الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين. ومن اساطين الصادقين والعاملين في فقه اهل البيت وفي خدمة اهل البيت هو المولا محمد مهدي النراقي اعلا الله مقامه، المولا محمد مهدي ابن الشهيد اباذر النراقي تغمده الله بواسع رحمته وهذا العنصر المبارك هو من اعلام الطائفة الامامية في القرنين الثاني عشر واوائل القرن الثالث عشر، ابوه من العلماء الكبار استشهد وله حديثه الخاص ولده الملا احمد النراقي وهو صاحب كتاب عوائد الايام وطبعاً الملا احمد هو استاذ الشيخ مرتضى الانصاري رضوان الله عليهما هذا بالنسبة الى ابن الملا مهدي النراقي.
الملا مهدي النراقي هو عالم ومربي وكانت بحوثه في الاخلاق، في التربية وتهذيب النفس موازية لبحوثه في الفقه والاصول، اشتهر بهذه الشهرة بين المراجع انذاك، بين الاعلام لانه معلم الاخلاق هذه بحوثه في الاخلاق جمعوها تلاميذه اللصقاء به، جمعت وصدرت في كتاب من ثلاثة اجزاء واسمه جامع السعادات، جامع السعادات هذا الكتاب للملا مهدي النراقي اول مرة طبع هذا الكتاب قبل مئة واربعة عشر سنة وبعد ذلك توالى طبعه مراراً حتى طبع اكثر من خمسين طبعة ولذلك كان كل طالب علم في النجف الاشرف حتى طالب الادب كان يقرأ هذا الكتاب، كتاب فاخر قدمه بالطبعات الاخيرة كتب له مقدمة العالم الجليل الشيخ محمد رضا المظفر، كتب له مقدمة هامة جداً ورائعة، جامع السعادات.
الملا مهدي النراقي سمي او اشتهر بهذه الشهرة لانه من مواليد مدينة نراق، مدينة خضراء وجميلة وهي قريبة من مدينة كاشان في ايران بعد ذلك بدأ دراسة العلوم الاسلامية في مدينة اصفهان ثم من اصفهان ارتحل الى كربلاء المقدسة في العراق، درس عند بعض الاساتيذ في كربلاء وعاد الى كاشان واسس في كاشان مراكز علمية ودورات وبعد ذلك من اجل الارتقاء والتطور اكثر في عالم الاصول ارتحل الى النجف الاشرف والنجف الاشرف هي القمة في مجال انتهال العلم والمعرفة لان الامام امير المؤمنين كنز علوم السماء والارض، الامام امير المؤمنين هو باب مدينة علم الرسول صلى الله عليه واله فجاء المرحوم النراقي ومعه ولده المولا احمد النراقي استاذ الشيخ الانصاري هذا ملا احمد النراقي تفوق وتفوق وكما قيل "ومن يشابه ابه فما ظلم" احمد النراقي تلاميذه من؟ واحد منهم الشيخ مرتضى الانصاري، احمد النراقي هو صاحب نظرية ولاية الفقيه المطلقة، اصلاً هو صاحب هذه الايديولوجية او الاطروحة بأن سلطة الله تنتقل الى الرسول صلى الله عليه واله وهذه السلطة مستمرة عن طريق الائمة وبعد الائمة الفقيه العادل الشجاع العارف بأمور زمانه والتي تجمع الامة على انتخابه يعني اكثر الامة تميل اليه هذا يجسد سلطة الله هذه نظريته التي طبقها عملياً الامام الخميني رضوان الله تعالى عليه. اعود الى الملا مهدي النراقي، استقر في النجف الاشرف وبرز كأحد ابطال النزعة الاصولية في خطاباته وفي كتاباته وفي بحوثه واود القول بأن تحصيلات هذا العالم المتألق ماانحصرت على الفقه والاصول وانما على علوم اخرى كالهندسة والرياضيات وعلم الهيئة والفلك ويجدر ان اركز على حالة ان هذا العالم على ضخامة مقامه وسعة علمه كان على المستوى المادي افقر من الفقراء المشهورين ويقول عنه الشيخ المظفر في المقدمة كما قلت قبل قليل، في مقدمة كتاب جامع السعادات ان هذا العالم الكبير كان يواجه صعوبة في تهيئة ملابسه وشراء زيت للمصباح الذي كان يستعين به في كتابة دروسه وكان على درجة من الاباء بحيث تاجر كان قريب المدرسة التي يدرس بها الملا مهدي النراقي كان يلاحظ ان هذا الرجل، هذا العالم مرت عليه سنين ولم يبدل ثوبه فيوم من الايام سأله هذا التاجر لماذا لم تبدل ثوبك؟ ظهر عليه مثلاً اثر الحياء فقدم له التاجر ثوباً وقال هذا هدية مني لك، لبسه ليومين وفي اليوم الثالث عاد الى التاجر قال: هذا الثوب لا اريده.
قال: لماذا؟
قال: في الحقيقة انا امر من هنا يومياً مرتين ويومياً مرتين انا اشعر بالحياء والخجل لما اراك فلذلك ارجوك ان تأخذ الثوب واعود الى ثوبي القديم وارتاح من هذا الخجل، بعد اذكر عنه نكتة هذا العالم المتفوق، كان هذا الرجل، هذا العالم الجليل الملا مهدي النراقي على درجة من الاستثمار من الوقت كان يؤمن بأهمية الوقت وبقيمة الوقت، كانت تأتيه رسائل من بلاده من نراق ومن كاشان ما كان يفتحها والرسالة تطول الى ان تصل، لماذا؟ لانه كان وقته كله يصرفه في الدراسة ومطالعة دروسه، تبين انه مرة من المرات توفي او استشهد بالاحرى ابوه الملا ابو ذر النراقي وكتبوا له في رسالة ينعون اليه استشهاد والده وهو تارك الرسالة ولم يقرأها، جاءت بعدها رسالة ثانية بأن الورثة يريدون ان يستجيزوا منك، انت ابنه الكبير في التصرف مثلاً في بعض الحاجيات ايضاً الرسالة لم يقرأها حتى تشفع ارحامه، اخوانه بأستاذه اسماعيل الخاجويي، جاء اسماعيل الخاجويي بنفسه الى النجف الاشرف سأله هل عندك خبر استشهد والدك قال لا تبين الرسائل لم يقرأها فأقنعه استاذه اسماعيل الخاجويي وذهب به الى كاشان لم يبق الا ثلاثة ايام فقط وعاد بعد ذلك الى النجف الاشرف واستمر هناك في تربية تلاميذه وطبعاً في مقدمتهم كما قلت ولده الملا احمد النراقي.
يقول عنه مترجموه بأن في زمانه لم يكن احداً متفوق في الاصول كهذا العالم الجليل وبعد ذلك هذه الصفة انتقلت الى ابنه الملا احمد صاحب كتاب عوائد الايام ثم بعد ذلك انتقلت الى الشيخ مرتضى الانصاري قدس الله روحه.
هذا العالم الجليل وهو الملا محمد مهدي النراقي توفي في النجف الاشرف وترك فراغاً كبيراً ودفن بجوار حامي الجوار امير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه أسأل الله له الرحمة والرضوان والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******