البث المباشر

الشيخ محمد حسن آل سميسم

الثلاثاء 26 فبراير 2019 - 11:07 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- مع الصادقين: الحلقة 532

ومن صفوف الصادقين المضحين في خط اهل البيت واحد رؤوس الحركة الجهادية العلمائية في النجف الاشرف هو العالم المجاهد والاديب الكبير الشيخ محمد حسن آل سميسم تغمده الله بواسع رحمته.
الشيخ محمد حسن آل سميسم هو من مواليد النجف الاشرف في منطقة العمارة، مواليد عام 1279 هجرية، عائلة عريقة واصيلة في العلم والعلماء والخطباء، كم وكم كان الخطباء ووعاظ المنابر والمستمعون يترحمون على هذا العالم الجليل وحتى اليوم حينما تقرأ قصيدته الشجية المؤثرة في القلوب وهي في رثاء الصديقة فاطمة الزهراء سلام الله عليها.
هذا العالم الجليل والاديب الكبير له دواوين من الشعر لكن لو لم تكن له الا هذه القصيدة لكفته شرفاً في الدنيا وفي الاخرة، هذه القصيدة في الزهراء سلام الله عليها، القصيدة طويلة ومطلعها: 

من مبلغ عني الزمان عتابا

ومقرع مني له ابوابا

دهر تعامى عنه هداه كأنه

اصحاب احمد اشركوا اذ غابا

نكصوا على الاعقاب بعد مماته

سيرون في هذا النكوص عقابا

اهم مقطع في هذه القصيدة هو ما يستعرضه الخطباء قديماً وحديثاً وحتى اليوم خصوصاً عند ذكر مصائب الزهراء فاطمة هو هذا المقطع، هذا المقطع الذي يتضمن شبه اسئلة مثيرة ومشجية ومقرحة للقلوب، يقول رحمة الله عليه:

يا باب فاطمة ما طرقت بخيفة

ويد الهدى سكبت عليك حجابا

او لست انت بكل آن مهبط

الاملاك فيه تقبل الاعتابا

نفسي فداك اما علمت بفاطم

وقفت وراك تناشد الاصحابا

او ما رققت لضلعها لما انحنى

كسراً وعنه تزجر الخطابا

او ما درى المسمار حين اصابها

من قبلها قلب النبي اصابا

هذه القصيدة اثر مخلد وباقي مدى الدهر يفجر الرحمات تلو الرحمات على هذا العالم والخادم لأهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم.
الشيخ محمد حسن آل سميسم هو من رجالات الجهاد والتصدي للغزاة المحتلين، نشعر هذه الايام ان مكان هؤلاء خالي، تصدى للغزاة وكان مشهوراً هذا العالم بخلوصه للوطن ووفاءه لشعبه فقد تحرك ثائراً مناضلاً منضماً الى صفوف المجاهدين من كبار العلماء بقيادة القائد المظفر السيد محمد سعيد الحبوبي رحمه الله، في خطوة الى الوراء قليلاً هذا العالم اشتهر بعلمه المتفوق لأنه من تلاميذ المرحوم الشيخ محمد طه نجف احد بناة الحوزة العلمية في النجف الاشرف فكان هذا الراحل من تلاميذ الشيخ محمد طه نجف، كان عنده ديوان في النجف يرتاده اهل العلم والعلماء والمرحوم الذي اتحدث عنه تأثر او تفاعل بأفكار المرحوم السيد جمال الدين الافغاني الاسد آبادي الذي زار النجف الاشرف ضمن سفراته العلمية والتبليغية، كانت للسيد جمال الدين جلسات ومباحثات مطولة مع العديد من العلماء والكتاب والسياسيين فلذلك احد الذين كان لهم صلة قوية بالسيد جمال الدين الافغاني هو الشيخ محمد حسن آل سميسم فمن هنا تشبع بالروح النضالية في مواجهة المستعمرين والغزاة وخططهم المشؤومة لأذلال الشعوب الاسلامية ونهب ثرواتها.
هذا العالم الجليل كان معروفاً بخصال جميلة وجليلة، كان محباً للضيوف رحمه الله ويستأنس بخدمتهم بنفسه رغم علو مقامه العلمي طبعاً هذا من دلائل الكمال فكان يسدي اليهم الخدمة بطيب نفس وشوق ويردد قوله دائماً:

وما بي من عيب يشان به الفتى

سوى انني للضيف ابدي التعبداً

طبعاً التعبد هنا للضيف يعني العبودية المجازية كقول المقنع الكندي:

واني لعبد الضيف مادام ثاوياً

ولا شيمة لي بعدها تشبه العبداً

او كما نخاطب اهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم في الزيارات فنقول عبدك وابن عبدك وابن امتك او هكذا حينما يقول الامام علي صلوات الله وسلامه عليه في كلماته "كن عبداً للاخيار ولاتكن ولداً للفجار" هذه عبودية مجازية ليس كما يثيره البعض من الشراذمة المنبوذين في تخرصاتهم بأن الشيعة يعبدون الحسين ويسمون ابناءعم عبد الحسن وعبد الحسين، غاب عن اذهان هؤلاء الجهال الاميين ان العبودية الحقة هي لله عزوجل دون غيره وهذا من اصول معتقدات الامامية الاثنى عشرية لكن هناك عبودية مجازية مثل الامتثال، مثل الاحترام للطرف كما استشهدت بقول المقنع الكندي او قول الامام كن عبداً للاخيار او كما يقول الشيخ محمد حسن آل سميسم رحمه الله سوى انني للضيف ابدي التعبداً.
هذا العالم الكبير الشيخ محمد آل سميسم رغم مكانته وعلو قدره كان هكذا يخاطب ضيوفه وفي هذه الفرصة المحدودة ننعطف للحديث عن مقام هذا العالم الكبير في حقل الادب والنظم خصوصاً هو يعني ابن الادب ومن عائلة تعرف بالادب، قرأت له مراثي ومدائح كثيرة في مناسبات مختلفة ولكن استأنست واقعاً ببيتين له عقب بهما على بيتين منسوبين للامام علي سلام الله عليه، الامام علي ينسبون له هذين البيتين:

المرء محتاج الى خمسة

ما حازها الا فحول الرجال

الصبر والصمت وحمل الاذى

وعفت النفس وصدق المقال

المرحوم آل السميسم عقب هذين البيتين ببيتين آخرين فقال:

ومن رآى ادراكها ممكن

لغيره وهو يراه محال

ذاك لعمري عالم كامل

لأن علم النقص عين الكمال

وقرأت له رائعة من روائع شعره في رثاء باب الحوائج مسلم بن عقيل، مطلع قصيدته:

لو كان غيرك يابن عروة

مسلماً في اهل كوفان لآوى مسلماً

آويته، يخاطب هاني بن عروة

آويته وحميته وفديته

في مهجة ابت الحياة تكرماً

على كل كم وكم يستشهدون الخطباء بأبيات جميلة لهذا العالم الجليل مثلاً من جملة ما رثا به الحسين عليه السلام قصيدة طويلة من جملتها يقول: 

لأن قصد الحجاج بيتاً بمكة

وطافوا عليه والذبيح جريحه

فأني بوادي الطف اصبحت

محرماً اطوف ببيت والحسين ذبيحه

تخف له الارواح قبل جسومها

أليس به ثقل النبي وروحه

له قصائد عديدة وتعج بها دواوين الادب لكن اعود لأوكد ان هذا العالم الجليل تاريخه تاريخ ابيض ورائع في الدفاع عن ثغور المسلمين، مكانه خالي اليوم ليرى العراق نهباً للاعداء فكان من خيرة الاعضاء والنشطاء في فريق القائد السيد الحبوبي وكان مسموع الكلمة لدى شيوخ عشائر المنتفك يعني الناصرية وترجل للجهاد بنفسه امام المقاتلين وكان يباشر القتال بنفسه وكان يخوض القتال بضراوة وشاء القدر ان يرحل الى ربه في الناصرية 1333 هجرية وبقي بعده اعوانه وزملاءه يواصلون مسيرته الجهادية، هذا تاريخ وفاة السيد محمد سعيد الحبوبي وبعده مسك لواء الجهاد الشيخ محمد حسن آل سميسم وبقي يواصل القتال والجهاد وفي نفس الوقت نشر العلم وتقديم الخدمات حتى ارتحل الى ربه في النجف الاشرف عام 1342 هجرية ووري الثرى بمقبرتهم الخاصة في النجف الاشرف، تغمده الله بواسع رحمته والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة