من طلائع الصادقين المحبين للنبي والامام علي هو الشهيد، طبعاً هو احد حواري الامام علي، رشيد الهجري رضوان الله تعالى عليه، هذا الرجل سماه الامام علي برشيد البلايا والعالم بالمنايا، طبعاً العالم بالمنايا هو الله سبحانه وتعالى لكن العالم بالمنايا شكل مجازي يعني الامام علي سلام الله عليه دربه واعطاه بعض جواهر اسراره وعلومه وسبق ان اخذ من النبي بعض ذلك لأن كان عنده استعداد على الكتمان وكان شخصية متينة.
الكشي رحمه الله يروي في منهج المقال كتابه، يروي قضية لطيفة يقول التقى ميثم التمار وحبيب بن مظاهر فيقول: احدهم للثاني ما سيمر بك وآخر المطاف كيف تستشهد ومن يقتلك، كانت هناك جماعة من العقول الصغيرة لاتستوعب بعد ان ذهب ميثم وحبيب قالوا ما رأينا اكذب من هذين، هنا يمر رشيد الهجري سمعهم وسألهم ما القضية قالوا نحن في عجب من هذا الكذب؟
فقال رشيد رحمة الله عليه: هناك شيء اخر لقد فاتني، ان يخبر حبيب بأن حامل رأسه سيكافئ بمئة درهم واصرف رشيد فقال هؤلاء هذا اكذب من اولئك.
على اي حال تقييم الجهال للعظماء هذا لكن مرت الايام والليالي والازمان واذا يتحقق كل ما قاله ميثم وحبيب اذن فرشيد الهجري كما سماه الامام علي عالم بالمنايا، كان يخبر بعض الافراد بنهايات حياتهم وكان يطبق كل ما يقوله لذلك ضاق بن زياد ذرعاً منه لأن بني امية اي فضيلة تروى عن الامام علي كانت قنبلة تهدم عروشهم ثم انهم رضعوا لبناً فاسداً، لبناً حرام فلذلك يكرهون الن يسمعوا فضيلة لعلي او اسماً لعلي فيكرهوه.
طيب رشيد الهجري سمع من الامام علي، يقول الامام عليه آلاف التحية والثناء، كيف صبرك يا رشيد لو احضرك الدعي بن زياد، الامام لايشتم لأنه هو دعي، من هو زياد، اتى به معاوية والصقه بأبو سفيان والا زياد، هذا الادب العربي مذكور فيه: زياد من ابوه لست ادري ولكن الحمار ابو زياد، هذه معروفة، فالامام يقول: يا رشيد لو احضرك الدعي بن زياد وقطع يديك ورجليك ثم لسانك، هنا يقول رشيد، يقول: مولاي وما عاقبت امري؟
يقول: الى الجنة ورضوان الله.
فقال: شكراً لله على ذلك.
فقال له: الامام اذن انت معي في الدنيا وفي الاخرة.
تبينت بوادر هذا الكلام من الامام امير المؤمنين وتبينت بوادر الفتنة لما اعلن ابن زياد الجائزة لمن يسلمه رشيداً، كيف الان طواغيت الدنيا بوش وغيره من فراعنة العصر يريدون ان يقبضوا على خصم لهم يقولون جائزة عشرة مليون دولار، اعلن جائزة ابن زياد لمن يخبرني او يسلم لي رشيد او يقول لي عن مكانه اعطيه كذا جائزة، في يوم من الايام هناك شخص اسمه ابو اراكة هو صديق لرشيد الهجري، جاء الى بيت ابو اراكة فبنت ابو اراكة فتحت الباب فدخل رشيد، ابا اراكة ضعيف الشخصية ما ان دخل رشيد البيت ترك البيت وجاء الى مجلس ابن زياد، دخل وهو يرتجف يريد ان يجس النبض، هل ان ابن زياد يعلم بوجود رشيد في بيته ام لا، رشيد فطن ومتفرس عرف انه خاف وهرب فذهب الى مجلس ابن زياد بعد ان لبس ملابس اهل الشام وركب دابة ابي اراكة ودخل على ابن زياد فرحب به ابن زياد وظنه من اهل الشام واخذ يسأله عن اهل الشام اما ابو اراكة كاد ان يسقط لأنه عرف رشيد فقال ذهبنا في داهية لاخلاص منها لكن رشيد قوي الاعصاب وظل مترسلاً وابن زياد يرحب به ثم خرج، ابو اراكة وهو يرتجف سأل ابن زياد من هذا؟
قال هذا رجل من اهل الشام قدم الينا فأرتاح ابو اراكة فأتى الى البيت رأى رشيد وقال: له ماذا فعلت؟
لأنه تعجب من بطولته وقوة اعصابه، كيف تدخل وانت راكب دابتي، تدخل على ابن زياد، على اي حال مع هذه الاوضاع بالتالي كثرت الدسائس والمخبرين قبضوا على رشيد واتوا به الى ابن زياد وادخل عليه مقيداً بالحديد، اول سؤال وقبل كل شيء سأله ابن زياد قال له: ماذا؟
قال لك خليلك، انا صانعون بك.
فقال رشيد: اخبرني مولاي علي صلوات الله وسلامه عليه انكم تقطعون يدي ورجلي وتصلبونني على نخلة.
فقال ابن زياد: والله لأكذبن صاحبك.
ثم قال: اطلقوا سراحه فتعجب من نفسه.
ثم سرعان ما قال: اتوا به فلما جاءوا به اليه.
قال: لا اجد لك اصلح مما قاله صاحبك لأنه يبدو انك لن تترك سجيتك، تريد بنا سوءاً ان بقيت حياً فأمر جلادوه وصعدوا به الى تلك النخلة.
في الواقع كان الامام يخبره ففي يوم جاء الامام علي ومعه نفر من اصحابه وكان فيهم رشيد ايضاً، جاء الى نخيل وجلسوا عند نخلة اكل من تمرها الامام علي واكل رشيد الهجري ايضاً وهو يقول: ما اطيب هذا التمر؟
فتأمل الامام قليلاً وقال: يا رشيد كأني بك مصلوباً على هذه النخلة، طبعاً رشيد يعرف شخصية النبي وهو فاهم عمق شخصية الامام علي وكان يعتبر كلام الامام علي لا شك فيه اطلاقاً، كان يأتي ويتعهد بالنخلة ويسقيها ماءاً فمرة اتى رأى ان احداً قطع سعفها فقال: سبحان الله اظن ان اجلي قد قرب لذلك احضره ابن زياد.
وقال: سوف اكذب قول علي.
فقال: كذب شانئ علي والله ان مولاي لا يكذب وانا لا اكذب فأمر بصلبه فصلبوه على تلك النخلة وقطعوا يديه ورجليه عيناً مثلما اخبره الامام علي، هذه ابنته قنوى بنت رشيد الهجري تقول لما قطعوا يدي والدي ورجليه حملت اطراف والدي ورجليه وانا أسأله ابه لا اراك تشكو الماً، الا تحس بألم مما اصابك؟
قال: لا يا بني الا كالزحام بين الناس، تجمهر الناس فصاح رشيد من لديه قلم؟ اكتبوا ما احدثكم به وما يجري حتى قيام الساعة واخذ يتحدث بفضائل الامام علي وما اخبره، واخبرهم بقصته حيث وقفنا عند هذه النخلة واكلنا من تمرها وتطبق كل ما اخبرني به فكان خطيباً وكأنه على منبر ويصدع بفضائل الامام علي فوصل الخبر لأبن زياد قال: هذه فضيحة فأرسل الحجام الخاص به وهو جلاد في نفس الوقت.
وقال: اذهب واقطع لسانه وهذا اول شخص في الاسلام يقطع لسانه ففاض فمه دماً عبيطاً وانتقل الى الرفيق الاعلى شهيداً صابراً.
*******