حيث ابتكر جهازاً رقمياً لتحفيظ القرآن وشرحه، وأعلن إسلامه مرتين: الأولى عام 1970 عندما كان طالباً في كوريا وأطلق عليه أستاذه المصري اسم "حامد"، والثانية بعد تخرجه في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة عام 1980.
وبدأ حفظ القرآن في سن الـ26 من عمره، شارك في فعاليات عديدة لتعريف الكوريين بالإسلام، وألقى محاضرات في الجامعات الكورية عن الثقافة الإسلامية، ونال أوسمة وجوائز دولية تقديرا لإسهامه في خدمة التعليم والتدريس.
الدراسة والتكوين العلمي
ولد حامد تشوي يونغ كيل (حامد) في كوريا عام 1949، وبدأ دراساته العليا عام 1970 بجامعة هانكوك للدراسات الأجنبية في العاصمة الكورية سول، وحصل منها على البكالوريوس في اللغة العربية وآدابها عام 1975، وعلى درجة الماجستير في التخصص نفسه عام 1982.
وخلال الفترة ما بين 1976-1980 درس في كلية أصول الدين والدعوة الإسلامية في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، وكان يحضر دروس الشيخ عبد العزيز بن باز، مدير الجامعة آنذاك.
وفي عام 1986 حصل على شهادة الدكتوراه في الدراسات الإسلامية من جامعة أم درمان الإسلامية بالخرطوم، وكان موضوع رسالته بعنوان "الدعوة الإسلامية في كوريا".
الحياة المهنية
عمل حامد تشوي مدرّسًا بمركز التعليم الإسلامي في جدة لتدريس الكوريين المقيمين هناك، أثناء إقامته في السعودية، كما عمل أستاذاً زائراً في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بين عامي 1982-1983.
وقد درّس اللغة العربية والعلوم الإسلامية في جامعة هانكوك للدراسات الأجنبية، وشغل عدة مناصب أكاديمية في جامعة "ميونغ جي"، وهي أعرق وأشهر جامعة لتعليم اللغة العربية في كوريا الجنوبية، إذ ترأس بها قسم الدراسات العربية والدراسات العليا.
وشغل منصب مدير الشؤون الأكاديمية في كلية الآداب، ثم عميدا لكلية العلوم الإنسانية، ويشغل حاليا منصب أستاذ كرسي للدراسات الإسلامية بالجامعة.
وكان عضوا سابقا في عدد من المجالس والهيئات والمراكز التي تعنى بالعلوم الإسلامية.
الإسلام وحفظ القرآن
وأعلن تشوي يونغ كيل إسلامه عام 1970 عندما كان طالبا في جامعة هانكوك، على يد أستاذه حامد الخولي المصري الجنسية، والذي كان مبعوثا من قبل وزارة التعليم العالي بالمملكة العربية السعودية.
وقال إن إسلامه آنذاك كان احتراما لأستاذه الذي أعطاه اسم حامد، بينما كان مسلمًا بالاسم فحسب، بسبب جهله أصول الدين الإسلامي ومبادئه. وظل سنوات يفعل ما يفعله المسلمون، ولم تكن لديه أي فكرة عن الإسلام، ثم تعلم تدريجيا مبادئ الإسلام بعد أن درس اللغة العربية.
ثم أعلن إسلامه مرة أخرى بعد تخرجه في الجامعة الإسلامية عام 1980، وتوصل آنذاك إلى أن الدين الإسلامي الصحيح هو الذي تعلمه، وليس الذي سمع عنه وقرأه في كوريا.
وعندما قرر حامد تشوي حفظ القرآن فكر في ترك الدراسة والعودة إلى كوريا، لأنه وجد في البداية صعوبة بسبب ضعفه في اللغة العربية، ولم يحفظ حينئذ سوى سورة الفاتحة وبعض قصار السور.
وبدأ الحفظ في الـ26 من عمره، فكان يكتب كل آية بالترتيب على أوراق صغيرة "بطاقة دراسية"، ويسأل عن معناها وينقله إلى جانبها باللغة الكورية، وكان يحمل البطاقات في جيبه ويحفظ منها حتى أكمل حفظ القرآن.
ويقول حامد تشوي إن ما كان يهمّه حينئذ هو الحفظ ومعرفة المعنى المساعد عليه. ولما تعرف على الشيخ عمر عبد الله كامل، الذي أنشأ مركزا في جدة لتعليم الكوريين الإسلام، اقترح عليه ترجمة معاني القرآن إلى الكورية.
وتعدّ هذه الترجمة اليوم المرجع الرئيسي والوحيد لنحو 200 ألف من مسلمي كوريا (0.38% من إجمالي السكان، حسب اتحاد المسلمين الكوريين).
ترجمة معاني القرآن
وبدأ حامد تشوي مسيرته العلمية في الترجمة عندما أدرك أن الشعب الكوري يواجه صعوبة في فهم حقيقة الإسلام، وكان ذلك بسبب حاجز اللغة العربية ونقص مصادر التعليم الإسلامية باللغة الكورية، إذ إن الكتب الكورية كانت تزخر بالمعلومات الخاطئة التي تشوّه الإسلام.
كذلك فإن المركز الإسلامي في سول لم يكن قادرا على الاستجابة لأسئلة الكوريين المسلمين وتوقعاتهم؛ فقد كانت الأجوبة باللغة الإنجليزية أو اللغة العربية، وهم لا يفهمونها. وذلك إضافة إلى حاجة الطلاب الذين يدرسون اللغة العربية والثقافية في 4 جامعات في كوريا وعددهم نحو ألف طالب.
وفي الأول من مارس/آذار1977 بدأ حامد تشوي مشروع ترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغة الكورية بالاعتماد على النص الإنجليزي في ترجمة عبد الله يوسف علي، وتحت إشراف عمر عبد الله كامل، وانتهى منها بعد 5 سنوات في 29 مارس/آذار1982.
ثم أكمل الترجمة مع الشرح في مرحلة ثانية دامت سنتين ونصف السنة، اعتمادا على المراجع العربية مثل صفوة التفاسير ومختصر تفسير ابن كثير.
وقد صاغ الترجمة بأسلوب أدبي كوري تشوي شين أستاذ الأدب الكوري في كلية الآداب بجامعة "شونغشين" في سول.
وشرح أحمد عبد الفتاح سليمان، الأستاذ في قسم اللغة العربية في جامعة "ميونغ جي"، المعاني القرآنية والأحكام، وراجع النص القرآني.
ونقل حامد تشوي المعاني وجعل لكل سورة مقدمة ذكر فيها تاريخها وسبب نزولها نقلا عن التفاسير المعتمدة، كما صدّر كل سورة بتلخيص معانيها وبيان النقط المهمة التي تساعد على فهم محتوياتها.
فكانت الترجمة حسب الترتيب القرآني للسور، ووضع نص القرآن باللغة العربية في وسط الصفحة، وترجمة معانيه إلى الكورية في الجهة اليمنى، والترجمة باللغة الإنجليزية في الجهة اليسرى، وفي الأسفل شرح إضافي وخلفية نزول الآيات باللغة الكورية.
وقد أجازت رابطة العالم الإسلامي طباعة الترجمة، مع ملاحظة أن يكون النص القرآني بالرسم العثماني في الطبعة الثانية وترجمة معانيه إلى اللغة الإنجليزية. وظل حامد تشوي بعد ذلك يلتمس العون والمساعدة على طباعة الترجمة من بعض السفارات العربية والإسلامية لدى كوريا.
وفي الأول من يناير/كانون الثاني 1988 تكلف سيف اليبهوني الظاهري، مدير مطار العين الدولي آنذاك، بتكاليف طباعة ألف نسخة، وبلغت نحو 8 ملايين و500 ألف ون كوري (10 آلاف دولار في ذلك الوقت).
ودفع تكاليف طباعة ألف نسخة ثانية رئيس مؤسسة حسن العيسائي للتجارة بجدة يوم 24 مارس/آذار 1989. وبدعم من مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، أعيدت طباعة الترجمة عام 1996م.
المسيرة العلمية
تمكن تشوي على مدار 46 عاما من مسيرته العلمية من ترجمة 106 كتب إسلامية وأبحاث علمية، وأصبح المصدر الرئيس للكوريين لدراسة تعاليم الإسلام والثقافة الإسلامية.
ومن الكتب التي ترجمها:
-كتاب حياة محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
-مختصر صحيح البخاري والأحاديث النبوية وكيفية الصلاة.
-قاموس عربي-كوري.الطريق لتعلم اللغة العربية.
-الأربعين النووية.
-رياض الصالحين.
-المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم.
-إضافة إلى كتب تعنى بتعليم الكوريين اللغة العربية، وتدرّس في عدد من الجامعات الكورية.
-كان "الحديث النبوي: تقاليد وعادات 1.8 مليار مسلم" الكتاب رقم 100 عن الإسلام للأستاذ الفخري لجامعة ميونغ جي، ويعد كتابا شاملا عن الحديث النبوي، إذ يتناول قرابة 400 موضوع مفصل متعلق بحياة المسلمين.
وقال أستاذ الدراسات الإسلامية وهو في السبعينيات من عمره إن تأليف الكتاب استغرق نحو 3 أعوام، وطبعت ألف نسخة منه بفضل مواطن كوري يدعى "كيم"، عرف نفسه بأنه مدين للعرب الذين علموه كثيرا، وظل يقدم تبرعات لمشاريع دعم الطلاب المسلمين ومشاريع ثقافية منذ سنوات.
وتميزت ترجمة حامد تشوي، حسب الدارسين، بالجودة والدقة والوضوح وسلامة اللغة ورصانة الأسلوب، وأسهمت في نقل المعرفة عن أجزاء مهمة من الثقافة الإسلامية إلى مجتمعات الشرق الأقصى، وبالتحديد إلى الشعوب المتحدثة باللغة الكورية.
الأنشطة الثقافية
ومنذ سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي شارك حامد تشوي في فعاليات ومحاضرات لتعريف الكوريين بالإسلام، في عدد من الهيئات الأكاديمية والشركات والمعاهد.
وبعد محاضرة له في معهد "شونغتشون" للثقافة في سول اعتمد مؤسسه ورئيسه مادة بعنوان "مفهوم القرآن الكريم" في المنهج الدراسي، فكان أول معهد أكاديمي في تاريخ كوريا يدرّس هذا التخصص لمدة 12 ساعة في السنة.
وقد ألقى محاضرة عن "مفهوم معاني القرآن" لموظفي "بوستيل للحديد والصلب"، وفي جامعة "إيهوا" للبنات، ومعهد البحوث عن الإسلام يوم 30 ديسمبر/كانون الأول 1997.
وأصبحت بعد ذلك "ترجمة معاني القرآن" مقررا ضمن مناهج قسم الدراسات العربية لمدة 45 ساعة، وأيضا في الدراسات العليا في جامعة ميونغ جي، كما أضحت مرجعاً لتعلم اللغة العربية في كلية الشرطة.
وقدم محاضرات عبر قناة التلفزيون التعليمية (EBS) للمبتدئين لتعليم اللغة العربية، ومحاضرات للتعريف بالإسلام في جامعة سول الوطنية، ومحاضرات عن "الحرب والسلام في الإسلام" في جامعة سيكانغ، إضافة إلى تنظيم دورات للتعريف بالإسلام والدعوة إليه.
وأنشأ صندوقاً إسلامياً سماه "صندوق هبة الإسلامي" بإسهامات تلقاها من مسلمين كوريين، امتنانا لمشروع ترجمة معاني القرآن.
وخصص الصندوق الذي يرأسه مند تأسيسه لأنشطة متنوعة، منها دعم الطلاب والشباب المسلمين المحتاجين الذين يدرسون الدراسات الإسلامية والعربية ودعم ترجمة الكتب الإسلامية إلى اللغة الكورية وطباعتها وتوزيعها ودعم المساجد في كوريا.
وأصبح رئيس الاتحاد الإسلامي الكوري وعميد الجالية الإسلامية في كوريا الجنوبية وعضو رابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة، وعضو المجلس الإقليمي للدعوة الإسلامية في منطقة جنوب شرق آسيا والمحيط الهادي، وعضوا في المجلس الأعلى العالمي للمساجد في رابطة العالم الإسلامي.
ابتكار "المحفظ"
وفي التسعينيات أسهم حامد تشوي في تحفيظ طالبين كوريين القرآن الكريم، كان الأول في المرحلة الابتدائية يبلغ من العمر 7 أعوام والثاني في المرحلة الجامعية.
واستخدم في تحفيظهما الهاتف لأنهما كانا يسكنان خارج العاصمة سول ويتعذر عليهما الحضور يوميا إلى مكتبه في الجامعة أو إلى بيته.
فألهمته تلك الطريقة فكرة اعتماد جهاز رقمي لتحفيظ معاني القرآن وشرحها، وتعاون آنذاك مع شركة تعمل في المجال الإلكتروني هي "مؤسسة آيمكس" لإخراج المقترح إلى أرض الواقع في يناير/كانون الثاني 2000.
وبعد دراسة استغرقت أكثر من 18 شهرا، أُطلق المشروع باسم "المحفظ" يوم 13 يونيو/حزيران 2001.
وكان أول جهاز رقمي لدراسة القرآن الكريم وحفظه، وأول كتاب إلكتروني متعدد صنع خصيصا للتعريف بأهم مبادئ الإسلام مثل: إرشادات شعائر الحج والعمرة، وأهم 40 حديثاً نبوياً مع ترجمة معانيها إلى اللغات المحلية.
وتم تسجيل "المحفظ" رسميا لدى سلطات الحكومة الكورية وعدة مؤسسات شرعية في البلاد، وعُدّ نقطة تحول كبرى في نشر الإسلام في كوريا وبقية دول العالم.
أهم الكتب المترجمة إلى الكورية
-ترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغة الكورية.
-ترجمة "مختصر صحيح البخاري".
-ترجمة "الرحيق المختوم".
-كتاب "الحديث النبوي: تقاليد وعادات 1.8 مليار مسلم"، وهو الكتاب الـ100 باللغة الكورية، ويتناول قرابة 400 موضوع مفصل متعلق بحياة المسلمين.
-كتاب "الطريق المرشد لمبادئ العبادة".
-كتاب "الإسلام والمسلمون".
-كتاب "دليل المسلم الجديد".
-كتاب "مختصر الفقه الإسلامي (أبواب: الفضائل، الأخلاق، الآداب، الأذكار).
-كتاب "مختصر الفقه الإسلامي (الباب الأول: التوحيد والإيمان).
الجوائز
-جائزة الملك فيصل في فرع خدمة الإسلام لترجمته عددا من الكتب الإسلامية وجهوده الدعوية عام 2023.
-جائزة خدمة الإسلام من المجلس الإقليمي للدعوة الإسلامية في مناطق جنوب شرق آسيا عام 2023.
-جائزة عبد الله بن عبد العزيز العالمية للترجمة في مجال العلوم الإنسانية من اللغة العربية إلى اللغات الأخرى في دورتها الثانية، عن ترجمة كتاب "النبي محمد" إلى اللغة الكورية، وعن كتاب "الرحيق المختوم" لمؤلفه الشيخ صفي الرحمن المباركفوري (هي الترجمة الأولى للمؤلَّف في وصف سيرة النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم إلى اللغة الكورية) عام 2008.وسام خدمة التعليم والتدريس من الحكومة الكورية عام 2014.وسام رئيس جمهورية كوريا الديمقراطية عام 2013.