الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
ومن مشاهير الصادقين والمخلصين لرسالة اهل البيت جهاداً وعلماً وقلماً هو سماحة الشهيد السيد حسن المدرس اعلا الله مقامه، هذا الرجل هو موسوعة جهاد وموسوعة نضال.
هو من مواليد ايران عام 1287 هجرية، هو طباطبائي النسب، من السادة الحسنيين الطباطبائيين، انتقل رحمه الله في السادسة عشر من عمره الى الحوزة العلمية في اصفهان وبعد ان نال موقعاً من العلم تحول الى حاضرة العالم الاسلامي وهي النجف الاشرف واصبح فيها تلميذاً مجداً وفي ذلك اليوم كان يعتبر هو من طلائع تلاميذ المرحوم الاخوند الخراساني والمرحوم السيد كاظم اليزدي اعلا الله مقامهما ونال درجة الاجتهاد وهو في نهاية العقد الرابع من عمره وعاد الى ايران عالماً مجتهداً وقطن في مدينة اصفهان وهناك اسس حوزة ومارس التدريس والخطابة والكتابة، في هذه الاثناء كانت الفتن والاضطرابات السياسية تنتشر في ايران وفي مقابل هذا يأتي عجز السلطة وضعف السلطة وفي هذا الخضم الفساد والتهتك كان ينتشر بشكل غريب وهنا يأتي دور العالم وهنا دوره وهذا يومه يعني عليه ان لايسكت ويبقى متفرجاً، حينما تظهر الفتن، حينما ينتشر الفساد، حينما يكثر الانحراف، الحديث "اذا ظهرت البدع فعلى العالم ان يظهر علمه"، المرحوم السيد حسن المدرس تحرك مع عدد من العلماء الموجودين في اصفهان وشكلوا لجنة يعني نواة، تاريخه الجهادي، في البداية كانوا ينشرون البيانات ويقاومون الفساد ويعملون على ابطال بعض اجراءات الدولة التعسفية فصار توتر بين السلطة من جهة وقائد السلطة او رمز السلطة، صمصام السلطنة يسمى في ذلك اليوم، فأمر هذا الحاكم بأعتقال السيد المدرس وابعاده، ابعد الى مكان نائي، مدينة نائية ولكن اهل البلد انتفضوا ولم يعد الوضع مستقراً في اصفهان وكانت الجماهير الشعبية تبدي سخطها فأعادته السلطة الى اصفهان ولكن هو تحت المراقبة وتحت الرصد من قبل السلطة، نقرأ في تاريخ حياته انه عدة مرات هذا الرجل نجا من محاولة اغتيال.
حينما شكل مجلس الشورى الثاني كان السيد حسن المدرس ممثلاً عن الاخوند الخراساني الذي كان موجوداً في النجف الاشرف والشيخ عبد الله المازندراني، كان ممثلاً عنهم في الانتخابات وفاز هو كعضو في هذا المجلس واستمر على منبر المجلس يقف سد منيع يعارض قيام او اقرار او مناقشة اي قانون او اي تشريع يخالف الاسلام، هنا اندلعت الحرب العالمية الاولى وتهشم وضع ايران انذاك احتل الانجليز جنوبها واحتل الروس شمالها والعثمانيون دخلوا غربها ولم تبقى الا العاصمة ضعيفة محاصرة، نشط دور السيد المدرس اعلا الله مقامه في تثبيت حقوق ايران واستطاع فك الحصار عنها من قبل العثمانيين بعد مفاوضات مضنية اجراها مع الحاكم العثماني انذاك يعني هذا ملف كامل لكن وقت البرنامج دقائق، حاكم ايران انذاك وثوق الدولة، هذا الحاكم عقد اتفاقية مشينة ومذهلة ومهينة مع بريطانيا عام 1919 واقعاً تفاصيلها مضحكة ومخزية يعني مثل الذي باع ايران للبريطانيين، وقف السيد حسن المدرس ومعه مجموعة من العلماء بوجه ذلك حتى ادى الامر الى استقالة وثوق الدولة وهنا سقط الحكم القيصري في روسيا وتبدلت الامور في ايران وبالتالي سقط دور القاجارية، السلالة القاجارية وجاء رضا خان مير بنج هذا، رضا خان البهلوي على السلطة وهذا لما جاء كالمجنون زج جميع العلماء في السجون، الرموز الدينية، الكتاب وبقي السيد المدرس سجيناً عدة اشهر وبعد ذلك اخلي سبيله فعاد يزاول نضاله ضد الاستبداد ومارس رضا خان البهلوي معه وسائل ومحاولات لأستقطابه واراد تحويله كآلة مزحة فكان كما يقولون اليوم مرة بالجزرة ومرة بالعصا لكن هو كان صامداً لأنه كان عالماً مبدئياً ومحترم لمبادئه وكان يؤشر اعتراضه على كل ما يخالف العدالة واحكام الاسلام، البهلوي آذاه بمختلف الايذاء، حرمه من ممارسة حقوقه السياسية ومنعه من الترشيح، ومنع من التحرك، ان لايخرج من شعاع مدينة قم فبقي رحمه الله السيد حسن المدرس في مدينة قم ولكن من مدينة قم كان يخاطب عقول الجماهير عبر مناشيره وخطبه، لم يكن في ذلك اليوم تسجيلات وكاسيتات ولكن كانت بياناته رنانة وتصل محتوياتها فقبض عليه البهلوي من جديد ونقله الى احدى المدن الصحراوية النائية ومنطقة موبوءة، مثل ابو ذر الخليفة الثالث اخذه الى الربذة، هذه المنطقة مثل الربذة، بقي هناك مبعداً ومنع اي احد من مقابلته ولكن هو من تلك المنطقة المهجورة كان يرسل مقالاته وبياناته الى الصحف وكانت مؤثرة، تحرك الجمهور ونهاية المطاف قام رضا خان البهلوي بتصفيته يعني وجد انه هكذا شخص لايمكن اخضاعه بالمال ولا التهديد والسجون تنفع معه، رجل مخلص وصاحب مبادئ فقرر تصفيته، قلت عدة محاولات صارت لأغتياله والله سبحانه وتعالى انجاه منها، فهو انتقل بعد ذلك الى مدينة كاشمر وبقي هناك ايام واذا هو خارج للصلاة عند اذان الفجر فأطلق عليه مجهول في وسط الظلام الرصاص وسقط هذا العالم الجليل شهيداً ومضرجاً بدماءه ومن اجل ان يغلق البهلوي هذا الملف دفن على عجل هناك، الان له مزار كبير هناك في مدينة كاشمر، استشهاده رضوان الله تعالى عليه قبل 70 او71 سنة من الان، 1358 هجرية.
الامام الخميني رضوان الله عليه من خلال خطبه - تغمده الله برحمته الواسعة- وصفه بأنه من بناة الفكر السياسي الرشيد وكان يصف السيد حسن المدرس هذا الشهيد بأنه مربي اجتماعي ناجح وعالم عامل مجاهد.
طيب هذا الرجل السيد حسن المدرس ليس على صعيد الجهاد والعلم فقط، هذا الرجل له تراث كبير، مؤلفات عديدة، زملاءه ورفاقه في الدرس كانوا يتحدثون عنه، لكن يبدو ان ازلام السلطة لما هاجموه اخذوا مكتبته ومخطوطاته واغاروا عليها من اجل ابادة وتدمير اثاره العلمية وان لايبقى له اسم او تاريخ او اي اثر خالد.
*******