والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين. ومن ابرز عناوين الصادقين المخلصين هي العلوية المجاهدة والناشرة لعلوم وفضائل اهل البيت هي السيدة نفيسة ابنة الحسن الابلج حفيد الامام الحسن المجتبى صلوات الله وسلامه عليه والحسن الابلج هو ابن زيد ابن الامام الحسن بأبي هو وامي طبعاً ام العلوية نفيسة لبابة هي حفيدة ابي الفضل العباس، بنت القاسم ابن ابي الفضل العباس سلام الله عليه ولما يزور الانسان مدينة القاهرة، طبعاً هي مدينة من مظاهرها انها تعج بالمآذن والقباب العالية واكثر هذه القباب تعود لمشاهد اهل البيت، اولاد اهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم، في مقدمة هذه القباب مسجد رأس الحسين عليه السلام، مقام يعرف بمقام الحوراء زينب ومن ضمن هذه المشاهد مشهد يتبرك به الناس ويزوروه، حتى الاعراس، نحن رأينا هناك يأتون بالمعاريس ليلة الزفاف يتبركون بزيارتها بقراءة الفاتحة عند قبرها وشاهدت ايضاً الجنائز، الاموات ايضاً يطوفون بهم حول ضريحها.
هذه العلوية العابدة طبعاً هي من مواليد المدينة المنورة عام 145 هجرية، هي وزوجها، طبعاً زوجها ابن الامام الصادق عليه السلام، الابن الرابع، اسمه اسحاق وهو عالم وفقيه ومحدث وابن امام واخ الامام، هذا كان زوجها وهو كان ايضاً من اهل الثروة والخير، هذه المرأة السيدة نفيسة في المدينة كان بيتها ملجأ لذوي الحاجة، ملجأ للمحتاجين، للضيوف وللسائلين فهي كانت تسد الفراغات المالية والعلمية والفقهية ويسألونها مسائل وكانت مشهورة في ورعها وتقواها وعبادتها، السير تروي انها حجت ثلاثين مرة، لعل هذا الثلاثين مثلاً تأسياً بالحسن والحسين صلوات الله عليهما لانهما حجا ثلاثين حجة واحياناً كانوا يمشون والنجائب تقاد بين ايديهم واحياناً يمشون حفاة ولما يسألون الامام الحسن او الامام الحسين يقول اني استحي ان اتجه الى بيت ربي وانا راكب، تواضعاً واحتراماً لبيت الله.
اذن ما هو سبب مجيئها الى مصر، طبعاً جاءت الى مصر برفقة زوجها فهي جاءت ولم تكن قاصدة مصراً انما جاءت مع زوجها يتجهون لزيارة النبي ابراهيم الخليل وكان بعض النساء معها مثل القافلة، بعض هذه النساء كانت تتحدث عن عبادتها وعن تقواها حتى انه واحدة من النساء تقول عاشرتها اربعين سنة فلم ارها نامت بليل او اكلت في نهار، مشغولة ليل نهار بقراءة القران، اثناء توججهم الى مرقد ابراهيم مروا بالقاهرة وعلم اهل مصر بوصولها والظاهر كانت هناك سمعتها منتشرة ففزع الناس لزيارتها زرافات زرافات والحوا عليها بالمقام عندهم واصبح لها موقعاً علمياً كبيراً يعني هي كانت ضاربة ستار ويأتون الناس، الرجال من صوب والنساء بصوب، الرجال من وراء الستار يسألونها، واحد من الذين استفاد من علومها كثيراً هو الامام، امام المذهب الشافعي، محمد بن طلحة كمال الدين يعني كان لما يتحدث يستشهد بأقوالها احياناً ويقول حدثتنا العالمة الجليلة السيدة نفيسة بنت الامام الحسن المجتبى صلوات الله وسلامه عليه فصار بيتها مأوى وملاذ، الروايات تقول حفرت في بيتها حفرة شبه القبر كانت تصلي فيها وتقرأ القران فيها، وتقول الروايات انه في عمرها ختمت القران الاف المرات طبعاً هذا لا استبعده، هذا وارد في تراجم اهل البيت كما في الخبر عندنا في الروايات لما جاء دعبل للامام الرضا والقى قصيدته والامام تفاعل مع قصيدته وتأثر خلعه بجبة واعطاه فلوس وكذا والقضية طويلة، من جملتها اعطاه جبة قال احتفظ بها فأني ختمت بها القران الف مرة، انا مرة كان معي عالم في حجرة واحدة في شهر رمضان، طوال الشهر انا ختمت القران مرتين هو ختم القران عشر مرات، هناك بعض ذوي الهمم والتوفيق فالعلوية نفيسة رضوان الله تعالى عليها كان هذا دأبها في العبادة.
اخر المطاف مرضت وتروي ابنة اخيها زينب بنت يحيى تقول انا كنت امرضها وكانت مواظبة تقرأ القران وهي صائمة فوصلت الى هذه الاية من سورة الانعام «لَهُمْ دَارُ السَّلامِ عِندَ رَبِّهِمْ» فنشجت نشيجاً عالياً وسكتت ووفدت على بارئها، توفت وهذا في عام 208 في شهر رمضان، 208 هجرية فعصفت قضية وفاتها، عصفت بأهل مصر، القاهرة انقلبت عن بكرة ابيها وتحولت المواكب الى مسجد رأس الحسين، مواكب واهازيج والناس في حالة عزاء طبعاً هنا السير تقول ان زوجها قرر نقلها الى المدينة المنورة يعني يعود بها الى مدينتها، مسقط رأسها وان كان هذا فيه اشكال مبدئياً لكن العنوان الثانوي يزيل الاشكال وهو الدفن عند الاولياء، مجاورة الاولياء هذه ترد في فقه اهل البيت فلا يجوز نبش قبر الميت، لا يجوز الا لأسباب جداً اطارها ضيق واقل من اصابع اليد الواحدة، من جملة المسوغات او المجوزات نقل الميت عند اولياءه كما حصل لآدم حينما نقل النبي نوح رفاته من سرنديد في اقصى شمال الهند الى النجف الاشرف ليكون بجوار امير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه فأراد زوجها نقلها الى المدينة لكن اهل مصر حالوا دون ذلك وارادوا ان تدفن عندهم لتكون معلماً من معالم اهل البيت، بقي زوجها متردداً ومر على هذا يوم او يومان وهذا مشكل تأخير الدفن وفيه ربما شبهة شرعية فرأى زوجها اسحاق في المنام كأن النبي مثلاً، ترائى له بأن النبي صلى الله عليه وآله يأمره بدفنها هناك فدفنت في بيتها في نفس ذلك القبر الذي هي حفرته وشيد على قبرها ضريح صغير وطبعاً وفقنا لزيارتها عام 73 ميلادية حينما كنت هناك ادرس في القاهرة وعدت مرة ثانية عام 2001 ايضاً وجدت مزارها موسعاً والمسجد كبير ومآذن وقوافل الزوار مزدحمة حول قبرها ولاحظت عديد من القصائد لشعراء من مصر وغير مصر في فضلها وفي تبيان عظمتها وسبحان الله شاء الله لأهل البيت ان تكون معالمهم وقبورهم رمزاً لأبقاء صلة الامة بنبيها وبالله سبحانه وتعالى، هذا من بركات اهل البيت المشهودة ان الله جعلهم احياءاً وامواتاً همزة الوصل بين الناس وبين الله وبين الاسلام وبين القران وبين اهل البيت.
نسأل الله سبحانه وتعالى ان يحيينا محيا محمد وآل محمد وان يميتنا ممات محمد وال محمد وان يتغمد الله هذه العلوية السيدة نفيسة بواسع رحمته والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******