ومن رجالات الصادقين والمخلصين لخندق اهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم هو العالم الزاهد والمجاهد والمربي الشيخ قربان علي الزنجاني.
حينما نزور حرمي الامامين الجوادين صلوات الله وسلامه عليهما في الرواق مراقد عدد من كبار علماء الامامية مدفونين هناك يعني بجوار الامامين الجوادين، واحد من كبار علماء الامامية المدفونين في حرمي الامامين الجوادين هو هذا العالم الجليل الشيخ قربان علي الزنجاني تغمده الله برحمته.
هذا العالم هو من مواليد زنجان في ايران عام 1229 هجرية، يعتبر من مشاهير علماء النجف الاشرف في القرن الثالث عشر الهجري وكتبت عنه كتب الرجال ويستحق اضعاف اضعاف ما كتبوا عنه، درس مبادئ العلوم في بلاده هناك ولما اشتد عوده هاجر الى النجف الاشرف لطلب العلم والانضمام الى الحوزة العلمية في النجف الاشرف، انتقاله الى النجف الاشرف حدود عام 1350 هجرية بمعنى انه في مقتبل العمر وحصل على الدرجات العالية لأنه كان يحضر دروس الاعاظم من اساتذة الفقه والاصول كالمرحوم صاحب الجواهر والمرحوم الشيخ مرتضى الانصاري وبعد ذلك وصل الى درجة الاجتهاد العالية وعاد الى ايران واصبح مرجعاً كبيراً في زنجان، مقلداً، شبه رئيس او زعيم مثلاً، شخصية اجتماعية مشهورة فهذا العالم الجليل يكتب عنه كتب التراجم خصوصاً صاحب معارف الرجال الشيخ محمد الحرز رحمه الله يقول هذا عرف بصلابة ايمانه وطبعاً هذه مسألة مهمة، وشدة زهده وكثرة خوفه من الله عزوجل، انا انقل بلا زيادة ولا نقصان ما نقله صاحب معارف الرجال في الجزء الثاني يقول: ان الشيخ قربان علي الزنجاني هذا العالم الجليل استقطب الافكار والمشاعر في بساطة عيشه رغم ما كان تفد عليه من الاموال ذهب وفضة، هذه الاخماس الشرعية وغيرها، ويذكر هذا المصدر الذي ذكرته يقول: هذا العالم الجليل اشتهر بحنوه وتعاطفه مع الفقراء والضعفاء فكان يسكن خربة بسيطة ولم يكن فيها سوى حصير بسيط ينام عليه وفرش رث خلق يجلس عليه، ثم يقول: انظر انا الذي اتمناه من الالتفات الى هذه النكتة بالذات، فيذكر صاحب معارف الرجال يقول: هذا العالم الجليل الشيخ قربان علي الزنجاني كانت له سيرته الخاصة في التعامل مع الحقوق الشرعية والاخماس وتختلف سيرته عن الاخرين، كان حينما يأتيه مقلده يحسب عنده امواله بعدما يتحدد الخمس يأمره رحمه الله بأبقاء الاخماس عنده، يقول له خذ هذه الاخماس عندك وانا ارسل لك المحتاجين، من طلبة ومن غير طلبة، لم يبقي المال عنده، سألوه لماذا فأجاب قائلاً: اخشى ان اموت ليلتي والمال مودع عندي، هذا هو الخوف من الله، هذا الزهد، هذا العلم، هذا العدل، فيكتب من كتب عنه يقول: كان لباسه من ابسط اللباس وكان لا يخرج بلباسه عن لباس اضعف الناس، هذه هي سيرة الامام علي صلوات الله وسلامه عليه، وطعامه غالباً الخبز وبسيطاً من الخضرة ثم يذكر الذين ترجموه، يذكرون هذه النادرة وهذه النادرة تدل على مدى خشيته من الله عزوجل وايمانه بالحساب والمعاد، يقول هؤلاء انه باع بيته الذي يسكنه خمس مرات، كيف؟ باع البيت و وزع ثمنه على المحتاجين، المشتري لما عرف ان الشيخ باع بيته وهو بيت سكن وصرف على المعوزين رجع اليه وقال البيت لك ولا اريد ثمنه وبعد مدة باع البيت الشيخ مرة ثانية الى مشتري آخر، المشتري لما علم ان الشيخ وزع قيمة البيت على المحتاجين قال مولانا البيت لك ولااريد الثمن، وهكذا تتكرر الحالة خمس مرات، كل مشتري لما يعلم انه باع بيته ووزع ثمنه على الفقراء يرجع اليه الدار وهذه صارت فضيلة وتذكار له مدى العمر واكبر شاهد تدل على مشاعره وعطفه على الضعفاء وصارت هذه الحالة من الشيخ قربان علي الزنجاني صارت حجة بالغة على كل من يملك زمام اموال المسلمين وامور اموال المسلمين.
الشيخ قربان علي الزنجاني من العلماء الذين اوذوا في الله من قبل طواغيت عصورهم وشرد من وطنه وهجر وعذب وسجن في الله وفي دينه وذلك بسبب الفتن السياسية في ايران بين الجكم الجمهوري والملكية، كان الكثير يتوقعون ان رجال الدين يدعمون الملكية لكن هو وقف بوجه النظام الشاهنشاهي وخصوصاً اعتبره عميل متعامل مع الانجليز واعداء الاسلام، وهؤلاء طامعين في خيرات المسلمين، السلطة قبضت عليه وسجنته، وطريقة القاء القبض كانت طريقة خبيثة، وسط الجماهير الحاشدة، اتوا الشرطة وهنا تجمهرت الناس بالالاف وفرضت عليه طوقاً يعني على بيته، درع بشري في اصطلاحنا الجديد والسلطة تركته في وقتها ورغم ان صارت مواجهة بين الناس وقتل عدد منهم وجرح عدد منهم، اعتقل المئات من الناس وصدرت اموالهم اما الشيخ قربان علي هذا العالم اخذوه وزجوه في السجن وبقي الى فترة ينقل من حبس الى حبس والسجون في القلاع القديمة المليئة بالعقارب والافاعي وصبر على ذلك من اجل مقارعة الظالمين والطواغيت افضل مما يعيش في رفاه وعافية ويرى الوطن وخيرات الوطن تنهب والشعب يعذب ويهان وقلت، يعني اليوم في العراق مكان هؤلاء القادة العلمائيين خالي وللاسف، على كل، فبقي في السجن اشهراً ثم بعد ذلك نقل الى طهران وايضاً هناك بقي في السجن شهور عديدة وصب عليه انواع من البلاء والتعذيب مما انهك بدنه وكانوا يمنعون حتى رسائل اهله ان تصل اليه ثم بعد ذلك ومن خشية انتفاضة الناس نفي موثوق اليدين الى العراق ايام البهلوي الاب وتركوه على الحدود في خانقين وعمره انذاك، شارف على المئة، شارف عمره على المئة، رجل بهذا المستوى من السن في السجون ومعاناة التعذيب ثم السفر المضني ذلك اليوم ويتركوه على الحدود وكان نصف ميتاً، بقي جالساً في الصحراء الى ان اتت جماعة وتعرفوا عليه ونقلوه الى الكاظمية فأقام في مدينة الكاظمية، مدة اقامته لن تتجاوز اشهر قليلة لكن عج به اهل البلد، علماء الكاظمية، الاساتذة، الوجوه والسياسين واستبشروا بمقدمه كعالم وكمجاهد وخلال الاشهر القليلة كان يعمل على تدريب وتهذيب عدد كبير من التلاميذ ومن الطلاب وفي الحرم المبارك، حرم الامامين الجوادين كان هناك يدرس وابتلي بمرض عضال، ورجل في المئة عام واكثر فبقي المرض يلح عليه بالرحيل الى ان توفي عام 1328 هجرية فوجد في وصيته انه اوصى بأن يدفن في حرم الامامين الجوادين ودفن هناك في حرم الامامين الكاظمين.
*******