من اوائل الصادقين هو المرحوم صافي اليماني تغمده الله برضوانه، في النجف الاشرف هناك مشاهد متعددة من هذه المشاهد، في انتهاء شارع الامام زين العابدين، منطقة الثلمة او السور او الدرعية، هناك مشهد مسجد وفيه مقبرة مشهورة بصافي صفا، صافي صفا هذا صافي اليماني، ماهي قضيته هذا ومن أين هو؟ ومتى جاء الى هناك؟ لهذا قلت من اوائل الصادقين، صافي اليماني، صافي اليماني هو من علماء اليمن ومن اولياء الله هناك ومن اولياء امير المؤمنين وهو لم يرى امير المؤمنين، النكتة هنا فدائي للامام امير المؤمنين دون ان يرى الامام امير المؤمنين لكن من أين أخذ هذا الولاء، اخذه من استاذه اويس بن قرن، اويس القرني الزاهد المعروف، هذا تلميذه صافي اليماني، تلميذ اويس وتخرج على يده في العلم والتقوى والزهادة وبالتالي الولاء للامام امير المؤمنين لأن اي تقوى بالغاً ما بلغ اذا ما ينتهي بولاء الامام علي لايساوي شيء، ولاء اهل البيت الذي هو المعنى الحقيقي للرسالة ولحب الله والنبي.
هذا صافي اليماني هذا الرقم المقدس اوصى بأن يحمل جثمانه الى النجف الاشرف قبل وفاة الامام علي صلوات الله وسلامه عليه او بالاحرى قبل استشهاد الامام علي صلوات الله وسلامه عليه بحيث ساعد الامام علي على دفنه وحيا ولده وشكره على هذا البر لوالده، واستدل فقهاءنا الاوائل بهذه الحالة على جواز نقل الميت من بلد الى بلد آخر لغرض الدفن عند الاولياء، طبعاً هذه الحالة وقبلها آدم، آدم نقله نوح من سرنديب الى النجف الاشرف، تقول لأمير المؤمنين السلام عليك وعلى ضجيعيك آدم ونوح، اخذ رفات آدم هذه المسافة الى النجف، هذه حالة او صافي اليماني استدلوا بها على جواز نقل الميت فقط لهذه الحالة، لغرض الدفن عند الاولياء وجرت العادة على نقل الموتى الى النجف الاشرف وبالذات جوار امير المؤمنين، المرحوم البحراني في كتابه الحدائق في الجزء الرابع يذكر هذا الدليل وغيره من الادلة.
من هذا المنطلق العديد من زعماء العالم، المهراجات في الهند، الساسة قديماً اوصوا بنقل جثامينهم الى النجف الاشرف، الرواق ملئ بزعامات من اقطار العالم مثل عضد الدولة البويهي ومثل محمد علي شاه القاجاري وغيرهم.
اعود الى الحديث عن صافي اليماني، صافي الياني كان موالياً متشدداً للامام علي سلام الله عليه وطبعاً قبره كما قلت يعرف بصافي صفا، صافي اسمه وصفا الجبل الذي دفن فيه هذا الرجل المقدس، تسمى منطقة الثلمة، لأن النجف كانت محاطة بسور والوهابيين ثلموا السور من هناك وداهموا البلد وروعوا اهلها وقتلوا الآلاف واحرقوا الحسينيات والمساجد والمكتبات، سميت الثلمة، هذا الجبل يسمى الصفا دفن فيه هذا الرجل المقدس في المنطقة الغربية في مدينة النجف الاشرف، هذا القبر كان شبه ضائع بسبب غارات الوهابيين والتكفيريين الى ان زار المرحوم نظام الدولة وهو وزير للسلطان فتح علي شاه القاجاري زار النجف الاشرف واعاد بناء الكثير من المشاهد والمعابد والمقامات ومن جملة المشاهد التي اعاد بناءها بعد ان هدمها الوهابيون مسجد ومقبرة المرحوم صافي اليماني لأن هؤلاء الوهابيين عام 1212 ساووا القبر مع التراب، مشكلتهم في موالاته للامام امير المؤمنين، شنوا عليه هذه الحملة المسعورة كما شنوها على الانسانية كلها، على كل حال هذا المشهد صافي صفا يعرف بمقام الامام علي، لماذا؟ لأن منشأ هذا ان الامام هو الذي رحب بجثمانه ودفنه وصلى عليه والقصة كما ذكرتها المصادر العديدة ومنها انيس الزائرين ومنها مراقد المعارف، فرحة الغري لأبن طاووس وغيرها، اسمع القضية: ان الامام علي اذا اراد الخلوة بنفسه خرج الى صوب الغري، النجف الاشرف ويشرف على ذلك الوادي الوسيع وهو وادي السلام واحياناً يتخاطب مع ارواح الموتى ويحييهم، بينا هو ذات يوم وهو واقف كعادته شاهد سوادة من بعيد تقترب من الصحراء، الامام اطل عليها، الراكب كذلك لما رأى شخص الامام علي على هذا التل اقترب، الامام علي كان يحدق واذا هذه جنازة على بعير ومعها شاب والشاب منهك ومتعب فنزل الشاب وسلم على الامام والسلام هذا شعار المسلم اما اليهودي والنصراني عندهم انعمت صباحاً وانعمت مساءاً اما السلام فهو شعار المسلم، الامام انفتح عليه، وعليك السلام ورحمة الله، والشاب لا يعلم من هذا فسأله الامام بعد ان اجاب السؤال قال: يا اخا العرب ماذا تريد؟
قال: أهذا ظهر النجف؟
الامام قال: نعم هذا، قال يعني هذا هو النجف الاشرف؟ الوادي؟
قال: ماذا تريد؟ لم يتكلم وفتح الحبال عن الجنازة واذا بالامام علي يقترب واخذ يساعده ونزل الجنازة معه ثم سأله الامام قال له: من أين انت؟
قال: من اليمن.
الامام قال له: من هذا الميت؟
قال: هذا ابي، جئت به لأدفنه في هذه الارض.
قال الامام: لماذا لم تدفنه هناك؟ هذا الطريق وهذه القفار وهذه الجبال والاودية، لم لا تدفنه في ارضكم وعبرت هذا العناء؟
فقال: انا اكبر اولاده وقد اوصاني بهذا.
وقال: يدفن في هذه الارض رجل يدخل في شفاعته عدد ربيعة ومضر، لا ادري عدد ربيعة ومضر؟ ربما اعدادها يصل الى ملايين البشر، ربيعة ومضر، يعني كان هذا مثلاً يضرب، اذا كان احداً يريد ان يضرب مثلاً بعدد ضخم يقول عدد ربيعة ومضر، فلما قال له اوصاني ابي وقال: هنا يدفن شخص يدخل هكذا عدد في شفاعته وفي محبته.
قال الامام: هل تعرفه؟
قال: لا انا اتيت من اليمن.
فقال له الامام بهدوء: انا ذلك الرجل ثلاثاً، انا والله ذلك الرجل، نزل الشاب وقبل يد الامام علي واستأنس لأنه حصل على المقصود وساعده الامام امير المؤمنين عليه آلاف التحية والثناء على دفن والده وصلى عليه.
طبعاً هذا من مؤشرات صدقه في محبة الامام علي وولاءه، هذا اثر وضعي دنيوي لمحبة امير المؤمنين بحيث الصدفة تحكم ان يأتي الولد بالجنازة وبشكل عابر يلتقي بالامام والامام يصلي عليه ويدفنه ولكن هذا ليس مظهراً عادياً، انا اعتقد ان يد الغيب رتبت هذا اللقاء الجميل.
بقي هذا القبر معتماً عليه بسبب موجات الاحقاد البغيضة التي كانت تخرب قبور اهل البيت حتى كما ذكرت، حتى بني عليه ايام القاجاريين واصبح مركزاً تقام فيه مناسبات اهل البيت، قبل اربعين سنة قرأت فيه مقدمة مع السيد حسن شبر احد كبار الخطباء وطبعاً في القديم بالتاريخ كانت السدانة يعني الكليدار احد العلماء المعروفين في النجف الاشرف كما قرأنا هو العالم الفاضل الشيخ اسماعيل الدراويشي واجريت عليه اعمال الصيانة واليوم هو مركز لحلقات التدريس ولم نعرف هذا الرجل سنة ولادته صافي اليماني لكنه توفي عام 38 هجرية، تغمده الله بواسع رحمته والسلام عليكم ورحمة الله.
*******