بسم الله الرحمن الرحيم.. الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على الهادي الأمين سيدنا ونبينا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.. سلام من الله عليكم مستمعينا الكرام ورحمة من لدنه تعالى وبركات، تحية لكم أينما كنتم وأنتم تتابعون برنامجكم القرآني "نهج الحياة" حيث سنكمل في حلقتنا هذه بإذن الله تفسير ما تبقى من آيات سورة الحاقة المباركة إبتداءً بالإستماع الى تلاوة الآيات الخامسة والثلاثين حتى الثالثة والأربعين فكونوا معنا على بركة الله..
فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ{35} وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ{36} لَا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِؤُونَ{37} فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ{38} وَمَا لَا تُبْصِرُونَ{39} إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ{40} وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلاً مَا تُؤْمِنُونَ{41} وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ{42} تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ{43}
أيها الأكارم، "غسلين" هو الدم والقيح الذي يخرج من جسد أهل النار.
والمقصود من (رسول كريم) شخص نبي الإسلام (ص) وليس جبرائيل الأمين، لأننا نقرأ في الجمل اللاحقة أنه ليس كاهناً أو شاعراً؛ وقد نُسبت صفة الشاعر والكاهن إلى النبي الأكرم لا إلى جبرائيل عليه السلام.
وتشير الآيات إلى أن المشركين كانوا يعدون القرآن كتاب شعر وأن النبي شاعر، في حين أنه لم يُنقل عن الرسول حتى بيتاً من الشعر. كما تشير إلى أن عقاب يوم القيامة متناسب مع الذنب، فمن لا يرحم المساكين في الدنيا، لا يجد من يرحمه في الآخرة بقوله تعالى (فليس له اليوم ههنا حميم) ومن لا يطعم المحتاج في الدنيا سيعذب بالطعام السيء في ذلك اليوم.
كما ورد أعظم قسم في هذه السورة حيث يقول عزوجل (فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ وَمَا لَا تُبْصِرُونَ) أي كل الوجود.
ومما نتعلمه من هذه الآيات البينات أولاً: لا يرتاح أهل النار، لا من الناحية النفسية ولا من الناحية المادية.
ثانياً: عدم الإيمان بالله تعالى وعدم الإكتراث بالمحتاجين هو ذنب لا يغتفر.
ثالثاً: كل الوجود له أهمية في النظرة الإلهية، لأن الله قد أقسم بكل الوجود.
رابعاً: إن الله عزوجل يتم حجته، فينزّل الوحي وواسطة الوحي هو الرسول الكريم.
خامساً: لا ينبغي على المبلغ أن يتوقع إيمان الناس جميعاً أو أغلبهم.
وسادساً: لا تسكتوا عن قول الحق وإن عارضت الأكثرية.
إخوة الإيمان، في هذه اللحظات نصغي وإياكم الى تلاوة مرتلة من الآيات الرابعة والأربعين حتى الثانية والخمسين من سورة الحاقة المباركة..
وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ{44} لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ{45} ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ{46} فَمَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ{47} وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ{48} وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنكُم مُّكَذِّبِينَ{49} وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ{50} وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ{51} فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ{52}
كلمة "تقوّل" أيها الأفاضل، يعني نَسَبَ الكلام إلى الشخص الذي لم يقله. و"الوتين" هو الشريان الذي يغذي القلب بالدم وإذا ما انقطع سيموت الإنسان.
وتشير الآيات إلى أن القرآن في الدنيا والآخرة؛ سبب لحسرة الكفار، يتحسرون في الدنيا لعدم مقدرتهم على الإتيان بمثله، وفي الآخرة يتحسرون لعدم إيمانهم به.
والأخذ بـ (اليمين) كناية عن القدرة؛ لأن اليد اليمنى لها قدرة أكبر.
كما تشير الآيات إلى أن الله لا يستحي من أحد، فيخاطب نبيه بهذا الأسلوب فعلى البقية أن يحذروا.
كما لم ينسب الرسول الأكرم أي شيء غير صحيح إلى الله تعالى؛ لأن كلمة (لو) تستخدم في الموارد التي يكون فيها غير قابل للتحقق.
ومما تعلمه إيانا هذه الآيات الكريمة أولاً: الله تعالى هو حافظ الوحي ولا أحد يملك القدرة على الإضافة إليه أو التنقيص منه.
ثانياً: كل الناس سواسية أمام القوانين الإلهية.
ثالثاً: إن التساهل والتسامح في قانون الله وكلامه عزوجل، ممنوع.
رابعاً: الدفاع عن الحق أهم من الشخص؛ فمن الممكن أن تقبض روح أفضل الناس لأجل حفظ الوحي.
خامساً: في مقابل تموضع المكذبين، سيروا في طريقكم تحت عين الله.
وسادساً: تسبيح الله تعالى هو في سبيل تربية الإنسان.
إخوتنا الأفاضل، مع إتمام تفسير سورة الحاقة المباركة، وصلنا وإياكم الى نهاية هذه الحلقة من برنامج "نهج الحياة" ختاماً تقبلوا تحياتنا من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، شاكرين لكم طيب المتابعة وكرم الإستماع، فحتى لقاء آخر دمتم في رعاية الله وحفظه.