من اساطين الصالحين واعلام الصادقين العالم المتألق في فقه اهل البيت في زمانه هو المولى محمد مهدي النراقي، من اعلام الطائفة الامامية الاثنى عشرية في القرنين الثاني عشر والثالث عشر من الهجرة، ارجو التأمل من الاخوة والاخوات لأن انا اعطي لقطات من هذا العالم الكبير وعن ابوه وعن ابنه، ابوه من؟ من كبار علماء الامامية اسمه ابو ذر النراقي اما ابنه فهو الفقيه الاعظم الملا احمد النراقي، استاذ الشيخ الانصاري الزعيم الاصولي، الشيخ مرتضى الانصاري تلميذ الملا احمد النراقي المتوفي عام 1344 هجرية يعني نفس السنة التي فيها الوهابيون هدموا قبور ائمة البقيع وهدموا قبور والد النبي وام النبي وهدموا قبر عثمان بن مضعون وقبر ام البنين هذه القبور كلها هدمت سنة 1344 هجرية وهي سنة وفاة القائد المعظم الملا احمد النراقي استاذ الشيخ مرتضى الانصاري.
الملا احمد النراقي صاحب كتاب عوائد الايام، ملا احمد النراقي للعلم واريد التفات خاص من المستمعين والمستمعات هو صاحب اطروحة ولاية الفقيه استناداً الى مقبولة عمر بن حنظلة وهي الرواية عن الامام الصادق انه "فلينظر اصحابنا شيعتنا المسلمون الى من يعرف حلالنا وحرامنا وحديثنا فقد جعلته عليكم قاضياً" وهذه رواية استراتيجية مهمة تعطي للفقيه ابعاد وسعة سلطة قوية ومحكمة وهذه الاطروحة كانت مدفونة في اوراق الكتب لكن الذي طبقها وزعزع انظمة الطغاة في العالم هو الامام الخميني رضوان الله عليه حينما اسس الجمهورية الاسلامية على دستور قائم على هذه الاطروحة، اطروحة الفقيه الاعظم ملا احمد النراقي وطبعاً اطروحته ويستند بها الى مقبولة عمر بن حنظلة.
اذن الملا مهدي النراقي ابوه ابو ذر، ابنه احمد النراقي صاحب هذه الاطروحة وهو استاذ الشيخ مرتضى الانصاري، الملا محمد مهدي النراقي والد الملا احمد كان بالاضافة الى انه عالم اصولي كان مربياً كبيراً للاخلاق وخذ على ذلك، انا اعطي لقطات مثلاً في عالم المكتبة، في عالم المكتبة كتاب موجود حتى عند اديان غير اسلامية يعني انا دخلت الى قسيس في حلب اراني مكتبته رأيت عنده جامع السعادات فعلمت ان هذا الكتاب في ثلاث اجزاء، هذا غذاء علمي وتربوي لا يقتصر على المسلم فقط، هذا قسيس يقول: انا يومياً قبل ان اتناول قهوة الصباح اقرأ عشرين صفحة من هذا الكتاب ولم اكتفي بمطالعته ولا عشرين مرة لكن وللاسف والذي يحزن ان ارى بعض الناس مسلمين مؤمنين اسأله ما هو جامع السعادات، لا يعرف، هذا يؤسف، جامع السعادات ثلاث اجزاء، طبع اول مرة في ايران طباعة حجرية عام 1314 هجرية والطبعة الثانية والثالثة طبع في النجف الاشرف، طبعته جامعة النجف الدينية في المطبعة الحيدرية، الى الان هذا الكتاب طبع اكثر من خمسة وعشرين مرة، الرجل عنده اكثر من اثنين وثلاثين مؤلفاً، هذا المولى محمد مهدي النراقي لكن هذا الكتاب له موقع خاص، طبعاً طبع في النجف طباعة جيدة ومقدمة ممتازة ورائعة للعالم الكبير الشيخ محمد رضا المظفر اعلا الله مقامه.
نحن ادركنا في النجف ان بعض المراجع يخاطبون تلاميذهم يقول لا تدرسوا فقط الشرائع واللمعة والالفية والحاشية والمغني لا، يجب الى جنبها تقرأون كتاب جامع السعادات لأن هذا الكتاب يبني الانسان بناء اخلاقي قويم، جامع السعادات.
انا ارجو من كل مؤمن، من كل انسان يحب الكمال والفضيلة ان يقرأ هذا الكتاب بتأني وبدقة، في احد الايام عملت جرد اربعين مرة طبع هذا الكتاب في لبنان، في ايران، في العراق وفي باكستان.
الملا مهدي النراقي كان في كاشان في مدينة اسمها نراق حوالي كاشان، درس في اصفهان لفترة ثم درس في كربلاء مدة ثم رجع الى كاشان، اسس مراكز، مدارس لأن ذلك اليوم كاشان منطقة مقفرة من العلماء ومن الطلبة، بعد فترة عاد الى النجف الاشرف ومعه ولده الملا احمد النراقي الذي ذكرت انه هو صاحب كتاب مستند الشيعة وصاحب كتاب عوائد الايام، الملا احمد النراقي جاء مع والده الذي اتكلم عنه وهو الملا محمد مهدي النراقي ودرس عند السيد بحر العلوم والشيخ جعفر كاشف الغطاء فمعنى هذا، اريد ان اؤكد على مغزى ومعنى ان اطروحة الامام الخميني رضوان الله عليه منبعها من النجف الاشرف والتي اخذها من الملا احمد النراقي والملا احمد النراقي هو خريج مدرسة النجف الاشرف وتلميذ مجموعة من العلماء الكبار وفي طليعتهم الشيخ جعفر الجناجي صاحب كتاب كشف الغطاء والسيد بحر العلوم.
محمد مهدي النراقي صاحب جامع السعادات ابو الملا احمد النراقي هو من تلاميذ الوحيد البهبهاني وللعلم وهذه بخصوص الطلبة الافاضل بودي ان اقدم لهم هذه المعلومات، ان الوحيد البهبهاني هو الذي اسس المدرسة الاصولية، قبل الوحيد البهبهاني ما كان عندنا تقليد، كنا نتابع اما مدرسة التقليد ومشروع التقليد، التقليد يعني ان الانسان ينيط اعماله بفتاوى واستنباطات حاكم شرع يثق به، مؤسس هذا المشروع وهذه المدرسة هو الوحيد البهبهاني واصبح الملا احمد النراقي صاحب اطروحة ولاية الفقيه تلميذ لبحر العلوم وكاشف الغطاء وبعدهم تلميذ الوحيد البهبهاني وكذلك الشيخ يوسف البحراني، الشيخ يوسف البحراني صحيح انه كان اخباري ولكن قريب الى المدرسة الاصولية.
الملا محمد مهدي النراقي كرس المدرسة الاصولية بالاضافة الى الاصول والفقه عالم بالرياضيات والهندسة.
شيء واحد هنا اريد ان اؤكد عليه، تعلمون ان هذا كان في النجف الاشرف على هذا الموقع الضخم الذي عنده كان حائراً احياناً في تهيئة لقمة غذاء وكان متعففاً الى درجة، سنين يلبس ثوب واحد، يغسله ويبقى بدون ثوب الى يجف هذا الثوب وما عنده فلوس يشتري زيت للمصباح الذي يستفيد منه، كان هناك تاجر عند المسجد الهندي يبيع اقمشة رأى ان الملا سنة كاملة بثوب واحد فقال له: مولاي انا لا اعرفك لكن احب ان اقدم لك ثوب هدية فأحرجه وقدم له الثوب وبعد يومين مر الملا مهدي النراقي وهو يلبس الثوب الجديد وبعد يومين يأتي محمد مهدي النراقي ويأتي بالثوب في كيس وقال: خذه.
قال: لماذا؟ هذا غير مألوف الهدية تعاد. 
قال: اقول لك بصراحة انا بحاجة الى هذا الثوب لكن لا استطيع ان البسه. 
قال: لماذا مولانا؟ 
قال: انت محلك عند المدرسة ومكان دراستي وانا يومياً امر من هنا مرتين وكل مرة اراك فيها احس بها بضعف شخصيتي يعني تؤنبني نفسي لهذا خذ الثوب لأخلص من هذا العذاب، هذه الشخصيات التي عاشت بهذا الجو لتحصيل العلم، هؤلاء صاروا عظماء لأنهم اتوا لغرض تحصيل العلم ولخدمة العلم ولخدمة صاحب العلم وهو الامام المهدي صلوات الله وسلامه عليه.
هذا الرجل تأتيه رسائل لا يفتحها لضيق الوقت لأنه كان مكباً على الدراسة ولا ينام الا ساعتين، وصلته رسالة ولم يفتحا اربعة اشهر تبين فيها خبر وفاة ابوه الى ان بعد اربعة اشهر عندما عرف قالوا له تعال الى الارث الذي لك، لم يذهب، في هذه الاجواء كان يستفيد من الوقت وطبعاً لاننسى ولا يفوتني ان اذكر ان ابوه المرحوم ابو ذر قتله الوهابيون في مدينة نراق لأنهم احسوا ان هذا يعمل على ان تتقدم الطائفة، كيف الان يقتلون بالعلماء والخطباء لغرض اماتة اهل البيت وابقاء الباطل هو المنتشر لذلك قتل المرحوم ابو ذر والد الملا مهدي النراقي.
اما محمد مهدي النراقي توفي في النجف وبعد سبعة وتسعين سنة عندما رمموا الصحن كان جثمانه على حالته وانا واحد من الشهود شاهدت رجلي جثمانه على حالته وهذا جزء من التكريم الذي كرم الله به العلماء العاملين.

*******