الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين. ومن معاني الصادقين وابطال الصادقين شهيد الاسلام المعظم ايمن بن ام ايمن، امه ام ايمن من النساء الخالدات المتصلات بكثرة مع النبي صلى الله عليه واله واكتفي بهذه الاشارة عنها وهو ان النبي الى ان لحق بربه صلى الله عليه واله كان يناديها يا اماه، ولدها ايمن وهو الوحيد لهذه الام البطلة، هذا الولد الشاب سمي بالامين، ايمن الامين وهذه المسألة كانت العرب او المنطقة او شبه الجزيرة تهتم بها كثيراً سبحان الله كأن الانسان الامين له موقع احترام حتى عند خصومه واعداءه وهنا يأتي الكلام عن الرسول صلى الله عليه واله كان يلقب من طفولته، تلقبه العرب بالامين، شوقي شاعر النيل يقول:
لقبتموه امين القوم في صغر
على اي حال، هذا يمن الامين ما ترك النبي صلى الله عليه واله وكان مع النبي في مواجهات ومعارك دفاعية وفي كل المواقع خرج بأنتصارات باهرة وكبيرة حتى كتبت له الشهادة يوم حنين وكان مع نفر آخرين يشكلون درعاً بشرية لحماية شخصية الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ومجموعهم هؤلاء تسعة وعاشرهم كان هو ايمن الامين، طبعاً هم تسعة ولكن كل واحد يعادل المئات لانه لايأخذ التاريخ بالعدد وانما يأخذ التاريخ بمضمون هذا العدد وان قل كما اشار القران الى هذا بوضوح "ان يكن عشرون صابرون يغلبوا مئتين" مسألة الاكثرية والاقلية بالعدد هذه غير واردة انما المسألة شخصية المقاتل، ثبات المقاتل، عقيدة المقاتل وبعد ذلك تأتي العوامل المادية كقدرته الجسدية، التدريب، السلاح و....
في يوم حنين كان وضع عجيب سبحان الله والقضية طويلة لكن القران اختصرها بجملة قال «إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ» المصيبة مثلاً حينما الانسان يغتر بالالفاظ «خدعوها بأنها حسناء والغواني يغرهن الثناء» احمد شوقي يقول، المصيبة حينما الانسان يصاب بالاعجاب، الامام امير المؤمنين سلام الله عليه له كلمة من اروع كلماته يقول «اعجاب المرء بنفسه دليل على قلة عقله» هذا الذي معجب بلباسه، معجب بمحبسه، معجب بسيارته، معجب بشبابه، معجب بعضلاته هذا على كل مفلس، الانسان متى شعر بالنقص هذا هو الكمال، متى شعر يجب ان يتكامل هذا هنا السلامة اما انا اذا اعجبت بنفسي وصرت اشعر ان انا افضل من الغير هذا هو الانتكاسة، القران لخصها بهذه الجملة «أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ» واصاب المسلمين ما اصابهم» لكن الكلام في الحفاظ على شخصية الرسول صلى الله عليه واله لان العدو استغل الموقف والتطورات جاءت بشكل سريع والتطورات كلها سلبية وسط المعركة، النبي فجأة وجد نفسه بين الاعداء وتحول هذا الجمع الذي معجب بنفسه الى فلول منهزمة لا اثر لهم لكن تسع نفرات والتحق بهم ايمن الامين، طبعاً في طليعة هؤلاء التسعة العباس عم النبي صلى الله عليه واله وسلم والامام مولى الموالي ابو الحسنين امير المؤمنين، النبي صلى الله عليه وآله كان يقيم الامور بقلق بالغ واخر لحظة لما رأى النبي نفسه لوحده والتسعة لم يكونوا على حالة من التحسب لهذا لكي يتعاملوا مع المستجدات، هنا النبي رفع يديه نحو السماء وقال "اللهم ان تهلك هذه العصابة لم تعبد" وكان الامام علي ضمن هذه العصابة، مشابه كلام النبي يوم الخندق لما برز امير المؤمنين قال "برز الايمان كله الى الشرك كله" ومعناه ان سقط الامام علي سقط الاسلام والايمان ولو سقط خصمه سقط الشرك، عموماً هؤلاء التسعة انجزوا انجازاً رائعاً في ابعاد طغاة هوازن، هوازن هي التي طوقت الرسول، وشبه انه اختطفوه، رهينة صار النبي بأيديهم، هناك شاعر اسمه مالك الغافقي يقول:
لم يواسي النبي غير بني
هاشم وعند السيوف يوم حنين
ثم قاموا مع النبي على
الموت فأتوا زيناً لنا غير شين
وسوى ايمن الامين من القوم
شهيد فأغتاض قرة عيني
النبي صلى الله عليه واله، من بين هؤلاء التسعة ايمن استشهد لان جاءت ضربة موجهة صوب الرسول فهو تلقاها بصدره رحمه الله عليه، النبي صلى الله عليه واله تألم كثيراً في تلك اللحظة، لما فر الكل وتحولوا كما قلت الى فلول العباس عم النبي كان يصرخ ويصيح ويستغيث ويقول يا اهل بيعة الشجرة الى اين تفرون وقد عاهدتم الله وعاهدتم رسوله، على اي حال الانسان ليس بشكله ولا بقده ولا بعضلاته وانما بتصميمه وثباته، فكان العباس يردد بعدها:
نصرنا رسول الله في الحرب تسعة
وقد فر من قد فر عنه فأقشعوا
وتاسعنا لا قى الحمام
من هو تاسعنا هو ايمن الامين رضوان الله تعالى عليه، الرجل طبعاً في مقتبل العمر، لما نقول في مقتبل العمر يعني ايام ثورة الغرائز، صرعة النزوات، تلح عليه اطماع النفس واذا كل هذه يتمرد عليها وبالتالي يفضل ويقدم نصرة الاسلام ونصرة النبي صلى الله عليه واله وسلم، وكانت عزيمته نصرة الله ونصرة النبي الذي العباس عم النبي كان يردد هذه الكلمة:
وتاسعنا لاقى الحمام بنفسه
لما ناله في الله لا يتوجع
لانه في سبيل الله ومن اجل الله
وما اسعد الانسان حينما يعمل عملاً والاطراف غائبة كلها الا الله الحاضر، والتعاسة كل التعاسة حينما يؤدي الانسان عملاً وكل الاطراف حاضرة الا الله هو الغئب فما قيمة العمل لهذا الامام امير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه كان يضع هذه الحقيقة نصب عينيه في كل حالة من حالات حياته "ما رأيت شيئاً الا ورأيت الله قبله ومعه وبعده" الله يجعل اعمالنا كلها لله وفي سبيل الله ومن اجل الله لكي ننجح ان لا ننظر الى الانا والى الانانيات الاخرى، فهذا ايمن استشهد الروايات تقول كان مبتسماً وعندنا حالات عديدة تدل على ان القلب الباطني او العقل الباطني كان مسروراً لهذه النهاية، تأثر النبي وحزن لفقده وترحم عليه وأسأل الله له الرحمة والرضوان والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******