البث المباشر

عدي بن حاتم الطائي

الثلاثاء 26 فبراير 2019 - 10:18 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- مع الصادقين: الحلقة 526

من اعيان الصادقين وسابقيهم الى الخيرات هو البطل المجاهد والصحابي الجليل عدي بن حاتم الطائي رحمه الله، حاتم الطائي معروف، احدى الشخصيات في الجاهلية، شخصية لامعة هذا ابنه وطبعاً هذا عدي بن حاتم الطائي قدم على رسول الله واسلم بين يديه حباً وتعلقاً به، كيف اسلم، ظروف اسلامه؟ اشرحها بشكل مقتضب، سبب اسلامه هو ان اخته سفانه جيء بها سبية ضمن نصارى طي وكان اخوها عدي هرب بعد انتصار المسلمين عليهم، اتوا بالسبايا واوقفوا عند باب المسجد النبوي وطلع النبي من المسجد فنهضت سفانة وهي شابة وجميلة ومتكلمة ومتفرسة عرفت النبي فصاحت: يا محمد مات الوالد وغاب الوافد وانا ابنة حاتم الطائي وكان ابي يقري الضيف ويطعم الجائع ويكسي العاري فأمنن علي من الله عليك.
فقال لها النبي: هذه اوصاف المؤمنين ولو كان ابوك مسلماً لترحمنا عليه، هذه صفات اهل الجنة ثم سألها النبي من وليك؟ 
قالت: الفار من الله ورسوله اخي عدي طبعاً للعلم الاعلام المعادي للاسلام ذلك اليوم كان ينشر ويغرس في الاذهان ان الاسير المسلمين يمسكوه كذا ويقطعوه، يحرقوه وهو حي، هذا عملياً رأيناه في حرب الجمهورية الاسلامية مع الكفر العالمي كانوا هكذا يملئون مخ الاسير لكن لما يقع اسير يرى العكس مئة وثمانين درجة، النبي لما سمعها تقول فأمنن علي، امر النبي بأكسائها بأفخر الملابس وقدم لها الهدايا الثمينة وارسلها مع رجال من قضاعة وائتمنهم وقال اوصلوها الى المكان الذي هي تقول وهناك انتم اتركوها فوصلت الى اخيها وهي منبهرة بسلوك النبي واخلاق النبي العالية وشوقت اخيها وقالت الامر ليس كما يقولون فلما سمع تعشق النبي قبل ان يراه سبحان الله التاريخ يقول وصل عدي الى مشارف المدينة في شعبان سنة تسعة من الهجرة فرآى اجتماعاً فسأل ما هذا قالوا هذه بئر يأتي المسافرون يشربون منها ويتوضأون فدخل على البئر وهو لم يرى النبي، رآى رجلاً منحني ويصغي الى امرأة عجوز طاعنة في السن كهيئة الراكع وهذا الرجل يستمع اليها دون ان يمل او يجزع فلم يتصور ان هذا هو النبي لأنه رآه بلباس بسيط ومتواضع فلما سأل أين النبي قالوا له: هذا فأنبهر لما رآى رسول الله سلم على النبي كيف؟ 
سلم عليه سلام النصارى قال: انعمت صباحاً، النبي حياه، النبي جلس على التراب، الرجل صعب عليه ان يجلس على التراب فالنبي فرش عباءته وقال له: اجلس حياك الله ثم صاح النبي اذا جاءكم كريم فأكرموه طبعاً النبي اشتراه بالكامل لكن ليس بدراهم بل اشتراه بخلقه العالي وبسلوكه واذا بعدي ذاب في شخصية النبي واخلاقه العالية ورأساً اعلن اسلامه. 
ثم سأل النبي صلى الله عليه وآله فقال: يا رسول الله انا اسلمت ولكن أريد ان اعرف ما من نبي الا وله وصي فمن وصيك؟ كأنه يعلم انه بقي من عمر النبي سنة فهنا اشار النبي الى علي ابن ابي طالب سلام الله عليه وقال: ان هذا وصي وقاضي ديني فنهض عدي بن حاتم الطائي وعانق الامام علي سلام الله عليه، هذه القضية رواها عدي لمعاوية وطعن قلبه بها، اذكر القضية فيما بعد، صار عدي لصيقاً لرسول الله ولم يبتعد عنه واصبح0 مؤتمناً والنبي ولاه الامانة يعني لحسن الامانة ولاه النبي على صدقات قومه ونظراً لكونه جواداً وابن جواد وشريفاً عند قومه كان النبي يأنس به ويكرمه وكان النبي مرة يحدث احداً عنه فقال: ان عدي بن حاتم ما دخل عليه وقت الصلاة الا كان محباً لها، نعم ثبت عدي مع النبي والامام علي بعد وفاة النبي وبقي وفياً للامام علي ويشهد لوفاءه الكل حتى انه مرة قال للخليفة الثاني عمر تعرفني قال: بلى اعرفك "انت الذي آمن اذ كفروا ووفا اذ غدروا " الخليفة الثاني يقيمه.
طيب بقي عدي مع الامام علي ولايبتعد عنه وعضو فاعل لا يؤثر على ولاءه للامام علي اي شيء، هذه الحروب التي واجهت الامام علي ناكثون، مارقون، قاسطون، لعب ادواراً رائدة وفقد عينه يوم الجمل، يوم صفين كان يقاتل ويردد: 

اقول لما ان رأيت المعمعة

واجتمع الجندان وسط البلقعة

هذا علي والهدى حقاً معه

يا رب فأحفظه ولا تضيعه

فأنه يخشاك ربي فأرفعه

الى ان بدأ معاوية يشعر بألم شديد فكان يخاطب اصحابه قائلاً لقد غثني يعني انا ممرود، غثني رجال من اصحاب علي واخذ يذكر اسماء مثل عمار، كذا كذا ومنهم سمى اسم عدي بن حاتم الطائي، من غرائب الصدف ان عدي بن حاتم كان في حومة الوغى يوم صفين وهناك تواجه مع ابنه زيد، زيد يقاتل في جيش معاوية، هذا التحق بأبوه من الكوفة لكن تأثر بمقتل خاله، خاله قتل في جيش معاوية اسمه حابس بن سعد الطائي فأنظم هو الى جيش معاوية فلما قابله ابوه عدي صاح به موئنباً له موبخاً قال لست على دين محمد من اليوم فهرب وظل مع معاوية ومعاوية اكرمه لاحباً به وانما بغضاً لأبي تراب وعدي لايكلمه وقاطعه وارسل له انك لست مني ولايظلنا بعد هذا سقف واحد وكان عدي يعد نفسه امام الناس انه لو ارى ابني انا اقتله، هذا هو منتهى الوفاء ونكران الذات واحترام المبادئ. عدي يخاطب ابنه زيد المتمرد يقول:

ايا زيد قد عصبتني بعصابة

يعني نكست رأسي مثلاً.

ايا زيد قد عصبتني بعصابة

وما كنت للثوب المدنس لابساً

الا قد وفا ولدي وعق بن حاتم

اباه وامسى بالفريقين ناكساً

طبعاً هو يشير بهذا الى اولاده الثلاثة، هؤلاء مع الامام علي واستشهدوا، طرفة وطريف وطارف ويسجل التاريخ لعدي موقف اخر يتسم بالوفاء للحق ولأهل البيت، بعد استشهاد الامام علي وقف الامام الحسن ينعى ويأمر الناس ببيعة الامام الحسن، لما صمتوا وقف عدي وقال: سبحان الله ما اقبح هذا المقام منكم الا تجيبون امامكم وابن بنت نبيكم اين خطباء مضر الذين السنتهم كالمخاريق فأذا جد الجد التفتوا كالثعالب ثم التفت الى الامام الحسن وهو يقول بصوت عال: سيدي اثاب الله بك المراشد وجنبك المكاره قد سمعنا قولك واطعنا لك، واستقل جواده وذهب الى النخيلة وكان اول من عسكر هناك.
عدي بن حاتم له موقف جميل مع معاوية وطويل لكن انا اجمله، اخذ معاوية يشمت من اصحاب امير المؤمنين فدخل عليه عدي وصار يشمت به امام الحضار، اول ما سأله قال: أين الطرفات؟ يعني أين اولادك؟ 
يستهزأ منه فقال: عدي انهم قتلوا مع مولاي امير المؤمنين. 
فقال: اذن ما انصفك علي اذ قتل اولادك وابقى اولاده فرد عليه فوراً. 
فقال: وانا ما انصفت علياً اذ قتل هو وبقيت انا بعده فألقم معاوية حجراً. 
صمت معاوية قليلاً ثم قال معاوية: انا في عجب من اسباب حبك هذا الشديد لعلي بن ابي طالب؟ 
قال: انا يوم دخولي على رسول الله سنة تسعة من الهجرة حيث اسلمت ولما تعشقت رسول الله سألته انه في الكتب السماوية القديمة انه ما من نبي الا وله وصي، وهذا كلامه صواعق وقذائف، فسألت رسول الله من وصيك فقال: علي لذا انا احبه حتى الممات.
عمر عدي مئة وعشرين عاماً ومات في الكوفة بعد عام ستين للهجرة. 

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة