من افاضل الصادقين وسابقيهم البطل الشهيد الخالد ابو اليقظان عمار بن ياسر العنسي اليماني رضوان الله تعالى عليه، هذا من سادة الصادقين.
عمار بن ياسر من اجلاء الصحابة الاوفياء لرسول الله في مكة وفي المدينة ومن الاوفياء للامام علي بن ابي طالب صلوات الله وسلامه عليه وبسبب صحبته للنبي وللامام علي فقد اصبح نابغة فريدة في دهره، اشاد به رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعدة احاديث خاصة منها، خاطبه قائلاً: ابشر يا ابا اليقظان فأنك اخو علي في ديانته ومن افاضل ولايته ومن المقتولين في محبته، هذا توفيق، انظر للتوفيق الهي، ابشر، بشارة لمن للذي يحظى بجائزة، يحظى بمنصب، بموقع الهي لا دنيوي.
النبي يقول له: ابشر يا ابا اليقظان فأنك اخو علي في ديانته ومن افاضل اهل ولايته ومن المقتولين في محبته، تقتلك الفئة الباغية واخر شرابك من الدنيا ضياح من لبن، ايضاً النبي يقول له: (صلى الله عليه وآله)، يعني يقول النبي في حقه، ماذا يقول؟
يقول: ان عماراً ملأ ايماناً حتى اخمص قدميه، كان هذا الكلام لرسول الله في مكة لما قبض المشركون على عمار بعد ان قتلوا وعذبوا والديه ياسر وسميه وربطوهم بذيول الخيل تجرهما في شوارع مكة فكان عمار يعذب نفسياً يرى امه وابوه بهذه الحالة ثم عذبوا عمار ايضاً وكان على شرف الموت لكن تخلص منهم بالتقية، هذا نسميه الرخصة الشرعية فأظهر لهم ما يريدون بلسانه، بعض المسلمين الضعاف وشوا به الى رسول الله.
قالوا للنبي: ان عماراً ارتد وانحرف وكذا وكذا.
جاء عمار عند النبي وتحدث عما حدث له، سأله النبي: ما هي قضيتك يا عمار؟
قال: يا رسول الله فتك بي هؤلاء وما نجوت منهم حتى ذكرت الهتهم بخير فجعل النبي يمسح دموعه وهو يقول: لا غرو عليك يا عمار ان عادوا عد لهم بمثل ذلك، وعلى ها الاساس نزلت الاية 106 من سورة النحل: «إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ» الآية نزلت في عمار، بالخباب بن الارث، ببلال الحبشي، بياسر وسمية، والنبي (صلى الله عليه وآله) اجابهم هؤلاء الذين وشوا.
قال لهم: ان عماراً ملأ ايماناً حتى اخمص قدميه.
انا اروي رواية عن رسول الله، الرواية لست انا ارويها بل يرويها ابو ايوب الانصاري في كتاب بشارة المصطفى، هذا الكتاب من الكتب المهمة، كان جماعة عنده فحدثهم قائلاً: اقسم بالله لقد كان رسول الله معي رسول الله في هذا البيت الذي انتم فيه وما في البيت غير رسول الله وعلي ابن ابي طالب وكان جالساً عن يمينه وانا جالس عن يساره وانس بن مالك قائم بين يديه اذ قرعت الباب فقال النبي: يا انس انظر من على الباب ففتح الباب انس واذا به عمار بن ياسر فصاح النبي افتح افتح الباب لعمار الطيب، النبي وصفه بالطيب، ودخل عمار بن ياسر وسلم على رسول الله فرحب النبي به طبعاً الحديث لايزال لأبو ايوب، ثم قال النبي بعد ما رحب به: يا عمار ستكون بعدي في امتي هنات حتى يختلف السيف فيما بينهم وحتى يقتل بعضهم بعضاً ويتبرأ بعضهم من بعض، كأن النبي يتكلم اليوم، يرى ما يجري في العراق وفي افغانستان وفي باكستان، كيف ان الشيعة المؤمنين تقطع رؤوسهم بأيدي ناس ذوي لحى ويدعون الاسلام ولكن يفعلون افعالاً حتى اليهود ما فعلوها، انظر ماذا يقول النبي: يا عمار ستكون بعدي في امتي هنات حتى يختلف السيف فيما بينهم وحتى يقتل بعضهم بعضاً وحتى يتبرأ بعضهم من بعض فأذا رأيت ذلك فعليك بهذا واشار الى الامام علي فأذا سلك الناس كلهم وادياً فأسلك وادي علي وخلي الناس، يا عمار ان علياً لا يردك عن هدى ولا يدلك على ردى.
ويقولون كان لا يفارقه في معظم الغزوات وكان يقول كنا: انا ومولاي علي رفيقين وبقي عمار من الذابين عن الامام علي وفي يوم الجمل كان يجهر بخطاباته مدافعاً عن الامام والامامة.
لأروي ايضاً، جاء في كتاب الاثر في النصوص على الائمة الاثني عشر نقلاً عن حفيد عمار بن ياسر ينقل عن جده يعني عمار انه قال: كنت مع رسول الله في بعض غزواته وقد قتل علي فلول المشركين وفرق جمعهم فأتيت رسول الله، وقلت: يا رسول الله ان علياً جاهد في الله حق جهاده.
فقال له النبي: يا عمار ان علياً مني وانا منه وهو وارث علمي وقاضي ديني ومنجز وعدي والخليفة بعدي ولولاه لم يعرف المؤمن المحض بعدي حربه حربي وحربي حرب الله وسلمه سلمي وسلمي سلم الله وهو ابو سبطي والائمة من بعدي من صلبه، يخرج الله تعالى من صلبه الائمة الراشدين ومنهم مهدي هذه الامة فقلت، عمار يقول: بأبي وامي انت يا رسول الله ما هذا المهدي؟
فقال النبي: يا عمار ان الله تبارك وتعالى عهد الي انه يخرج من صلب الحسين ائمة تسعة والتاسع من ولده يغيب عنهم وذلك قول الله تعالى في سورة الملك آية 30: «قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَن يَأْتِيكُم بِمَاء مَّعِينٍ» واستمر النبي يقول: وتكون له غيبة طويلة يرجع عنها قوم ويثبت عليها آخرون، يا عمار ستكون بعدي فتنة فاذا كان كذلك فأتبع علياً وحزبه فأنه مع الحق والحق معه وستقاتل مع علي وتقتلك الفئة الباغية.
قلت يا رسول الله: أليس ذلك على رضى الله ورضاك؟
قال النبي: على رضى الله ورضاي ويكون آخر شرابك من الدنيا ضياح من لبن.
في هذه الاحاديث النبي يقول لعمار ولكنها حجة علي وعلى كل موحد وعلى كل من يدعي الاسلام، هذه الاحاديث حجة الله يلزمه بها يوم القيامة، نتيجة التزم عمار بن ياسر بأقوال النبي وبسبب صلته الوثيقة بالامام علي دفع اغلى الاثمان ففي عهد الخليفة الثالث ضربوه من قبل السلطة وكسرت اضلاعه واغمي عليه وطرح ارضاً وواجه ذلك اكثر من مرة.
اخيراً يوم صفين ودع الامام علي ونزل الى ساحة القتال والامام يرمقه ببصره وعيناه تدمعان ويخاطبه بصوت عال: يا عمار يا ابا اليقظان جزاك الله عني وعنه وعن نبيه خيراً كنت لي نعم الاخ ونعم الصاحب ويستشهد عمار ويسقط ويؤتى بماء فقال: ائتوني بآخر شرابي من الدنيا، جاءوا له بضياح من لبن فتذكر قول النبي وفارقت روحه الدنيا، جاء احداً من قواد معاوية وقطع رأسه فجاء الامام علي ليلاً يتفقد الضحايا ووقف على جسد عمار صلى عليه ثم جلس وهو يقول:
الا ايها الموت الذي لست تاركي
ارحني فقد افنيت كل خليلي
اراك بصيراً بالذين احبهم
كأنك تحنو اليهم بدليلي
وصلت الاخبار الى معاوية ان الامام علياً تأثر على فقدان هذا العنصر المبارك فبالمقابل كمشاكسة اظهر معاوية الفرح والسرور وجلس يستقبل المهنئين ويستقبل المصافحين، هكذا المقايس لأن الامام علي خسر جندياً وفياً، على اي حال كان عمر هذا الرجل ستة تسعين سنة، اهنئه والتاريخ يهنئه وبالتالي دفن في الرقة في صفين الى جانب اويس بن قرن.
*******