الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين. ومن طلائع الصادقين اسماً ومعنى هو الشهيد والشاعر الموهوب والشجاع طلائع بن رزيك المكنى بأبي الغارات رضوان الله تعالى عليه، طبعاً هذا الرقم المعظم لم نعرف تاريخ ومكان ولادته، الشيء الذي هو مؤكد انه كان وزير ايام الخليفة العاضد في الدولة الفاطمية بمصر وكان فاضلاً اديباً سمحاً ومشهوراً بالعطاء ومحباً للعلماء الادباء والشعراء واشتهر بولاءه لأهل البيت وقتل شهيداً مظلوماً في هذا الخط وهذا هو الذي حفزني ان ادرج اسمه ضمن الحديث عن الصادقين، الله يجعلنا من الصادقين او في خط الصادقين المخلصين لأهل البيت.
طلائع بن رزيك كان في زمانه يعرف بالوزير العادل وكان هو بالاضافة الى كونه وزيراً كان مربياً وكان ناصحاً وكان اباً للاجيال الذين كان يتولى تربيتهم، طبعاً نحن نلمس هذا المعنى التربوي في مضامين شعره الجميل خصوصاً مقاطع من شعره في العظة والحكمة مثلاً قرأت له هذه الابيات، ابيات جميلة في الحكمة:

ابا الله الا ان يدين لنا الدهر

ويخدمنا في ملكنا العز والنصر

علمنا ان المال تفنى الوفه

ويبقى لنا من بعده الذكر والاجر

ثم يقول: 

خلطنا الندى باليأس حتى كأننا

سحاب لديه الرعد والبرق والقطر

وعنده كتاب اسمه الاعتماد في الرد على اهل العناد، كأنه في هذا الكتاب يواجه او يناقش بشدة وبضراوة بعض الفرق المنحرفة مثلاُ القدرية، القدرية هؤلاء شيء غريب والعياذ بالله، ينسبون لله كل شيء يعني اي معصية يقولون هي تجري برضى من الله وبأمر من الله، استغفر الله، ويزعمون ان الله قدر لنا ذلك، يسمونهم القدرية، فهو ينظم المرحوم هذا العالم او الوزير العادل هذا طلائع بن رزيك يقول يخاطب هؤلاء: 

يا امة سلكت ضلالاً بيناً

حتى استوى اقرارها وجحودها

قلتم الا ان المعاصي لم

تكن الا بتقدير الاله وجودها

استغفر الله.

لو صح ان كان الاله بزعمكم

منع الشريعة ان تقام حدودها

حاشا وكلا ان يكون الاهنا

ينهى عن الفحشاء ثم يريدها

قران صريح واضح «إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ» الى ان يقول: «يَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ» الله لما ينهى ثم هو يأمر نعوذ بالله:

حاشا وكلا ان يكون الا هنا

ينهى عن الفحشاء ثم يريدها

هذا الشهيد السعيد والعالم المفيد وهو طلائع بن رزيك له ايادي كبيرة واقعاً له مشاريع مثل اقامة بعض المعالم مثلاً هو بنى مسجداً في القاهرة يعرف بأسمه حتى اليوم، كما اشتهر عنه انه كان يحمل كل عام او يرسل كل عام الى الحرمين الشريفين كسوة وطعاماً للحجاج تبلغ مثلاً قيمتها الالاف من دنانير الذهب واستمر على ذلك سنين عديدة.
طيب طبع ديوانه، انظر المأساة، اول مرة طبع في مصر عام 1958 وديوانه يحمل اسم ديوان الوزير المصري طلائع بن رزيك بقلم الدكتور احمد بدوي استاذ النقد الادبي بجامعة القاهرة لكن من المؤسف هذا الكاتب او احمد بدوي اغمط ما قاله هذا الشاعر الشجاع في اهل البيت وطبعاً تلك شنشنة نعرفها من اخزم يعني مأساة حينما يتدخل المزاج وحينما تتدخل النوايا الشخصية في امر عام كتأليف كتاب هذه جناية على الاجيال كلها التي تقرأ الكتاب، هناك مقاطع شعرية لهذا الوزير في اهل البيت ملغية لم تطبع في الكتاب لكن حصلنا عليه من الزوايا من هنا وهناك، والغريب ان الطبعات الاخرى لهذا الديوان جرى فيها من التغيير والتبديل والحذف والاضافة وهذه من اكبر الخيانات فلهذا نحن نرى ان البعض يذهل ويدهش لما نذكر اسم هذا الشاعر بأنه من الصادقين ومن شهداء خط اهل البيت لان يقرأون ديوانه لم يكن فيه رائحة من هذا المعنى ولكن المسؤولية والمؤاخذة تقع على من اخفى واظهر وغير وبدل، هنا نحن نقول اننا لانستبعد ذلك حينما يدهش المستمع لان كل من ترجموه حاولوا التلاعب والتشويش بترجمته، واحد يصفه مثلاً يقول هذا اسماعيلي، واحد يصفه بالميل للامويين، كاتب يوصفه انه علماني كل هذا بسبب مواقفه وتصرفاته التي خدم اهل البيت فهؤلاء ارادوا ان يلوثوا سمعته بكل ما يستطيعون.
حقيقة الامر طلائع بن رزيك كان عالماً شجاعاً متشدداً في ولاءه لأهل البيت، انا مثلاً اروي في هذه الدقائق المختصرة اروي بعض شعره وعلى سبيل الاختصار مثلاً يقول في الامام امير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه يقول:

بحب علي ارتقي منكب العلى

واسحب ذيلي فوق هام السحائب

امامي الذي لما تلفظت بأسمه

غلبت به من كان في الكثر غالب

هذا كلامه وهذا نظمه في امير المؤمنين، طيب، هاك لقطة اخرى ضمن قصيدة في فضائل الامام امير المؤمنين وبالذات يذكر في هذا البيت قضية الطائر المشوي، طبعاً هي قضية مشهورة ومعروفة في كتب التاريخ عامة، الجمهور وغيره، يقول رحمه الله:

وفي الطائر المشوي اوفى دلالة

لو استيقظوا من غفلة وسبات

وقرأت له قصيدة اخرى في اهل البيت هذا مقطع منها يقول:

يا دهر حسبك ما فعلت

بنا اتراك تطلب عند نائحنا

ولقد يهون ما اصابكمو

فقد الحسين الطهر والحسنا

سلام الله عليهما.

ولقد يهون ما اصابكمو

فقد الحسين الطهر والحسنا

وارى الائمة جار دهرهمو

في فعلة بهمو فكيف انا

طبعاً فكيف انا هو يشير الى اضطهاده وايذائه من قبل خصوم اهل البيت وهذا يكشف على ان الرجل كان يعيش معاناة ثم يقول ويوضح اكثر، يقول:

لي اسوة بهمو الغداة

اذا اصبحت بالاجداث مرتهنا

له مثلاً في شعر اخر يشير به الى مصائب اهل البيت يقول:

على انه قد نال بالغدر من بني

نبي الهدى ما لم تنله بنو حرب

وهل نال منهم ال حرب وغيرهم

من الناس فوق القتل والسبي والنهب

ثم يخاطب ال العباس يقول لهم:

ويا ليتهم لو كان فيهم من الوفا

لمالكه بعض الذي هو في الكلب

طيب، اكشف قوة ولاءه وتفاعله مع خط اهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم من خلال ما نظم وما كتب، ليس هناك وقت الا ان اذكر حادثة استشهاده او وفاته، هذا الرجل طلائع بن رزيك كان يقيم الاحتفالات يوم الغدير،مناسبة عاشوراء، يطعم، يبذل، مهرجانات، يلبس السواد ايام العشرة الاولى طبعاً التكفيريين والنواصب اضمروا له العداء والغدر ونصبوا له كميناً بأيام العشرة الاولى وهو واقف يستقبل الناس في عزاء الحسين، طعنوه في خاصرته بسكين واستشهد رضوان الله تعالى عليه وذلك عام 556 هجرية ودفن في مصر بجوار مشهد رأس الحسين صلوات الله وسلامه عليه والى زمان الملك فاروق كان هناك صخرة على قبره تقول هذا قبر الشهيد طلائع بن رزيك لكن في سفرتي الاخيرة الى القاهرة وجدت ان الصخرة مغيبة، أسأل الله له الرحمة والرضوان والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

*******