بسم الله الرحمن الرحيم وبه تبارك وتعالى نستعين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.. مستمعينا الأفاضل السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته وأهلاً ومرحباً بكم إلى هذه الحلقة من برنامج "نهج الحياة" وتفسير ميسر آخر من سورة أخرى من القرآن الكريم ألا وهي سورة الطلاق المباركة حيث تتحدث الآيات السبع الأولى منها عن الطلاق وأحكامه والمسائل المرتبطة فيه ولهذا سميت سورة "الطلاق".
إبتداءً أيها الأكارم، نصغي وإياكم خاشعين إلى تلاوة الآية الأولى من هذه السورة المباركة..
بسم الله الرحمن الرحيم..
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً{1}
"الإحصاء" أيها الأحبة، هو التعداد وأصله من "حصى" وهي الأحجار الصغيرة؛ لأن القدماء كانوا يستخدمون الحصى والحجارة للعد والحساب. والمقصود من "بفاحشة مبينة" هو الزنا أو إيذاء أهل المنزل وهذه الأسباب من مجوزات إخراج الزوجة المطلقة من المنزل.
ومما نستقيه من هذه الآية المباركة أولاً: جعل النبي هو المخاطب في الأوامر الكلية الموجهة لكل الناس يشير إلى احترام النبي وإلى ضرورة أن يكون هو المشرف على حسن تنفيذ الأوامر الإلهية.
ثانياً: وُضع لقانون الطلاق شروط تحد من سرعته لأجل حفظ نظام العائلة.
ثالثاً: تخريب العلاقات وهدمها وسد الطريق أمام المصالحة هو ظلم للنفس.
ورابعاً: ينبغي الإستبشار عند الحوادث الصعبة.
أما الآن، إخوتنا الكرام، ننصت وإياكم خاشعين إلى تلاوة الآيتين الثانية والثالثة من سورة الطلاق المباركة..
فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً{2} وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً{3}
المقصود من بلوغ الأجل في (بلغن أجلهن) أيها الأحبة، هو الوصول إلى أواخر أيام العدة لا انتهاء العدة تماماً؛ لأنه إذا ما انتهت فترة العدة لا يجوز احتجاز المرأة. كما أن ثمة فوائد من طلب شاهدين على الطلاق؛ إحداها أنه من الطبيعي أن يسعى هذان الشاهدان العادلان للموعظة لا للطلاق وأن يرغبّوا الطرفين بالصلح.
ونقل عن الرسول الأكرم (ص): "إني لأعلم آية لو أخذ بها الناس لكفتهم" ثم قرأ آية "ومن يتق الله يجعل له مخرجاً"
ومما نستنتجه من هاتين الآيتين الكريمتين أيها الأفاضل أولاً: يجب مراعاة الوقت المحدد للأحكام الإلهية بدقة.
ثانياً: يجب أن يتم الطلاق بكل احترام بعيداً عن أي إهانة أو تحقير.
ثالثاً: من شروط صحة الطلاق وجود شاهدين عدلين.
رابعاً: لا ينبغي أن يؤثر الحب والكره على أحكامنا.
خامساً: التقوى مقدمة على التوكل.
وسادساً: قدرة الله وتوكلنا عليه لا تعني أن الإنسان سيصل إلى كل ما يريد؛ لأن كل أمور الكون تابعة لقانون وحساب وكتاب.
إخوتنا المستمعين، ننصت وإياكم في هذه اللحظات إلى تلاوة مرتلة من الآيتين الرابعة والخامسة من سورة الطلاق المباركة..
وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُوْلَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً{4} ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً{5}
مما نتعلمه من هاتين الآيتين الشريفتين، أولاً: تختلف أحكام الله تعالى باختلاف ظروف الإنسان المختلفة.
ثانياً: التقوى ضرورة للأمور الأسرية ولمراعاة حقوق الشريك وبالأخص في حالات الطلاق والإنفصال.
ثالثاً: بعض المشاكل التي تظهر في الحياة سببها عدم التقوى.
رابعاً: لا ينبغي أن نتساهل أو نستخف بالأوامر الإلهية في المسائل الأسرية.
خامساً: يستطيع المذنبون أن يكفروا عن ماضيهم بالتقوى.
وسادساً: التكفير عن الذنوب هو مقدمة لنيل الأجر.
إخوة الإيمان، بهذا وصلنا الى ختام هذه الحلقة من برنامجكم القرآني "نهج الحياة" شاكرين لكم كرم الإستماع وطيب المتابعة، فحتى الملتقى في الحلقة القادمة تقبلوا تحياتنا من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران؛ دمتم بكل خير وفي أمان الله.