والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين.
من لوامع الصادقين ومشاهيرهم هو شاعر الولاء ومادح اهل البيت وراثي اهل البيت العلامة الكبير الشيخ قاسم محي الدين قدس الله نفسه الزكية.
هذا العالم الجليل من العينات الزاكية في حوزة النجف الاشرف، هو من مواليد الحلة الفيحاء في العراق عام 1314 هجرية، نشأ في جو علمي وشب على المعرفة وحب العلم وانتقل الى النجف الاشرف واصبح من طليعة فضلاء الحوزة العلمية بجوار امير المؤمنين سلام الله عليه، صار الشيخ قاسم محي الدين من التلاميذ البارزين للمرحوم النائيني اعلا الله مقامه وكذلك السيد ابو الحسن الاصفهاني قدس الله نفسه ويعتبر الشيخ قاسم محي الدين في الحوزة العلمية في النجف الاشرف من فقهاء النحو واللغة يعني نال اعجاب رجالات الحوزة والاساتذة بعد ان الف كتابه اللغوي بداية المهتدي وهداية المبتدي، كتاب رائع وراقي بالنسبة الى مسلكه وطريقته لم يسبقه احد اما على الصعيد الفقهي له حاشية على الرياض وحاشية على كتاب الكفاية للمرحوم الاخوند وهكذا في المجالات الاخرى يعني بأختصار اكثر من ثلاثين مؤلفاً لا اعرف هل نشرت بكاملها ام لا لأن المرحوم الشيخ علي الخاقاني صاحب كتاب شعراء الغري حدثني بأن للشيخ قاسم محي الدين مكتبة مهمة في النجف الاشرف غنية بكثير من المخطوطات والمصادر المهمة ولا نعرف كيف انتهى مصيرها ولكن كما ذكر لي جعفر الخليلي او افراد هكذا عرفتهم انه باع المكتبة في الاواخر لتغطية نفقات علاجه في الخارج كما باع بيته من اجل ان يتعالج، الشيخ قاسم محي الدين رحمه الله على الصعيد الادبي اشتهر بالعالم العروضي كيف الخليل بن احمد الفراهيدي اشتهر بعالم العروض كذلك الشيخ قاسم محي الدين اشتهر وكان معروف في الاوساط الادبية في النجف الاشرف بأستاذ العروض وقد مارس الشعر من ايام شبابه ولو انه في الاوائل والبدايات كان ينظم بالغزل مثلاً والنسيب ومن هذا القبيل ولكن في الاواخر اقتصر بنظمه الشعر في آل البيت فقط ورثاءهم وتبيان فضائلهم ولذلك انا ادرجته مع الصادقين متأثراً بهذه الجنبة في ترجمة حياة هذا العالم الجليل، انا رأيت ديوانه ذات مرة اسمه الشعر المقبول في جزئين طبع في النجف الاشرف قديماً ولااعرف هل اعيدت طبعاته ام لا وله دواوين اخرى كانت مخطوطة، يذكر جعفر الخليلي والسيد الامين رضوان الله عليه في كتابه الاعيان يذكر ان له مجموعة قصائد شعرية في الامام علي صلوات الله وسلامه عليه تسمى بالعلويات العشر.
اما على صعيد سلوكه الشخصي الشيخ قاسم محي الدين رحمه الله كان وقوراً رغم حبه للدعابة وكان ولوعاً بقضاء حوائج الناس، كان يسكن لفترة في مدينة الهاشمية بجوار مرقد القاسم بن الامام موسى بن جعفر صلوات الله وسلامه عليه وكان هناك له ديوان عامر بالضيوف واصحاب الحوائج ثم سافر الى لبنان وجرت هناك له لقاءات ومساجلات ادبية وشعرية كانت تنشرها انذاك مجلة العرفان اللبنانية فكان له باع طويل في بعض العلوم القرآنية وقد نشر كتابه المفيد والذي ترك له اثراً كبيراً في المكتبة الاسلامية انذاك وهو كتابه المسمى بالبيان في غريب القرآن وكان كتاباً نافعاً جداً لايستغني عنه العالم ولا الخطيب ولا الكاتب، كتابه البيان في غريب القرآن يعتبر الكتاب من النتاج الراقي لحوزة النجف الاشرف، في معظم المناسبات كان هو يساهم بمقاطع ادبية جميلة من شعره مثلاً لما قام رجل من اهل الخير اسمه ابو فريد انا لم اعرف من هو ابو فريد لكن هو يبدو من اهل الخير، هذا تبرع بتجديد الباب الثاني للصحن الحيدري الشريف، كان اما السوق الكبير في النجف بابان للصحن الحيدري، الباب الكبيرة وباب صغيرة تسمى باب العبائجية وتشتهر ايضاً بباب مسلم بن عقيل سلام الله عليه فهذا ابو فريد تبرع بتجديد الباب سنة 1371 هجرية فتم تجديد هذه الباب وانفق ابو فريد مال وفير فنظم العديد من ادباء النجف الاشرف في ذلك شعراً ومنهم الشيخ قاسم محي الدين نظم يقول:
ان باباً ابو فريد بناه لفريد في مجده المستطيل
زان فيه صحن الامام علي عصمة اللاجئين مأوى الدخيل
فهو باب النجاة تدخله تفلح فتحته يد الكريم النبيل
واذا شئت ان تحليه بأسم سمه باب مسلم بن عقيل
الى الان على الكاشي باب مسلم بن عقيل هي معروفة بباب العبائجية الشعبية فرحم الله الشيخ قاسم محي الدين كان هذا مساهمته في هذه المناسبة ولايفوتني ان اذكر ان الشيخ قاسم محي الدين له قصيدة رائعة في الامام علي بن ابي طالب عليه افضل التحية والسلام يذكرها السيد محسن الامين في كتابه الاعيان يقول نظم هذه القصيدة الشيخ قاسم محي الدين وهي طويلة ومن جملتها يقول: بطل الحرب يتكلم عن امير المؤمنين روحي له الفداء، يقول:
بطل الحرب في مواقف صفين مبيد القرون بالمشرقية
هو نبراس احمد في جلال
انا الذي اتصوره بالمشرفية يعني السيوف.
بطل الحرب ولعل المشرقية يقصد معنى آخر.
بطل الحرب في مواقف صفين مبيد القرون بالمشرفية
هو نبراس احمد في جلال ما احيل جلاله والهوية
وملاك الناسوت منه وهايلاه نور الحضائر القدسية
عجز الفكر عن حقيقة ذاك الحد فيه وجوهر الماهية
يعني يريد ان يقول ان شخصية الامام امير المؤمنين سلام الله عليه عميقة الغور لا يستطيع احد ان يلم بأبعادها وحدودها.
للشيخ قاسم محي الدين مساهمة ادبية ايضاً رائعة دافع فيها عن الشهيد الحر الرياحي، تعلمون ان هذه قضية دار حولها لمدة طويلة جدل حتى في حياتنا بعض العلماء كان لايزور المختار والحر عنده على اية حال مؤاخذات وتصورات وهذه حتى الشعراء والادباء، فالشيخ قاسم محي الدين من بعض مقاطعه نظم يدافع عن الحر الرياحي في قصيدة جميلة من جملتها:
لنعم الحر حر بني رياح صبور عند مشتبك الرماح
ونعم الحر اذ واسى حسيناً فجاد بنفسه عند الصياح
لقد رجح الاولى نصروا حسيناً وفازوا بالهداية والصلاح
في النهاية هذا العالم الجليل والاديب الموالي لأهل البيت الشيخ قاسم محي الدين توفي في النجف الاشرف عام 1376 هجرية بعد مرض عضال اضطر فيه ان يسافر الى فيينا لأجراء عملية جراحية وذكرت ان تغطية سفره يعني نفقة سفره باع بيته، باع مكتبته، عاد ولكن المرض عاوده ملحاً عليه بالرحيل وبوفاته انهار آخر بيت من بيوت النجف الاشرف التي عرفت ببيوت النحو والفقه والادب والتفسير في ذلك الجيل المشرف وقد وري الثرى بجوار امير المؤمنين سلام الله عليه واقيمت له الفواتح وشعرت الحوزة بفراغ هائل تركه رحيل هذا العالم الجليل الشيخ قاسم محي الدين.
*******