موضوع البرنامج:
معرفة الحسين ونصرة المهدي
انصار المهدي ومظلومية الحسين
دهى الكون خطب فسدّ الفسيحا
وغادر جفن المعالي قريحا
أطّلت على الرّسل أشجانه
فأشجى الكليم وأبكى المسيحا
وأوقد بالحزن نار الخليل
وجلبب بالشّكل والنّوح نوحا
وغير عجيب إذا زلزلت
فوادحه عرشها والصّفيحا
حقيق قوائمه أن تميد
ففي الطّفّ أضحى حسين طريحا
وأن لا نرى الشمس بعد الطفوف
وقد غيّرت منه وجهاً صبيحا
فيا لرزاياه قد طبقّت
غياهبها أرضها والّفيحا
أبت تنجلي بسوى صارم
بنصر من الله يبدي الفتوحا
بكفّ إمام إذا مابدا
ترى الخضر حاجبه والمسيحا
يثير لتدمير آل الضّلال
كصرصر عاد من الحتف ريحا
*******
الحمد لله مبير الظالمين وناصر المظلومين ومورث الأرض عباده الصالحين والصلاة والسّلام على ختم النبيين محمد وآله الطاهرين.
السّلام على الحسين وعلى عليّ بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين وعلى الثائر بدم الحسين الموعود بالنصرة إمام العصر المنتظر وعلى أنصاره المخلصين.
أهلاً بكم في حلقة أخرى من برنامجكم شمس خلف السحاب وقد إخترنا لمطلعها أبياتاً من قصيدة حسينية للأديب الولائي المرحوم عبد الحسين شكر النجفي (رضوان الله عليه).
في هذه الحلقة من البرنامج لمجموعة من وصايا إمام زماننا المهدي (عجّل الله فرجه) نسعى معاً للوصول إليها من خلال التدّبر ببعض فقرات زيارته المشهورة لجسده الحسين (عليه السّلام) المعروفة بأسم زيارة الناحية المقدسة.
وهذه الوصايا ترتبط بواجبات أنصار المهدي تجاه قضية سيد الشهداء (عليه السّلام).
*******
وخبير البرنامج في هذه الحلقة سماحة السيد محمد الشوكي للإجابة عن بعض أسئلتكم، والفقرة التالية التي تحمل العنوان التالي:
معرفة الحسين ونصرة المهدي
قال مولانا الامام الحجة المهدي (أرواحنا فداه) في زيارته لجده الحسين الشهيد (عليه السّلام:(
السّلام عليك سلام العارف بحرمتك، المخلص في ولايتك المتقّرب الى الله بمحبتك، البريء من أعدائك. سلام من قلبه بمصابك مقروح ودمعه عند ذكرك مسفوح، سلام المفجوع الحزين الواله المستكين، سلام من لو كان معك بالطفوف لوقاك بنفسه حدّ السّيوف، وبذل حشاشته دونك للحتوف، وجاهد بين يديك ونصرك على من بغى عليك، وفداك بروحه وجسده وماله وولده، وروحه لروحك فداء وأهله لأهلك وقاء.
الفقرة المتقدمة هي جزء من الزيارة التي رواها الشيخ المفيد (رضوان الله عليه) كما ذكر صاحب البحار، التي عرفت بزيارة الناحية المقدسة والتي يؤكد أهل المعرفة على زيارة مولانا الامام الحسين (عليه السّلام) بها ورجّح العلامة المجلسي أنها لا تختصّ بيوم عاشوراء وقال آية الله السيد أحمد المستنبط (قدس سره:(
لا تدل رواية زيارة الناحية المقدسة أن قرائتها تختصّ بيوم عاشوراء وعلى أيّ حال، فإنّ الفقرة المتقدمة من زيارة إمامنا المهدي لمولانا الحسين (عليهما السّلام) تشتمل على عدة وصايا مهمّة للمهدويين تجاه ثأر الله الاكبر سيد الشهداء (عليه السّلام).
الوصية الأولى: هي أن يجتهد المؤمنون في التعمّق في معرفة الحسين (عليه السّلام) ومعرفة حرمته.
هذه المعرفة تشمل وعلى العديد من النواحي منها معرفة مقامات سيد الشهداء وما خصّه الله عزّ وجلّ به، وكذلك معرفة أبعاد مظلوميته من جهة وأبعاد كرامته عند الله وحرمته ومصاديقها لكي يلتزم المؤمن بحفظ هذه الحرمة وإجتناب كلّ ما يسيء اليها صغيراً كان أم كبيراً أعاذنا الله وإياكم من ذلك.
أما الوصية الثانية: فهي حثّ المؤمنين على الإخلاص في موالاة الحسين (عليه السّلام).
بمعنى أن يكون الولاء للحسين إلهياً نقياً من شوائب الرياء والسمعة وطلب الجاه وغير ذلك من الأغراض الدنيوية.
أي أن يكون الولاء بعيداً عن جميع أشكال إستغلال إسم الحسين ومظلومية الحسين (عليه السّلام) وشعائره للوصول الى غير رضا الله ورضا رسوله (صلى الله عليه وآله) الذي إستشهد الحسين من أجله.
والوصية الثالثة: هي حثّ المؤمنين على الاجتهاد في ترسيخ محبة الحسين (عليه السّلام) في القلوب، ولهذه المحبة خصوصية خاصّة يبيّنها الحديث النبوي المشهور من طرق الفريقين وهو قول النبيّ (صلى الله عليه وآله) أحب الله من أحبّ حسيناً أي أنّ محبة الحسين من أوثق أسباب محبة الله عزّ وجلّ والتقرّب إليه جلّ جلاله.
ورابعة: الوصايا المستفادة من الفقرة المتقدمة من زيارة مولانا الحجة المهدي لجدّه الحسين (عليهما السّلام) هي التأكيد على ضرورة أن يقوّي أنصار المهدي روح البراءة من أعداء الحسين (عليه السّلام) من الاوّلين والآخرين وبمختلف صورهم وأشكالهم ولا يخفى أنّ المطلوب هو البراءة العملية من هؤلاء بمختلف مراتبها.
أما الوصية الخامسة: فهي حثّ المؤمنين على صدق التفاعل الوجداني مع مصيبة سيّد الشهداء ومظلوميته (عليه السّلام) إقتداء بأمام زمانهم عجّل الله فرجه كما سنرى في فقرة لاحقة من هذا اللقاء.
*******
أما الآن فنتابع هذه الحلقة من برنامج شمس خلف السحاب مع ضيف البرنامج في هذه الحلقة سماحة السيد محمد الشوكي وبعض أسئلتكم للبرنامج:
المحاور: السلام عليكم احبائنا، شكراً لكم على جميل متابعتكم لفقرات هذه الحلقة من برنامج "شمس خلف السحاب"، معنا مشكوراً للاجابة عن اسئلتكم في هذه الحلقة سماحة السيد محمد الشوكي، سماحة السيد من الاخت زهراء الموسوي وصلتنا رسالة منها بشأن توقيعات الامام المهدي ارواحنا فداه للشيخ المفيد قدس الله نفسه الزكية، التوقيعات المشهورة فيما يرتبط بهذه التوقيعات ثلاث اسئلة محورية سألتها عنه تقول هل ان ما ورد فيها ما يرتبط بعلائم الظهور خاصة بعصر الشيخ المفيد ام انها عامة تشمل عموم العصور؟
السيد محمد الشوكي: اعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله الطيبين الطاهرين المعصومين، الحقيقة نعم هناك توقيعان في الواقع صدر من الناحية المقدسة للشيخ شيخ الطائفة الكبير المفيد رحمة الله عليه وهو من اعيان الطائفة الذين لا يخفى اسمهم على احد من الناس، روى بعض العلماء كصاحب الاحتجاج انه ورد توقيعان ومن الناحية المقدسة للمفيد رحمة الله عليه، يتضمنان مجموعة من الامور، هناك اشادة لهذين التوقيعين بمنزلة الشيخ المفيد رحمة الله عليه، هناك وصايا اخلاقية للشيعة ولاتباع مدرسة اهل البيت عليهم السلام، هناك ارشادات فيما يتعلق بالواقع الذي كان يعيشه الشيعة آنذاك والفتن المحيطة والمحيقة بهم، وهناك ايضاً جملة امور قضايا معرفية الاشارة الى اهتمام المهدي سلام الله عليه بالشيعة وبالمسلمين عامة، عدم انقطاع الاخبار عنه وعلمه بكل ما يجري على الساحة الاسلامية والشيعية بالذات، مجموعة من الامور وردت في هذا الاتجاه، حسب علمي هذا التوقيع لم يتحدث عن تفاصيل علامات الظهور، انما كان يتحدث عن بعض الاوضاع التي كان يعيشها الشيعة آنذاك وبعض الامور مثل الفتن التي حدثت هناك في زمن الشيخ المفيد رحمة الله عليه، وحتى ان هناك مجموعة من الشيعة قتلوا، ظروف معقدة ودائماً الشيعة ملاحقون مطاردون ويعيشون ضغوط متعددة، فكان هناك حديث عن هذه الفتن التي تجري في ذلك الزمان وانها سريعاً ما تنجلي ان شاء الله تعالى عنهم، وان الامام محيطهم بعنايته، لم يتحدث بحسب علمي عن هذا التوقيع الذي ذكر للشيخ المفيد بتفصيل عن علامات الظهور كالسفياني والصيحة وما شابه ذلك من علامات اخرى موجودة في الكتب الاخرى.
المحاور: بالنسبة الاخت الكريمة تسأل عن قضية بقاء بني امية الى ظهور المهدي سلام الله عليه؟
السيد محمد الشوكي: الحقيقة ان بقاء بني امية من ناحية الواقع ومن ناحية النص نتحدث عنهم، بالنسبة الى النص هناك روايات السفياني مثلاً الذي ورد في الروايات الشريفة وربما يمكن القول باستفاضته لم نقل بتواتره في الروايات الشريفة، هو سفياني اسم على مسمى لانه ينتسب الى بني امية من ناحية النسب، فهناك اذن اناس موجودون حتى ظهور القائم سلام الله عليه ينتسبون الى بني امية، كما ان هناك اقوام مشتتين وبعض العوائل او بعض العشائر تنتمي الى بني امية او الى مروان او الى آل ابا سفيان ينتمون بكل حال الى بني امية من ناحية النسب ومن ناحية الاجداد، لكن بطبيعة الحال الان وربما حتى في المستقبل لا نشهد تواجداً لهذه العشيرة ولهذا الانتماء بخلاف بني هاشم مثلاً الذين جعل الله تعالى البركة فيهم، وبنو هاشم ايضاً ما هو موجود منهم للعيان معروف وظاهر من ينتسبون الى علي وفاطمة سلام الله عليهم وهذه من بركة الله في السيدة الزهراء في الكوثر حيث نرى ذريتها موجودة في كل مكان وهي في تنامي وتزايد ولهم حضور ووجود معروفون، بني امية ليسوا كبني هاشم عائلة معروفة في الاماكن الاسلامية بنسبها، ربما اناس ضائعون بين العشائر بين الفئات، كما ان بعض العشائر لها انتماء الى بني امية من ناحية الجد ومن ناحية النسب، وهذا الانتماء والخط سوف يبقى، كما ان السفياني الذي ورد في الروايات الشريفة هو واحد من الد اعداء الامام المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف، وينتمي الى هذا البيت الاموي وهو سفياني اسم ومسمى.
المحاور: سماحة السيد محمد الشوكي، بقيت بعض الاسئلة من اسئلة الاخت زهراء الموسوي نوكلها ان شاء الله الى لقاء مقبل شكراً جزيلاً، وشكراً لمستمعينا الافاضل وهم يتابعون الاستماع الى ما تبقى من فقرات هذه الحلقة من برنامج "شمس خلف السحاب".
*******
لازلنا معكم أعزاءنا وبرنامج شمس خلف السحاب حيث نتابعه من خلال مواصلة التّدبّر في بعض فقرات الزيارة المعروفة بزيارة الناحية المقدسة وهي التي يزور بها مولانا المهدي جدّه الحسين (عليهما السّلام). والفقرة التالية التي إخترنا لها العنوان التالي:
انصار المهدي ومظلومية الحسين
قال إمام عصرنا المهدي في فقرة أخرى من زيارته لجده سيد الشهداء (عليهما السّلام):
فلئن أخرتني الدّهور، وعاقني عن نصرك المقدور، ولم أكن لمن حاربك محارباً ولمن نصب لك العداوة مناصباً فلأندبنّك صباحاً ومساءً، ولأبكينّ لك بدل الدموع دماً حسرة عليك وتأسّفاً على ما دهاك وتلهّفاً حتى أموت بلوعة المصاب وغصّة الاكتئاب.
تأتي هذه الفقرة من زيارة الناحية المقدسة بعد فقرة سابقة نقلناها في بداية الحلقة وفيها يخاطب عجّل الله فرجه سيّد الشهداء (عليه السّلام) بقوله:
(السّلام عليك ... سلام من لو كان معك بالطفوف لوقاك بنفسه حدّ السّيوف وجاهد بين يديك ونصرك على من بغى عليك وفداك بروحه وجسده وماله وولده، وروحه لروحك فداء وأهله لأهلك وقاء...).
إذن فالمستفاد من سياق الفقرة المتقدمة من الزيارة المهدوية المقدسة هذه هو أن يجتهد من يريد أن يكون حقاً من أنصار الحسين وبالتالي من أنصار المهدي (عليهما السّلام)، أن يجتهد في ترسيخ الشعور العميق بمظلومية الحسين وبأعلى درجاته، حتى يميت في نفسه كلّ مظاهر التعلّق بالدنيا وزخرفها، وهو التعلّق الذي أدّى الى وقوع الفاجعة الفظيعة.
من هنا يتّضح أنّ أنصار المهدي الحقيقيين هم الذين تترسّخ فيهم الروح الحسينية وروح الاحساس العميق بمظلومية الحسين وبالتالي بشاعة ظالميهم ولزوم تطهير الأرض منهم مع الثائر بدم الحسين (عليه السّلام) الامام المنتظر (عجّل الله فرجه).
ولذلك فقد نصّت الأحاديث الشريفة على أنّ شعار أنصار المهدي الموعود أرواحنا فداه هو (يا لثارات الحسين) والمراد منه إزالة جميع أشكال الظلم والشرك والجهل التي أدّت الى فاجعة كربلاء وحرمان البشرية من دولة العدل الالهي التي يحمل رايتها قائم آل محمد (عليهم السّلام).
*******