وأشارت الصحيفة في تحليل مفصل إلى أنّ إلغاء "الدولرة" أصبح موضوعاً شائعاً في وسائل الإعلام الدولية لفترة طويلة، مضيفةً أنّه "لا يوجد تعريف واضح لإزالة الدولرة".
ولفتت الصحيفة إلى أنّ إذا تم استبدال وظائف الدولار الأمريكي، فيمكن أن يطلق عليه إلغاء "الدولرة"، وإذا تمت تسوية معاملات المواد الاستراتيجية بما في ذلك السلع والطاقة والمعادن بعملات بدلاً من الدولار الأمريكي، وقام الحائزون الأجانب بتخفيض حيازاتهم من السندات بالدولار الأمريكي، وبيع أصول بالدولار الأمريكي، وخفض احتياطيات الدولار الأمريكي، فإن هذه كلها تعتبر على أنها مظاهر نزع "الدولرة".
وأوضحت الصحيفة أنّ إلغاء "الدولرة" يعني أن هناك "دولرة" بادئ ذي بدء، أي أن بلداً آخر غير الولايات المتحدة يستخدم الدولار الأمريكي بشكل أساسي كعملة تجارية واستثمارية واحتياطية في المعاملات الدولية، ودولة يتم تحويلها إلى "دولرة" بالكامل حتى للاستخدامات المباشرة الدولار الأمريكي بدلاً من عملته الخاصة للتداول المحلي.
وأضافت الصحيفة أنّ بمجرد أن يتخذ الاقتصاد تدابير لتقليل استخدام الدولار الأمريكي في الأنشطة الاقتصادية الدولية والمحلية، يمكن اعتباره بداية لعملية إزالة الدولار.
وتابعت الصحيفة إنّه مع تضرر الاقتصاد الأمريكي بشدة بعد الأزمة المالية العالمية في عام 2008، اكتسبت الدعوات لإصلاح النظام النقدي الدولي الذي يركز على الدولار زخماً.
وبدأت الاقتصادات الناشئة والبلدان النامية وفق الصحيفة، في زيادة التعاون الإقليمي والوظيفي في مجال العملات وتقليل استخدام الدولار الأمريكي لتجنب مخاطر أسعار الصرف ومخاطر الديون ومخاطر الأصول الناجمة عن الاعتماد المفرط على تسوية الدولار الأمريكي وتقييمه واحتياطياته.
كما يدعم الاتحاد الأوروبي وآخرون تنويع العملات الاحتياطية، حيث بلغت حصة الدولار الأمريكي من إجمالي عملات الاحتياطيات الدولية الرسمية ذروتها عند 85% في عام 1977 وهي الآن حوالى 59%.
وبحسب الصحيفة، فقد أدت التغييرات في العلاقات الدولية والصراعات الجيوسياسية إلى تحفيز عملية إزالة الدولرة، حيث فرضت الولايات المتحدة عقوبات مالية واقتصادية شديدة على إيران وروسيا، وقيدت استخدامهما للدولار الأمريكي.
إلا أنّ إيران وروسيا ودول أخرى شرعوا في السير على طريق إزالة "الدولرة" بالكامل. كما تحاول أوروبا تجاوز نظام SWIFT الذي يهيمن عليه الدولار الأمريكي لإنهاء المدفوعات مع إيران، أما الهند تحاول تنفيذ تسوية الروبل الروبية مع روسيا، يضاف إلى ذلك اتفاقيات أخرى ثنائية ومتعددة الأطراف لتسوية العملات بغير الدولار الأمريكي آخذة في الظهور.
وبناء على ما ورد في الصحيفة فإنّ الاقتصاد الأمريكي يواجه ركوداً، ويعاني من ارتفاع التضخم، مع استمرار ارتفاع مستويات الدين القومي إلى مستويات جديدة، وحتى حدوث أزمة في الصناعة المصرفية، وقد تندلع أزمة محتملة في أي وقت، مما يدفع بعض البلدان إلى التفكير في تجنب المخاطر قصيرة الأجل وطويلة الأجل للدولار الأمريكي.
وهنا وفق الصحيفة ليس أمام روسيا وإيران والدول الأخرى خيار سوى إلغاء "الدولرة" لأنها تواجه عقوبات شديدة وتجد صعوبة في تنفيذ التجارة الدولية العادية.
وفي السياق، قالت الصحيفة إنّه بالمقارنة مع الهيمنة طويلة الأجل للدولار الأمريكي، لا يزال إلغاء "الدولرة" في مرحلة مبكرة نسبياً، مضيفةً أنّ الدولار الأمريكي لا يخدم فقط كمنفعة عامة للمجتمع الدولي، بل استخدمته الولايات المتحدة أيضاً كأداة استراتيجية، وأصبح أحد أعمدة الهيمنة الأمريكية إلى جانب القوة العسكرية.
كما أكّدت أن "نزع الدولرة أمر حاسم بالطبع وهو الاتجاه العام، لكن نزع سلاح الدولار هو أمر أكثر إلحاحاً".
كذلك أوضحت الصحيفة أنّ الصراع بين روسيا وأوكرانيا احدث تغييرات عميقة في الهيكل السياسي العالمي، حيث فرضت الولايات المتحدة عقوبات شديدة على روسيا وإيران، وجمدت أرصدتها، كما أعلنت أنها ستصادر الأصول بالدولار الأمريكي لأفغانستان وروسيا، مما هز بشكل خطير المصداقية الدولية للولايات المتحدة والدولار الأمريكي.
ووفق الصحيفة فإنّ "هناك العديد من المخاطر التي لا يمكن التغلب عليها والعيوب الطبيعية لعملة سيادية واحدة للعمل كعملة مركزية دولية لفترة طويلة".
على سبيل المثال، الصراع بين السياسة النقدية الأمريكية وسياسات الدول الأخرى، والولايات المتحدة وحدها لا تستطيع موازنة ميزان المدفوعات، وقوة احتكار الدولار الأمريكي ستشجع الولايات المتحدة على استخدامه كأداة استراتيجية لمهاجمة المعارضين، وسيحاول المعارضون حتماً تفكيك حقوقهم من منظور استراتيجي، وفق الصحيفة.
وأضافت الصحيفة أنّه من منظور طويل الأجل، لا تتماشى العملة السيادية الموحدة باعتبارها العملة الدولية الرئيسية مع واقع عالم متعدد الأقطاب.
المصدر : الميادين