولابد من ان اذكر بأن هناك من نسب اليه تهم وشبهات لكن يبدو بوضوح بأنها ردة فعل لمواقفه الشديدة وولاءه القوي لأهل البيت عليهم الصلاة والسلام خصوصاً كونه من عائلة، اسرة العباسيين التي عرفت بعداءها المزمن لأهل البيت، في هذا الاطار اذكر هذه الحالة، يقولون ان ابن عبيد الله نقيب الطالبيين كتب الى الناصر لدين الله العباسي، كتب له انه بلغنا انك تراجعت عن مذهب التشيع فأن كان ذلك صحيحاً فأعلمني واذكر لي السبب، فأجابه الناصر بأبيات جميلة جداً، ابيات يتكلم فيها عن اهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم ويريد ان يقول انني استنرت بآل البيت، يقول: 

يميناً بقوم اوضحوا منهج الهدى

وصاموا وصلوا والانام نيام

اصاب بهم عيسى ونوح بهم نجا

وناجا بهم موسى واعقب سام

لقد كذب الواشون فيما تخرصوا

وحاشا الضحى ان يعتريه الظلام

يقول له: هل تصدق انني بعد ما تعرفت على الوضوح وانجلى لي النور من الظلمة ان ارجع الى الظلمة، واقعاً جواب جميل.
لقد كذب الواشون، يوم سألني احداً في مطار اوربي قال سيدنا هل صحيح ان التيجاني رجع عن التشيع؟ 
قلت: هذا غير معقول الذي يرجع هو من الاول كاذب اما من يتشيع عن حقيقة ووعي لماذا يتراجع، يقول: 

لقد كذب الواشون فيما تخرصوا

وحاشا الضحى ان يعتريه الظلام

طيب الناصر لدين الله العباسي هو الذي بنى سرداب الغيبة في سامراء وزينه بأفخم النقوش وهو الذي امر ان تكتب على باب سرداب الغيبة هذه الاية «قُل لّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى» كما نقش على الباب تاريخ البناء واسماء المعصومين الاربعة عشر وفي زيارتي الى سامراء زرت سرداب الغيبة بعد انقطاع ثلاثين عاماً ووجدت هذه الكتابات والنقوش موجودة لكن هؤلاء زاد الله عذابهم واخزاهم هدموا هذا السرداب اذكر ان سرداب الغيبة هو بيت سكن لثلاثة من الائمة وهم الامام العسكري والامام الهادي والامام الحجة الغائب طبعاً الامام الحجة ولد في هذا البيت، معظم الائمة مواليد الحجاز، حجازيون لأن من ولد في بلد هو ابن ذلك البلد اما الامام المهدي والذي هو امل الوجود كله فهو عراقي، الامام المهدي، الامام الحجة الغائب هو عراقي من مواليد سامراء وولد في هذا البيت الذي يسمى سرداب الغيبة اما معنى الغيبة يعني الامام توارى عن الانظار وليس هناك في الشيعة من يعتقد او يقول بأن الامام غاب ونزل في حفرة والى ذلك هذا ما له صحة، قلت هذا البناء كان قائماً الى عام 1426.
كان الناصر لدين الله العباسي اضافة الى ما ذكرت كان حاكماً عادلاً، كاتباً، لبقاً، مقاتلاً، وكان ايضاً شاعراً يجيد الادب وله مقاطع من الشعر مثلاً من شعره في آل الرسول صلوات الله عليهم قوله:

قسماً بمكة والحطيم وزمزم

والراقصات ومشيهن الى منى

بغض الوصي علامة مكتوبة

تبدو على جبهات اولاد الزنا

لما ذكرت انه تعرض الى تهم وشبهات كان ثمناً لكلامه وشعره لأن من يدافع عن اهل البيت عليه ان يستعد لوابل من التهم:

قسماً بمكة والحطيم وزمزم

والراقصات ومشيهن الى منى

بغض الوصي علامة مكتوبة

تبدو على جبهات اولاد الزنا

من لم يوالي في البرية حيدراً

سيان عند الله صلى ام زنا

الناصر لدين الله العباسي يأخذ هذا المعنى من قول النبي (صلى الله عليه واله) للامام علي عليه آلاف التحية والثناء، يا علي لايحبك الا ولد حلال ولايبغضك الا ولد حرام، احد احفاد صلاح الدين الايوبي اسمه علي، كتب للناصر يقول له ابي اوصى لي بالحكم من بعده وطردني اقربائي فرد عليه الناصر بأبيات جميلة يقول: 

وافى كتابك يابن يوسف ناطقاً

بالصدق يخبر ان اصلك طاهر

غصبوا علياً حقه اذ لم يكن

بعد النبي له بيثرب ناصر

فأصبر فأن غداً عليه حسابهم

وابشر فأن ناصرك الامام الناصر

يقول: انا انصرك، توفي الناصر لدين الله العباسي عام 622 بمرض عضال ودفن في بغداد، تغمده الله بواسع رحمته والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. 

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة