البث المباشر

تفسير موجز للآيات 1 الى 8 من سورة الجن

السبت 24 أغسطس 2024 - 13:12 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 1040

 

بسم الله وله الحمد حمد الشاكرين على نعمائه جميعاً، وأزكى الصلوات وأتم التسليم على أشرف الخلق، سيدنا ونبينا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين، مستمعينا الأفاضل في كل مكان السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، وأهلاً ومرحباً بكم وأنتم برفقتنا وهذه الحلقة من برنامجكم القرآني "نهج الحياة" وتفسير سورة أخرى من سور القرآن الكريم، وهي سورة الجن المباركة..

نستهل هذا اللقاء، أيها الأطائب، بالإستماع الى تلاوة الآيتين الأولى والثانية من سورة الجن فكونوا معنا مشكورين..

بسم الله الرحمن الرحيم.. قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً{1} يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَداً{2}

كلمة "نفر" أيها الأحبة، تطلق على المجموعة المؤلفة من ثلاثة إلى سبعة أو أحد عشر شخصاً.

و تشير الآية الأولى إلى أن الكون في الرؤية الكونية الألهية، ليس محصوراً في الأشياء المادية والمحسوسة، ولا في ما نراه في هذه الدنيا.

كما تتحدث ثمة آيات في القرآن الكريم عن الجن، منها: قوله تعالى (والجآن خلقناه من قبل) فكان خلق الجن قبل خلق الإنسان. وللجن مكانة خاصة كما للإنسان، لأن الغاية من خلقه هي نفس الغاية من خلق الإنسان بقوله تعالى (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون)، كما عندهم القدرة على الإختيار، لذا منهم الكافر ومنهم المؤمن.

وتشير الآية الثانية إلى أن كل الأمور المبتكرة الباعثة على التعجب تصبح عادية بعد أيان عدة؛ ولكن القرآن كتاب عجيب أبدي، ولا يصبح عادياً أبداً. كما جاء في نهج البلاغة عن الإمام علي عليه السلام: "لا تفنى عجائبه".

ومن تعاليم هاتين الآيتين الكريمتين يمكن القول أولاً: رغم أن الجن ليس مخلوقاً من تراب، ولكنه يسمع كلام الإنسان.

ثانياً: يؤثر الإستماع إلى تلاوة القرآن في وجود المستمع.

ثالثاً: يجب أن نستمع إلى الكلام الذي يوصلنا إلى الرشد.

ورابعاً: الإيمان والإخلاص دليلان على الرشد.

أما الآن، أيها الأفاضل، ننصت وإياكم خاشعين إلى تلاوة الآيات الثالثة حتى الخامسة من سورة الجن المباركة..

وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَداً{3} وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطاً{4} وَأَنَّا ظَنَنَّا أَن لَّن تَقُولَ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِباً{5}

مفردة "جد" أيها الكرام، تعني العظمة، وإن كانت تستعمل في حق والد الأب فهذا للإشارة إلى مكانته الكبيرة والعظيمة وسط عائلته.

و"الشطط" هو الكلام الظالم المجافي للحق. والمقصود من السفيه إما الناس السفهاء أو شخص إبليس الذي كان من الجن واعترض على الله وابتعد عن الحق.

ومما تعلمه إيانا هذه الآيات المباركة أولاً: معرفة الله هي الخطوة الأولى في طريق الرشد.

ثانياً: الحاجة إلى الزوجة والولد منافية لمقام توحيد الله وتنزهه عن الحاجة.

ثالثاً: قول الباطل دليل على السفاهة.

ورابعاً: لدى الجن علم بمعتقدات الإنسان وأفكاره.

أيها الإخوة والأخوات، ندعوكم في هذه اللحظات، للإستماع الى تلاوة الآيات السادسة حتى الثامنة من سورة الجن المباركة..

وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً{6} وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا ظَنَنتُمْ أَن لَّن يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَداً{7} وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاء فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً{8}

"الرهق" عزيزي المستمع، هو الفعل القبيح والخطيئة التي تحيط بالإنسان.

وقد ورد في الروايات، أن المقصود بالإستعاذة برجال من الجن، هو الذهاب إلى أشخاص يدعون العلاقة بالجن ويتلقون إلهامهم من الشيطان، وطلب حل المشكلات منهم.

ومما نستلهمه من هذه الآيات الشريفة أولاً: الإلتجاء إلى الجن لغو وسفاهة.

ثانياً: الجن كالإنسان فيه ذكر وأنثى، لقوله تعالى (يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ).

ثالثاً: نتيجة الإرتباط بالجن، بهدف الوصول إلى المقاصد الخاطئة، هي ضلال الطرفين.

رابعاً: لا يستند المنكرون للقيامة إلى دليل وبرهان علمي؛ ولكنهم يتبعون الظن والتخمين.

وخامساً: لا ينبغي السماح بدخول الضالين إلى أي مكان.

إخوة الإيمان، بهذا وصلنا وإياكم الى ختام هذه الحلقة من برنامج "نهج الحياة" شاكرين لحضراتكم كرم الإستماع وطيب المتابعة، فحتى لقاء آخر وتفسير ميسر من آي الذكر الحكيم، دمتم سالمين وفي أمان الله.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة