البث المباشر

تفسير موجز للآيات 9 الى 17 من سورة الجن

السبت 24 أغسطس 2024 - 13:12 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 1041

 

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله كما هو أهله والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين المعصومين.. حضرات المستمعين الأفاضل سلام من الله عليكم ورحمة من لدنه تعالى وبركات.. تحية طيبة لكم أينما كنتم وأنتم تواصلون متابعة برنامجكم القرآني "نهج الحياة" حيث نستأنف في حلقتنا هذه تفسير سورة الجن المباركة بداية بالإستماع الى آياتها التاسعة حتى الثانية عشرة فابقوا معنا مشكورين..

وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَن يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَاباً رَّصَداً{9} وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَن فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً{10} وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَداً{11} وَأَنَّا ظَنَنَّا أَن لَّن نُّعجِزَ اللَّهَ فِي الْأَرْضِ وَلَن نُّعْجِزَهُ هَرَباً{12}

كلمة "الرَصَد" أيها الأحبة، إسم جمع لراصد بمعنى الحارس والمراقب؛ و"القدد" جمع " قد" بمعنى المقطوع، و(طرائق قدداً) بمعنى الطرق المتعددة.

ويستفاد من هذه الآيات أن الجن المؤمن مضافاً إلى أنه عرف القرآن، فهو أيضاً أدرك ضعفه مقابل عظمة الله وقدرته وأدرك بأنه يملك القدرة على الإختيار والإنتخاب.

ومن تعاليم هذه الآيات الكريمة يمكن القول أولاً: لنزول القرآن أثر في السموات كذلك، فكان الجن يسترق السمع إلى الأخبار السماوية قبل نزول القرآن؛ ولكنه مُنع من ذلك بعد نزول القرآن.

ثانياً: لا يعلم الجن بمستقبل البشر والعالم.

ثالثاً: الإرشاد هو من شؤون الربوبية.

رابعاً: الجن ليس مفطوراً على الفساد، بل إن من الجن من هو صالح ومنه من هو غير صالح.

وخامساً: لا يمكن إعجاز الله لا بالمقاومة ولا بالفرار.

أما الآن، مستمعينا الأكارم، نصغي معاً خاشعين إلى تلاوة الآيات الثالثة عشرة حتى الخامسة عشرة من سورة الجن المباركة..

وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَى آمَنَّا بِهِ فَمَن يُؤْمِن بِرَبِّهِ فَلَا يَخَافُ بَخْساً وَلَا رَهَقاً{13} وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُوْلَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً{14} وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً{15}

"البخس" أعزتنا المستمعين، بمعنى الإنقاص الظالم، و"الرهق" تأتي بمعنى السفاهة والطغيان والذنب والكذب والظلم.

وأما "القسط" بمعنى سهم ونصيب ويطلق وصف "قاسط" على الشخص الذي يأخذ سهم الآخر؛ و"مقسط" للشخص الذي يعطي الآخرين سهمهم؛ وبمعنى آخر، أنها لو كانت من باب إفعال لكانت بمعنى إجراء العدالة، أما لو كانت ثلاثياً مجرداً فهي بمعنى ظلم الآخرين، وبما أن كلمة (القاسطون) جاءت مقابل (المسلمون) فهذا يعني أن أهل التسليم يجب أن يكونوا عادلين. وأما مفردة "تحروا" فبمعنى قصدوا.

ومما نستقيه من هذه الآيات المباركات أولاً: الإسراع في عمل الخير يزيد من قيمته.

ثانياً: الإيمان بالقرآن يعني الإيمان بخالق العالم.

ثالثاً: رغم أن الجن مخلوق لطيف، إلا أن عذابه جسماني.

ورابعاً: الإنسان المجرم حطب لجهنم، وكذلك الجن المنحرف.

أما الآن، إخوتنا الأفاضل، ننصت وإياكم الى تلاوة مرتلة من الآيتين السادسة عشرة والسابعة عشرة من سورة الجن المباركة..

وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقاً{16} لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَمَن يُعْرِضْ عَن ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَاباً صَعَداً{17}

أيها الأفاضل، كلمة "غدق" بمعنى الكثرة و"صعد" بمعنى الصعب والمشكل.

وعن الإمام الباقر (ع) أنه فسر الإستقامة على الطريقة بالثبات على ولاية أهل البيت (ع)؛ ونقل عن الإمام الصادق (ع) قوله في تفسير الآية: (معناه لأفدناهم علماً كثيراً يتعلمونه من الأئمة).

وتشير هاتان الآيتان إلى أن أسلوب المقارنة هو من أفضل الأساليب التربوية؛ فورد في الآية: الإستقامة والمطر، وفي الآية التالية: الإعراض والعذاب؛ وبمقارنة هاتين الحالتين تصبح مسألة الحق والباطل واضحة وشفافة أكثر.

ومما تعلمه إيانا هاتان الآيتان الشريفتان أولاً: الأهم من الإيمان هو البقاء والثبات عليه.

ثانياً: أفضل طريقة للدعوة هي توضيح آثار الإيمان وبركاته.

ثالثاً: لا تظهر آثار الإيمان في الآخرة فقط وإنما تظهر في الدنيا كذلك.

رابعاً: توسيع الرزق هو أحد وسائل الإمتحان الإلهي.

وخامساً: قد يكون نزول المطر أحياناً وسيلة للإمتحان، فإذا ما قوبل بالجحود، فسيصبح سبباً للعذاب.

مستمعينا الأكارم، إلى هنا وصلنا وإياكم الى ختام حلقة أخرى من برنامج "نهج الحياة" حيث قدمناها لحضراتكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، فحتى الملتقى في حلقة أخرى نستودعكم الباري تعالى والسلام خير ختام.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة