الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين. ومن كواكب الصادقين وفقهاء اهل البيت ومن خدامهم المخلصين في مودته لهم، في محبته لهم العالم الكبير والشاعر القدير الشيخ الحاج كاظم الازري اعلا الله مقامه، واقعاً هذا الرجل له حق علينا ونحن نفتخر بأن نذكره عبر مئات السنين حتى لا ينسى وقلت بأن له باعاً طويلاً في خدمة اهل البيت، هذا الرجل منارة يفتخر بها اهل المعرفة.
هو من مواليد بغداد في العراق عام 1143، درس المقدمات وتحول صوب النجف الاشرف واصبح من رجالها الاقوياء فقهاً واصولاً وادباً وكان مولعاً بالادب والشعر وكان عنده هواية وولع فزامل كبار الادباء كالمرحوم السيد محمد مهدي بحر العلوم حتى ان هذا السيد كان لا يفارقه ولا يقدم عليه في مجلسه احداً وقديماً كنا نسمع "من صاحب العليا علم، من صاحب السفلى سفل" على اي حال الجليس والصاحب والنديم له كل التأثير، فبرع المرحوم الازري نموذجاً رائداَ ناجحاً في عالم الادب، كانت اول قصيدة نظمها مرتجلاً، مسألة تستوجب التوقف، كان يرتجل ارتجالاً نفهم من خلاله ان توفيقاً غير مرئياً، ان هناك دافعاً غير مشهود معنوياً كان من وراءه.في ذلك اليوم السفر الى الحج، الذي يسافر الى الحج في تلك السنين قبل مئتين سنة او ثلاثمئة سنة من كان يأمل ان يراه بعد ذلك، لو المرض يأكله، لو الذئاب في الطريق، قطاع الطرق، التكفيرية، النواصب وامثال هؤلاء فمن يذهب الى الحج في تلك السنين اذا رجع على قيد الحياة معناه هذا عمر جديد، سافر هذا الرجل الى الحج وبعد اشهر وصل المدينة المنورة، عندما رأى من الصحراء قبة رسول الله صلى الله عليه وآله فأرتجل هذه القصيدة التي انا اذكر مطلعها والا القصيدة طويلة وموجودة في ديوانه:
انخ المطي فقد وفدت على الحما
والثمثراه محيياً ومسلما
وقلت رغم انها اول قصيدة وبأرتجال تعتبر من اروع قصائده، انا اريد ان اتكلم عن شيء مهم جداً في حياة هذا الشاعر والعالم المجاهد رغم قصر وقت البرنامج، هذا الرجل وقف عمره كله على خدمة اهل البيت، مدح اهل البيت، رثاء اهل البيت، ذكر فضائل اهل البيت لكن اشتهر هو بأثر تاريخي تركه حياً على الاذهان حتى هذه اللحظة والى آخر الدنيا، ما هو هذا الاثر؟ اسمع، هذا الرجل عنده قصيدة تعرف بالازرية بألف بيت، هي ملحمة من ملاحم الشعر العربي طبعاً تعرضت للتلف عمداً فضاع الكثير منها مطلعا:
لمن الشمس في قباب قباها شف
جسم الدجى في روح ضياها
خمسين بيتاً في الغزل، ثم يعرج على ذكر فضائل النبي فيقول:
ليس يرجى الخلاص منهن
الا بذمام من سيد الرسل طه
معقل الخافقين من كل خوف ويتكلم عن النبي ثم يتحول الى مقطع آخر مفصل يذكر فيه اكثر من خمسين فضيلة لأمير المؤمنين، كيف يربط؟ من حالة الانتقال، من نظمه عن النبي الى الامام علي يتحول بهذا البيت، ثم قال:
ملك شد ازره بأخيه
فأستقامت من الامور قناها
يبدأ يتكلم عن امير المؤمنين، اول ما يقول:
اسد الله ما رأت مقلتاه نار
حرب تشب الا اصطلاها
ثم يقول:
هذه من علاه احدى المعالي
وعلى مثلها فقس ما سواها
يعني بهذه القصيدة انا قرأت مقاطع في كشف حقيقة خصوم اهل البيت ومن ظلمهم وطبعاُ لا اريد ان اقرأ تلك الابيات والتي من جملتها يقول: حفظت اربعين الف حديث، او يقول في حديث فلان وفلان:
ان تكن فيهما شجاعة نفس
فلماذا في الدين ما بذلاها
ذخراها لمنكر ونكير
ام لأجناد مالك
هذه القصيدة شطرت عدة مرات وخمسها عدة شعراء وشرحها البعض شرحاً وافياً واذكر عن المرحوم الشيخ كاظم الازري انه امر بدفن القصيدة معه في قبره يعني من باب الاعتزاز بها وانها متاعه وزاده الى الله وماكان نسخة ثانية فألح بعدما دفنت معه في القبر ونبش القبر غير جائز الا لحالات في اطار ضيق، بعض علماء تلك الفترة اصر على استخراجها لانها علم وعلم ينفع الاجيال والخطباء، الكتاب، الناس فنبشوا القبر طبعاً بهذه الصورة بقدر ان يخرجوها، انا اذكر هنا سمعت من المرحوم العالم الكبير الشيخ محمد رضا المظفر في النجف الاشرف، كنت اقرأ في منزله ليالي الجمعة اسبوعياً فذكر ان المرحوم صاحب الجواهر كان حينما يسمع هذه القصيدة يتفاعل بها ويردد ويقول: حاضر ان ابدل الحاج كاظم الازري ثواب موسوعتي الجواهر بثواب هذه القصيدة ويقول الشيخ المظفر اعلا الله مقامه بأن السيد بحر العلوم كان اذا سمع خطيباً يقرأ فصولاً من هذه القصيدة ينهض واقفاً يعني انتعاشاً واحتراماً لهذه القصيدة، كنا نحن من الصغر نشعر بهذه الظاهرة ان الخطيب من رموز توفيقاته، المبتأ يعني الذي يبتدأ الخطابة، واحدة من رموز توفيقاته ان يحفظ مقاطع من قصيدة او من الازرية للمرحوم الشيخ كاظم الازري وفيها مقطع مروع جداً حينما يتكلم عن الزهراء فاطمة ومأساتها وطبعاً لا وقت لقراءة هذا المقطع بكامله لكن يبدأه بهذا البيت:
يوم جاءت الى عدي وتيم
ومن الوجد ما اطال بكاها
تعظ القوم في اتم خطاب
حكت المصطفى به وحكاها
ويستمر الى ان يقول:
جرعاها من بعد والدها الغيض
مراراً فبئس ما جرعاها
قلت ان القصيدة طبعت اكثر من ثلاثين طبعة وخمسها عدة شعراء وكتبت لها شروح. لم يذكر المؤرخون سنة وفاته ولا مكان وفاته وانوه انه بعد نظمه هذه القصيدة وفضحه اعداء وظلمة اهل البيت كان في السنين الاخيرة اصبح يتوارى ويتخفى عن الانظار لانه يبدو تعرض الى تهديدات وحركات انتقامية من اعداء اهل البيت فبقي يتحرك ببطئ وهدوء ودائماً في الظل الى ان لحق بالرفيق الاعلى ليلقى الله ابيض الوجه جزاء ما قدمه من خدمة للنبي وال النبي، أسأل الله له الرحمة والرضوان والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******