البث المباشر

تفسير موجز للآيات 13 الى 34 من سورة الحاقة

السبت 24 أغسطس 2024 - 12:09 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 1033

 

بسم الله الرحمن الرحيم وبه تبارك وتعالى نستعين والصلاة والسلام على خير الأنام سيدنا ونبينا محمد وعلى آله الأطهار الأبرار.. حضرات المستمعين الأفاضل سلام من الله عليكم ورحمة من لدنه تعالى وبركات.. تحية طيبة لكم وأنتم تستمعون الى حلقة أخرى من برنامج "نهج الحياة" حيث سنواصل فيها تفسير آيات سورة الحاقة المباركة نشرعها بالإستماع الى آياتها الثالثة عشرة حتى الثامنة عشرة فتابعونا على بركة الله..

فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ{13} وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً{14} فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ{15} وَانشَقَّتِ السَّمَاء فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ{16} وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ{17} يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنكُمْ خَافِيَةٌ{18}

مفردة (الدك) أحبتنا المستمعين، بمعنى التهديم والتخريب وتطلق كذلك على الأرض المستوية والملساء؛ وأما (واهية) فبمعنى ضعيفة، والأرجاء تعني الأطراف والنواحي. كما يدل تكرار كلمة (يومئذ) في هذه الآيات، على أهمية يوم القيامة.

ومن تعاليم هذه الآيات الشريفة يمكن القول أولاً: الواقعة المهمة هي يوم القيامة، وكل واقعة أخرى بالنسبة إليها لا تعد شيئاً.

ثانياً: رغم أن يوم القيامة سيزول النظام الموجود ولكن سيحكم نظام آخر وهو النظام الذي سيقوم بحضور الملائكة.

وثالثاً: في يوم القيامة يُكشف عن كل أبعاد شخصية الإنسان، وتُعرض شخصية الإنسان الحقيقية بحسناتها وسيئاتها وأفكارها وأهدافها ونقصها وكمالها.

أما الآن، إخوتنا الأفاضل، ننصت وإياكم خاشعين إلى تلاوة الآيات التاسعة عشرة حتى الرابعة والعشرين من سورة الحاقة المباركة..

فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَؤُوا كِتَابِيهْ{19} إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيهْ{20} فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ{21} فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ{22} قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ{23} كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ{24}

أيها الكرام، عبارة (هاؤم) إسم له معنى الأمر، ويعني تعالوا؛ و(ظن) في الأمور الدنيوية هي الإعتقاد المصاحب للشك، ولكن في الأمور الأخروية تعني الإطمئنان.

وتشير الآيات إلى أن لكل إنسان كتاب أعمال في يوم القيامة، ويحمل المحسنون كتابهم في أيمانهم؛ وقد تكون المجموعة التي وُصفت في سورة الواقعة بأصحاب اليمين هم هؤلاء.

أما المقصود من العلو في قوله تعالى (في جنة عالية) قد يكون علو المقام لا المكان.

ومما نستنتجه من هذه الآيات الكريمات أولاً: يحاكم الله عزوجل الناس يوم القيامة ويثيبهم أو يعاقبهم على أساس الكتاب المكتوب والمستند.

ثانياً: ليس اليقين بيوم القيامة فقط هو ما يؤثر في الإنسان ويحركه، بل حتى التخمين والظن، حسب قوله تعالى (إني ظننت أني ملاق حسابيه).

ثالثاً: يوم القيامة هو يوم حصاد نتائج ما زُرع في الدنيا.

ورابعاً: الميل إلى إظهار الكمالات أمر فطري ويبقى حتى في يوم القيامة؛ بقوله عز من قائل عن لسان المحسنين (هآؤم اقرؤا كتابيه).

أما الآن، أيها الإخوة والأخوات، ندعوكم للإستماع الى الآيات الخامسة والعشرين حتى الرابعة والثلاثين من سورة الحاقة المباركة..

وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيهْ{25} وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيهْ{26} يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ{27} مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيهْ{28} هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيهْ{29} خُذُوهُ فَغُلُّوهُ{30} ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ{31} ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ{32} إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ{33} وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ{34}

الذراع، أيها الأحبة، هي المسافة من أطراف الأصابع إلى المرفق؛ وقديماً كان وحدة للقياس. وكلمة (سبعين) إما أن تكون بمعناها الحقيقي أو هي كناية عن طول السلسلة. و جاء عن الإمام الصادق (ع) قوله: (لو أن حلقة واحدة من السلسلة التي طولها سبعون ذراعاً، وضعت على الدنيا لذابت الدنيا من حرها) أجارنا الله وإياكم،، أعزتنا،، منها.

ومما نستقيه من هذه الآيات البينات أولاً: من أساليب القرآن في توضيح الحقائق بشكل أفضل، المقارنة بين عاقبة الصالحين والمسيئين.

ثانياً: عند التربية والهداية يجب ذكر البشارة والتحذير أحدهما إلى جانب الآخر.

ثالثاً: المعرفة بالمستقبل هي خطوة في سبيل إتخاذ القرار الصائب اليوم.

رابعاً: ليس للقدرة والثروة أي قيمة يوم القيامة.

خامساً: تكديس الثروات في الدنيا سبب للحسرة في يوم القيامة.

سادساً: الإعتناء بالجوعى مطروح إلى جانب الإيمان بالله.

وسابعاً: لا يشترط في مساعدة الفقراء أن يكون الفقير مؤمناً.

إلى هنا، إخوتنا الأكارم، نصل وإياكم إلى نهاية هذه الحلقة من برنامجكم القرآني "نهج الحياة" فحتى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام خير ختام.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة