من منارات الصادقين هو الامام الاكبر، الفقيه المعظم الاصولي والرجالي، هو المحدث السيد حسين الطباطبائي البروجردي اعلا الله مقامه.
هذا العالم الكبير صاحب المسجد المعروف بقم بجنب الحرم، اصبح الان جزء من الصحن، في مدينة قم يسمى بمسجد اعظم، بناه المرحوم السيد حسين الطباطبائي البروجردي اعلا الله مقامه وقبره هناك، من احسن واحلى كلمات التاريخ كلمة شاعر النجف الاشرف الشيخ عبد المنعم الفرطوسي اعلا الله مقامه، ارخ وفاة السيد البروجردي بهذه الكلمة و موجودة الى الان على قبره: ما عرفناك حق معرفتك.
واقعاً، ما عرفناك حق معرفتك يعني تاريخ وفاة السيد البروجردي عام 1380هجرية، المرحوم السيد البروجردي هو من مواليد مدينة بروجرد لكن آباءه واجداده هم من العراق ومن الحجاز بالاصول، لماذا؟ لأن هو من احفاد محمد ابن طباطبا المسمى بالقائد المحنك الذي كان مع الثائر ابي السرايا، هذا محمد بن طباطبا لما نخرج من الكوفة الى النجف الاشرف هو عن اليمين توجد مقبرة، مقبرة محمد بن طباطبا، بين الكوفة والنجف تسمى الان حي كندة، هذا هو جد السيد البروجردي اعلا الله مقامه، طبعاً لدينا من القضايا المعقدة والشائكة قضية الاحاديث، حديث اهل البيت، حديث رسول الله او السنة النبوية سنة اهل البيت التي هي مكمل للقرآن لأن القرآن اشار الى البداية، التفاصيل، سنة اهل البيت وضحتها، القرآن قال: أَقِيمُواْ الصَّلاةَ، لم يقل الصبح والظهر، السنة وضحت ذلك، القرآن قال تيمموا صعيداً طيباً، كيف هو التيمم سنة اهل البيت اوضحت ذلك، القرآن قال: وَآتُواْ الزَّكَاةَ، ما هي الزكاة وأين الزكاة ونصاب الزكاة هذا سنة اهل البيت اوضحته، احاديث النبي واهل البيت صار فيها فوضى بعد وفاة رسول الله لأن الثعالب والمستفيدين غيروا وبدلوا، رفعوا نقطة من هنا او اضافوا نقطة الى هناك، وفيت صارت وقيت، وقيت صارت وفيت، تعرف بنقطة واحدة الحديث يتغير وينقلب معناه لذلك واجه المسلمون فوضى واضطراب فأضطر الخطيب البغدادي في القرن الخامس الهجري كتب كتاب رفع الارتياب في المقلوب من الاسماء والانساب، حتى الاسماء، هذا ابو الفتوح كم احدث من مشاكل وابن حجر العسقلاني، بعد ذلك جاء ابن حجر والف كتاب جلاء القلوب في معرفة المقلوب، وضعية مضطربة للغاية، انعكست او انسحبت هذه الحالة الخطيرة على تراث اهل البيت فيأتي هنا دور السيد البروجردي اعلا الله مقامه، طبعاً قبله ايضاً رجال فطاحل ، هو يعتبر عالم الى جانب كونه عالم فقهي رجالي اصولي، هذا العالم الكبير لقي نصباً وتعباً في تأليف هذه الموسوعة وهي جامع احاديث الشيعة، من اعظم وارقى واوسع الموسوعات الحديثية في تراث اهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم، قل وأسأل كم لقي من تعب في ترتيب الاحاديث، تصنيف الاحاديث وتصحيحها واعادتها الى وضعها الصحيح، كشف نقاط الضعف عن كثير من الاحاديث، يقول من يترجم السيد البروجردي انه اذا مسك القلم وهو يكتب في الليل فيسمع اذان الفجر ولم يتعشى واذا مؤذن الفجر يؤذن، راح العشاء وراح النوم وساعد الله انامله الشريفة، كم تعب هؤلاء وهذا التعب وهذه المرجعية والابوة والقيادة للعالم الاسلامي، اتدري انه مات مديوناً، ليس فقط اولاده لم يملكوا سكناً، بل مات مديوناً.
اذا اترك كل الجوانب وفقط اذكر هذه الخطوة لهذا العالم الجليل وهو جامع احاديث الشيعة، الموسوعة ثلاثون مجلداً ربما طبعت طبعات جديدة صارت اكثر من ثلاثين مجلداً والمتمم في الامر انك لا تدخل الى مكتبة اي مرجع الا وترى موسوعة جامع احاديث الشيعة يعني هي سلاح اي فقيه وعالم، احد علماء طهران اسمه السيد فضل الله الروحاني جاء للزيارة النجف يقول ان السيد البروجردي نقل له ما كان يعانيه في تدوين هذه الموسوعة بحيث ليالي وليالي فاته النوم والعشاء حتى طلوع الفجر، طبعاً السيد فضل الله هو من تلاميذ السيد البروجردي ومرجعية السيد البروجردي غطت العالم الاسلامي كله.
طبعاً السيد البروجردي بركة من بركات النجف الاشرف، سنة 900 ميلادي وصل النجف وبقى عقداً كاملاً في النجف ونال درجات الاجتهاد العالية فرجع الى بروجرد، 33 سنة هناك درس الخارج بالاضافة الى هذه الخدمات هو رجل جهادي، في ذلك اليوم البهائية كانت تنتشر بمساحات واسعة وتخدع الناس، كان رضا بهلوي مير بنج، كان رجلاً داعراً، رجلاً اباحياً هو وابنه، فوقف المرحوم السيد البروجردي بوجه رضا البهلوي وابنه ولذلك ما كان يجرأ رضا البهلوي ان يتصرف اي تصرف بوجود السيد البروجردي اعلا الله مقامه.
جاء السيد البروجردي الى قم فرأى اساطين الحوزة في قم وجوده ضرورياً في قم فتمسكوا به وابقوه في قم، الشاه ذلك اليوم مغرور اتى لزيارته وكان معه مستشاره رجل مسن اسمه شريعتمداري فلما دخل الشاه على السيد البروجردي كان السيد نائماً والغرفة مليئة بالتلاميذ ومن جملة تلاميذ السيد البروجردي الامام الراحل، الامام الخميني اعلا الله مقامه، كان شاباً من المبرزين في مجلس السيد البروجردي فلما دخل محمد رضا بهلوي وجماعته الكل قام امامه الا السيد الامام فأستاء الشاه وانزعج وكان ينظر اليه بسخط، هو وبطانته ثم سأل من مدير شرطته او القائم مقام: من هذا؟ في هذه الاثناء لما كان ينظر الى السيد الخميني بغضب السيد الخميني كان يردد انه يتوقع ان اقوم وهو كان يسمع فأخذ يشكو الشاه الى السيد البروجردي من تصرفات بعض الروحانيين وقال من جملتهم هذا لم يقم، السيد البروجردي وهو نائم مال برأسه وقال: من؟
قال: هذا يقولون آقا روح الله فرد عليه السيد البروجردي بهذا التعبير قائلاً: نعم آية الله السيد روح الله يعني القمه حجراً، هذه نقلها السيد فضل الله الروحاني وسجلتها من علامات عبقرية السيد البروجردي ومن ذلك اليوم بقي شاه ايران حذراً من هذه الشخصية وهي شخصية الامام الخميني رضوان الله تعالى عليه ولذلك ما اعلن شاه ايران اجراءاته ما يسمى بالثورة البيضاء وضربه للقرآن الا بعد وفاة السيد البروجردي رضوان الله تعالى عليه.
ذكرت ان من مشاريعه بناء هذا المسجد الكبير في وقتها كلف 300 الف دولاراً وطبعاً جمعت هذه في مجلس واحد نظراً لأمر السيد العظيم واهميته.
زار عالم من علماء مصر كبير اسمه ابو المجد، زار السيد البروجردي في ايران فأعجب به وارتجل قصيدة:
شدوا الرحال الى الامام الاكبر
تسقوا بحضرته رحيق الكوثر
تسعون مليون لرأيك تابع من
عالم او باحث او مخبر
قالوا البروجردي قلت امامنا
وامامكم بالورد او بالمصدر
ان التشيع والتسنن دوحة
تسقى بماء واحد لا اكثر
توفي السيد البروجردي في 13 شوال عام 1380 هجرية ودفن في قم بمسجده لكن عطلت النجف الاشرف ابحاثها وخرجت مسيرات ورثاه العلماء والشعراء في النجف الاشرف.
*******