البث المباشر

محمد تقي المجلسي

الثلاثاء 26 فبراير 2019 - 11:40 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- مع الصادقين: الحلقة 547

من اعيان الصادقين المخلصين للرسول وآله عليهم الصلاة والسلام هو وحيد عصره وفريد دهره العالم الكبير محمد تقي المجلسي وهو والد المولى محمد باقر المجلسي صاحب موسوعة البحار. هذا المقدس والعالم هو والد صاحب البحار، هو عالم متفرد في زمانه.
هو من مواليد مدينة اصفهان عام 1030 هجرية وللنجف الاشرف دور كبير في بناء هذه الشخصية وتمويلها علمياً فهو من مواليد اصفهان لكن بعد ان بلغ من التحصيلات مراتب معينة غادر اصفهان الى النجف الاشرف ليغترف العلم من مدينة حكمة الرسول وهو امير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه، بعد وصوله العراق وتوطنه النجف الاشرف بلغ بدروسه العالية ابلغ درجات الكمال واصبح شهيراً بعلوم الرياضيات وبتهذيب النفس وصفاء الباطن، انا اذكر بين قوسين ان معظم علماء النجف الاشرف علومهم تقتصر على الفقه والاصول والحديث والتاريخ والعقائد لكن نرى ان بعضهم كان يتوسع اكثر فيدرس علوم الهيئة، الكيمياء، الرياضيات، الفيزياء وحتى احياناً العلوم الغريبة، طيب هذا العالم الجليل محمد تقي المجلسي هو وابنه صاحب البحار يحملان هذا اللقب، لقب المجلسي، في الواقع لقب بذلك، ليس منشأه اسرتهم وانما لقبا بالمجلسي الاب والابن لأستفادة الناس ومن كل الطبقات لمجالستهما، المرحوم والد المجلسي كان اذا حضر اي مجلس يكون هو المتكلم والكل يستمع فلقب بالمجلسي لحسن محاضرته وعذوبة حديثه وربما يحضر مجلس عقد او مجلس حسيني او مجلس عرس او زواج او مجلس فاتحة، اذا حضر الناس فوراً تستغل هذه الفرصة فتسأله واذا تحدث سحر العقول والكل يستقطبها ويهيمن عليها وللعلم اذكر ايضاً ان زوجته هي من ربات الكمال والعلم وابنة احد المحدثين لذلك لانستغرب بأن يولد من هذه الام وهذا الاب محمد باقر المجلسي صاحب البحار، «بسم الله الرحمن الرحيم، وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ».
المولى محمد تقي المجلسي اشتهر بالكرامات والمكاشفات، كان بيته في اصفهان عامر بالضيوف واصحاب الحاجات والمسائل الشرعية وكان انذاك يشتهر بأنه من اكابر من نشر حديث اهل البيت لما ظهرت الدولة الصفوية، الدولة الصفوية وحدت كل ايران وكل المجتمع الايراني وجعلته اذن صاغية للعلماء، العلماء الكبار الذين كانوا يأتون من جبل عامل، من النجف الاشرف، الناس تصغي لهم ومن حسن الحظ لما يتفق الامراء والعلماء تنجح المساعي فأهتدى بأحاديثه ومحاضراته جمع كثير من الناس فأصبح ركناً علمياً مهماً في النجف الاشرف وتطور بسرعة وكانت الحاجة الماسة لوجوده في النجف كونه اصبح مربياً ومهذباً للنفوس، كان كما يكتب عنه من ترجموه، يقولون كان يعيش بصعوبة، عيشة كفاف وتقشف والكل يعرف في تلك الايام حالة النجف الاشرف وما تعانيه من صعوبات ومن مخاطر يعني كان طالب العلم يصل الى النجف يقولون له هنا: "ماء بئر وخبز شعير ومجاورة الامير"، هنا النكتة مجاورة الامير يعني صياغة النفس، مجاورة الامير التي تحوله من جاهل صفر الى عالم يتألق في قلب السماء، هذه مجاورة الامير لذلك يأتي العالم ثلاثين او اربعين سنة يشرب ماء مر، ماء بئر وطعامه طعام جشب بسيط لكن يرجع مناراً يقتدي به الملايين من البشر.
طيب بعد ان اصبح علماً من الاعلام رجع محمد تقي المجلسي الى اصفهان، هو يذكر رحمه الله في بعض مؤلفاته يقول شاهد الامام امير المؤمنين، يعني شاهد نوراً هكذا تصور او تجلى له في عالم الرؤيا او هي من المنامات الصادقة وكان الامام يلاطفه ويمازحه ثم قال له لاتبقى في النجف الاشرف واخرج الى بلدك اصفهان طبعاً هو لم يطرده ولكن هذه فيها لغز لأن وجوده في اصفهان كما قال له الامام هناك انفع وابر، جاء الى اصفهان وكان الحال كما شاهد، الفتن المذهبية والفتن العقائدية تحدق بالناس من كل صوب وتشرذم وتمزق لكن الله سبحانه وتعالى اخمد تلك الفتن بوجود العالم الجليل محمد تقي المجلسي، يقول انا قررت الرجوع بعد تلك الرؤيا الى اصفهان ولاحظت ان عباس الصفوي مات وصار بمكانه صفي الدين الصفوي وحدثت فتن ومواجهات فسبحان الله شاء الله ببركة هذا العالم الجليل يعني هنا استشهد بكلام صاحب الروضات، صاحب الروضات يأتي ويقول كيف كان لوجوده بعد ما عاد من النجف الاشرف الى اصفهان، كيف كان لوجوده اثر في كشف وازالة جميع الفتن المذهبية والعقائدية ويقول صاحب الروضات: كان المرحوم محمد تقي المجلسي افضل اهل عصره في فهم الحديث واحرصهم على احياءه وكان من اجل علماء دهره واعدلهم في الدين واقواهم في النفس.
اشتغل هناك في التأليف والتدوين، رزق ثلاث من البنين واربعة من البنات، كل اولاده ذكوراً واناثاً في عداد العلماء الكبار بخصوص ابنه الثالث الذي ذكرت قبل قليل انه صاحب موسوعة البحار.
عموماً ان هذا العالم الكبير سواء في اصفهان او في النجف الاشرف او عند عودته الى اصفهان كان مصدر خير ومصدر لأطفاء الفتن ومصدر لتهذيب الناس ولتربية الناس، هناك حديث النبي يقول للامام علي (سلام الله عليه): «ليهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك مما طلعت عليه الشمس والقمر» فكيف بمن يهدي الملايين وبالعكس نعوذ بالله هذا الذي يضلل الناس، يضلل الملايين، يخدعها، يعرف الحقيقة ولكن يغش الناس ويخفي عليهم، هذا الله يعلم بأي نار يحترق يوم القيامة.
هذا العلامة محمد تقي المجلسي بهذه الضخامة التي ذكرتها كان يعيش سواء في النجف الاشرف او بعد عودته الى اصفهان كان مشهوراً ببساطة المسكن والملبس والمأكل، كان لما يمر بالطرقات يستوقفه الناس خصوصاً البسطاء حتى البلهاء فكان يتجاوب معهم دائماً بلا اي تحفظ وكان ينبسط في الحديث معهم حتى اصبح بين العامة وكأنه اب حنون لهم اضافة الى موقعه العلمي والرئاسي.
اما عبادته فوصفته الكثير من المصادر بأنه ما كان يرغب ان يعرف احداً وضع تعبده وزهده وذلك تجنباً للرياء وحذراً من ضياع ثوابه.
توفي العلامة محمد تقي المجلسي عام 1070 هجرية يعني لم يعمر الا قليل، في اصفهان ووري الثرى في منطقة باب الجامع الاعظم في اصفهان، نفس القبر الذي وري ولده محمد باقر المجلسي صاحب البحار بجنبه، عليهما قبة عالية ويتوقف الناس عندها او عند هذه المقبرة لقراءة الفاتحة والترحم على روح هذين العلمين العظيمين.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة