موضوع البرنامج:
وصية مهدوية بالحذر من الشك
حوار مع الشيخ علي الكوراني حول ما هو الدين الجديد الذي يأتي به الامام
يا ليت أني لم أطلب سواه

******

لعمرك يابن العسكريّ إليّة

وتلك لعمر الله من أعظم الحلف

لقد ذاب حبّ القلب من فرط وجده

وقد كلّ عن تحديقه رايق الطّرف

يمثّلك الشّوق الملحّ فأنثني

على مثل وقد الجمر أو فجأة الحتف

فحتّى متى روحي الفدا لك غائباً

أحبّاه قد سيمت على خطّة الخسف

ترابيه طول الدّهر صبّا وزلفة

إليه كما رابى أخو الصّبّ للخشف

*******

الحمد لله ذي الاناة الذي لا يعجل والصلاة والسّلام على خلفائه في أرضه محمد وآله الطاهرين.
طليعة هذه الحلقة كانت أبياتاً في التشوّق للطلعة المهدوية الرشيدة تفجّرت بها قريحة الأديب الولائي حسين القزويني النجفي المتوفّى سنة ۱۳۳۰ للهجرة المباركة.
ونشير أحباءنا الى أن معنى كلمة (إليّه) الواردة في البيت الأول هو الحلف والقسم المغلّظ، فالاديب يبدأ خطابه الشّعري بهذا القسم المهمّ تأكيداً لصدق شوقه أمّا الفقرات الأخرى في هذه الحلقة فهي:
- وصية مهدوية بالحذر من الشك
- ما هو الدين الجديد الذي ياتي به الامام
- وحكاية عنوانها: يا ليت أني لم أطلب سواه

*******

ايها الأعزاء منذ عدّة حلقات نسعى معاً لمعرفة وصايا إمام العصر المهدي (أرواحنا فداه) للمؤمنين وهذا من الموضوعات المهمة التي ينبغي ان يوليها المؤمنون إهتمامهم البالغ، وهذا ما نتابعه في الفقرة التالية التي إخترنا لها في هذه الحلقة العنوان التالي:

حذار من الشك في دين الله

قال مولانا الحجة المهدي أرواحنا فداه في أجوبته عن أسئلة إسحاق بن يعقوب المروية في كتاب الاحتجاج: وأما ندامة قوم شكّوا في دين الله على ما وصلونا به، فقد أقلنا من استقال فلا حاجة الى صلة الشاكّين، وأما علّة ما وقع من الغيبة فإنّ الله عزّ وجلّ يقول: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَاء إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ»، إنه لم يكن أحد من آبائي إلا وقد وقعت في عنقه بيعة لطاغية زمانه وإني أخرج حين أخرج ولا بيعة لأحد من الطواغيت في عنقي.
الوصية الأولى: التي نستفيدها ايها الأعزاء من الكلمات النورانية المتقدمة هي أن يتحّرى المؤمنون الانطلاق من منطلق اليقين فيما يرتبط بالأعمال العبادية وغيرها التي يقومون بها في سبيل الله وصلة لبقيته المهدي عجّل الله فرجه.
فالفقرة الاولى من النصّ المتقدم تصرّح بأن الامام أرواحنا فداه لا يقبل صلة من الشاكّين في دين الله فقد اغناه الله عزّ وجلّ عن ذلك. هذا من جهة ومن جهة ثانية فأيّ عمل صالح يقوم به الانسان وهو شاكّ في صحته وشرعيته لن يكون نافعاً له نفسه ولن يحصل على بركاته الحقيقية ولذلك قدّمت الآيات الكريمة دائماً الايمان على العمل الصالح.
وعليه يتّضح أن إمام زماننا (أرواحنا فداه) يوصينا ومن هذا المنطلق القرآني بأن نبحث أولاً عن اليقين بصحة أيّ عمل صالح ونؤمن بذلك ونرسّخ الايمان به كمقدمة لازمة للقيام بالعمل.
أما الوصية الثانية: أحباءنا في المقطع المتقدم فهي أيضاً ذات منطلق قرآني ذكره الحجة المهدي (عليه السّلام) في جوابه، وهي امتناع المؤمنين عن الخوض العقلي في استعلام أشياء تؤدّي معرفتهم بأسرارها الى إيذائهم روحياً أو الى عرقلة حركتهم التكاملية.
وهذه القاعدة العامة طّبقها الامام (عليه السّلام) على قضية علّة الغيبة، فينبغي فيها الاكتفاء بما ذكرته أحاديث أئمة الهدى عليهم السّلام ومنها العلة التي ذكرها (سلام الله عليه) في تتّمة المقطع المتقدم أي قوله: إنّه لم يكن أحدٌ من آبائي إلاّ وقد وقعت في عنقه بيعة لطاغية زمانه، وإني أخرج حين أخرج ولا بيعة لأحد من الطواغيت في عنقي.

*******

جعلنا الله وإياكم ايها الافاضل من خيرة العاملين بنيّة صادقة بوصايا إمام زماننا أرواحنا فداه، اللهّم آمين، أما الآن فننقل الى الفقرة التالية التي يجيب فيها خبير البرنامج سماحة الشيخ علي الكوراني عن أسئلتكم.

ما هو الدين الجديد الذي يأتي به الامام

المحاور: بسم الله الرحمن الرحيم، سلام عليكم من الله تبارك وتعالى احبائنا وسلام على خبير البرنامج سماحة الشيخ علي الكوراني، سلام عليكم.
الشيخ علي الكوراني: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
المحاور: سماحة الشيخ من البحرين الاخت الكريمة كريمة محمد تسأل تقول قرأت في حديث للامام الباقر عليه السلام ان الامام المهدي عليه السلام يأتي عند ظهوره بدين جديد فأثار ذلك هذا السؤال في ذهني وهو أليس حلال محمد صلى الله عليه وآله وحرامه ثابتين الى يوم القيامة فما معنى ان يأتي الامام المهدي عليه السلام بدين جديد؟
الشيخ علي الكوراني: بسم الله الرحمن الرحيم، ورد في مصادر الطرفين انه انما سمي المهدي مهدياً لأنه يهدي الى امر قد دثر وضل عنه الجمهور يعني نسي وورد كذلك المجددون للدين ليس بمعنى انهم يأتون بدين جديد، انهم يعلمون الناس الاحكام ويطبقونها لأنه ابتعد المسلمون عن الاسلام، يأتي احد ويطبق العدل الاسلامي واحكام الاسلام يكون هذا دين جديد في الواقع، جديد ليس بمعنى ان احكامه غير احكام دين رسول الله صلى الله عليه واله، جديد عليهم لأنهم ذهلوا، جديد عليهم لانهم ما تعلموا تطبيقه بهذا المعنى، هذه من ناحية، الامام المهدي صلوات الله وسلامه عليه يجدد دين جده يحيي دين جده بهذا المعنى الدين الجديد الذي يأتي به وعنده عهد معهود من رسول الله صلى الله عليه واله واحكام خاصة لم يكن من المصلحة ان النبي صلى الله عليه واله ان يلقيها على الناس في ذلك الوقت اوكلها الى الامام المهدي سلام الله عليه مثلاً عندنا الامام المهدي يحكم بالارث بيين الاخوة في الاضلة يعني في عالم قبل خلقنا عندما تعارف الناس وتناكروا، الارواح جنود مجندة الذين تعارفوا في الاضلة اخوة هؤلاء يريد التوارث بينهم وليس على الانساب، حكم شرعي، الامام يعرف منهم الاضلة يورثهم ويحكم بالوراثة بينهم وهذا نعم حكم جديد اذن معنى ان الامام يأتي بدين جديد انه يحيي دين جده وبعض الاحكام التي عهد بها اليه جده رسول الله صلى الله عليه واله هذه الاحكام ايضاً يطبقها على الناس.
المحاور: ولكن في بعض الروايات التي تقول بأن الامام المهدي سلام الله عليه يعلم القرآن كما انزل، هل ان المعنى الذي تفضلتم به يشمل هذا النوع ايضاً من الروايات؟
الشيخ علي الكوراني: موضوع القرآن موضوع وحي عندنا نصوص تدل على ان القرآن الذي كتبه امير المؤمنين عليه السلام بأمر رسول الله صلى الله عليه واله وبتوجيهه هذا القرآن عرضه امير المؤمنين على جماعة السقيفة ما قبلوه فجاء الى المسجد وقال لهم لقد اثقلوا لامر ما جاء ابو الحسن ففي وسط الحلقة قال: ان النبي اوصاكم بالقرآن وبالعترة وهذا القرآن وانا العترة في ثوب اصفر وضعه وسطهم، بهتوا قالوا لا نحن نجمع القرآن اذ خافوا منه وهذه النسخة جمعها امير المؤمنين عليه السلام وقالوا: والله لن تراه امرني رسول الله ان اتم الحجة عليكم قبلتموه قبلتموه ما قبلتموه احتفظ به لأنه لا يمكن ان يكون قرآنيين في الامة، هذا القرآن الذي ورثه اهل البيت عليهم السلام يختلف عن نسختهم الفعلية في التأليف يعني في امكنة الآيات والسور، هذا الذي يعلمه الامام المهدي سلام الله عليه للامة نحن نعتقد ان سياق القرآن في ترتيب آياته وسوره، القرآن كما هو محفوظ لا نقول بالنقص فيه ولا بالزيادة وقرآن الامام المهدي سلام الله عليه هذا قران يختلف عن نسختنا في التأليف، ترتيب الآيات والسور هو الذي يعلمه للناس وهذا معنى انه يأتي بقرآن جديد.

*******

لازلنا معكم أحبائنا الافاضل وبرنامج شمس خلف السّحاب، ويحين الآن موعدكم مع حكاية أخرى من حكايات الفائزين بالاغاثة المهدوية، إخترنا لحكاية هذه الحلقة العنوان التالي:

يا ليت أني لم أطلب سواه

أيها الأخوة والأخوات من الحالات المهمة التي يفوز بها المؤمنون برؤية الطلعة المهدوية الرشيدة هي التي يستغيثون فيها الى الله عزّ وجلّ بوليّه وبقيته في أرضه الحجة المهدي ويتوسّلون به (أرواحنا فداه) الى الله جلّت قدرته للنجاة من الشدائد خاصة عند إنقطاع الاسباب بهم أو عند التيه في الصّحاري وغيرها.
وقد نقلت مصادرنا المعتبرة كثيراً من الشواهد على هذه الحقيقة منها ما نقله آية الله الميرزا النوري في كتاب جنة المأوى في ذكر من فاز بلقاء الحجة في الغيبة الكبرى، عن كتاب خير المقال للعالم الفاضل صاحب كتاب النور المبين في الحديث النبوي السيد علي خان المشعشعي الحويزي رضوان الله عليه المتوفى سنة ۱۰۸۸ للهجرة وقد نقل الميرزا النوري قدّس سرّه عن السيد علي خان حادثتين نقلهما الأخير مباشرة عن أصحابها، ننقل لكم أعزاءنا الافاضل الأولى في هذه الحلقة فيما نوكل نقل الثانية الى الحلقة المقبلة بأذن الله تبارك وتعالى.
قال العالم الجليل السيد علي خان الحويزاوي في كتاب خير المقال عند ذكر من رأى القائم المهدي (سلام الله عليه) قال: فمن ذلك ما حدّثني به رجلٌ من أهل الايمان ممّن أثق به أنّه حجّ مع جماعة على طريق الإحساء في ركب قليل، فلّما رجعوا كان معهم رجلٌ يمشي تارة ويركب تارة.
فأتفّق أنهم أولجوا في بعض المنازل أكثر من غيره ولم يتّفق لذلك الرجل الركوب، (أي أنهم ساروا بين منزلين مسافة طويلة لم يتسن لذلك الرجل ركوب الدابّة بل طوى المسافة مشياً فاشتدّ تعبه بسبب ذلك).
فلّما نزلوا (في بعض منازل الطريق) للنوم وإستراحوا: ثم رحلوا من هناك لم ينتبه ذلك الرجل (من نومه) من شدّة التعب الذي أصابه ولم يتفقدوه هم وبقي نائماً الى أن أيقظه حرّ الشمس!
ويتابع ايها الأفاضل السيد علي خان في كتابه خير المقال عن صاحبه المؤمن نقل ما جرى لذلك الحاج قائلاً: فلما إنتبه لم ير احداً (من أفراد القافلة)، فقام يمشي وهو موقن بالهلاك، فأستغاث بالمهدي (عليه السّلام)، فبينما هو كذلك (في حالة من الانقطاع والاستغاثة الى الله بولية بقية الله): فاذا هو برجل في زيّ أهل البادية راكب ناقته، قال الحاج:
قال لي: يا هذا أنت منقطع بك؟
فقلت: نعم.
فقال: أتحبّ ان ألحقك برفقائك؟
قلت: هذا والله مطلوبي لا سواه!
فقربّ مني وأناخ ناقته وأردفني خلفه ومشى فما مشينا خطىً يسيرة إلاّ وقد أدركنا الركب، فلما قربنا منهم أنزلني وقال: هؤلاء رفقاؤك، ثم تركني وذهب.
إنتهى أعزاءنا الافاضل ما نقله العالم الفاضل السيد علي خان من قصة هذا الحاج في كتابه خير المقال، ونختم نقلنا لها سؤال هو: عن جواب الحاج عن سؤال منقذه: أتحبّ أن ألحقك برفقائك حيث قال: هذا والله مطلوبي لا سواه؟ لماذا حصر مطلبه بهذا الأمر ولم يترك الأمر لكرم السيد المنقذ؟ لا ينبغي لأية شدة مهما كانت أن تستحوذ على كلّ همّ المؤمن فتصرف ذهنه عمّا هو أهمّ منها وبهذا السؤال والملاحظة نختم هذه الحلقة من برنامج شمس خلف السحاب الى موعد لقائنا المقبل نستودعكم الله بكل خير والسّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

*******