الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين. ومن اوائل الصادقين المخلصين الاوفياء للنبي (صلى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين (عليه السلام) هو الصحابي البطل والمجاهد والموالي الوفي لأمير المؤمنين هو ابراهيم القبطي مولى رسول الله المكني بأبي رافع، هذا العنصر المبارك هو غلام قبطي مسيحي، غلام قبطي وتدينه من المسيحيين الاقباط، كان هو غلاماً للعباس بن عبد المطلب لكن اهداه لرسول الله فصار يعرف بمولى رسول الله وتعلق بالنبي ولما كان النبي مهتماً بأن يسلم عمه العباس لذلك اسلم العباس والذي بشر النبي بهذه البشارة ان العباس اسلم هو ابراهيم القبطي هذا، فلما بشر النبي فرح النبي بإسلام عمه وأعتق ابراهيم جزاءاً لهذه البشارة، وبعدما اطلق سراحه ظل مرافقاً للنبي ويعرف بعدها بصاحب رسول الله وفي الواقع احتل موقعاً خاصاً عند النبي نظراً لوفاءه وصدقه مع الرسول (صلى الله عليه وآله)، المصادر تنقل عن ابراهيم، ابو رافع يقول دخلت على النبي (صلى الله عليه وآله) وهو مضطجع وكان يتغشاه وحي إلهي وشعرت بحية قرب جسده فما أحببت ان أوقظه لأنه ربما يستلم الوحي نمت بينه وبين الحية لأجنبه سؤها، يقول ابراهيم ما ان استعاد النبي وضعه فتح عينيه واذا يقرأ هذه الآية: «بسم الله الرحمن الرحيم، إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ»ثم علق النبي قائلاً: «الحمد لله الذي اكمل لعلي ثينته وهنيئاً لعلي بتفضيل الله اياه» ثم التفت النبي إليّ قائلاً ما اضجعك الى جانبي؟
قلت له عن السبب واخبرته عن الحيه وشرها فأستأنس النبي ثم اخذ بيدي وقال: يا ابا رافع كيف بك انت وقوم يقاتلون علياً وهو على الحق وهم على باطل ويكون في حق الله جهادهم فإن لم يستطع فبقلبه فليس وراء ذلك شيء.
فقلت: يا رسول الله ادعو لي ان ادركتهم ان يعينني الله ويقويني على قتالهم.
فقال النبي: "اللهم ان ادركهم فقويه عليهم".
موقعه عند النبي كان في تطور، النبي كان يعرّف ابراهيم القبطي للناس: ايها الناس من احب ان ينظر على اميني على نفسي واهلي فهذا ابو رافع.
ابو رافع كان يترجم نفسه يقول بايعت البيعتين، صليت القبلتين وهاجرت الهجرات الثلاث، قيل وما الهجرات الثلاث؟
قال: اولاً: من مكة الى الحبشه.
والثانية: من الحبشة الى المدينة المنورة.
والثالثة: من المدينة الى الكوفة مع مولاي امير المؤمنين، هنا اريد ان ابين ازاء دوره مع النبي دوره مع الامام علي (عليه السلام) وهذا هو الاساس، ان الرجل بقي مستقيماً لم ينكل ولم يترك الامام، لم يغدر وبقي ملازماً للامام علي (صلوات الله عليه وسلامه عليه)، جاء من المدينة مع الامام، والامام عينه أميناً على بيت المال وموزعاً للأموال، فهو يروي الكثير من القصص بهذا الصدد مثلاً يقول: مرة استدعاني الامام أمير المؤمنين قائلاً وزع بيت المال خمسين درهماً على كل واحد.
يقول الغريب: اني كنت اوزع خمسين درهماً لا يفضل درهماً واحد ولا يبقي واحداً من الناس لا يحصل عطاءه، ما هذا السّر؟ اريد مرة ان يبقي درهماًً! لكن يقول من الطريف في مرة من المرات الامام سلام الله عليه قال لي: كالمعتاد وزع خمسين درهماً، يقول: هذه المرة صار عكس المرات السابقة وزعت خمسين درهماً وزادت خمسين درهماً فيقول: نعم الشيطان لا يجلس عند باب الخمارة ولا يجلس عند مراكز الفساد، الشيطان يترصد لأولياء الله يترصد للمؤمنين، يترصد لأهل الايمان ويحاول ان يفسد عليهم عقائدهم، يقول: وسوسة لي نفسي انه لماذا؟ واذا يوم بعدها جاءني رجل وقال: انا لم استلم كنت مسافراً ووصلت صباحاً فقلت: يا سبحان الله كيف وسوس لي الشيطان.
اما موقفه المناصر لأمير المؤمنين، يقول لما بويع الامام علي بالخلافة وتحركت بعض القوى من هنا وهناك لمواجهته وكان معاوية يجهز جيوش طلحة والزبير يقول تذكرت قول النبي (صلى الله عليه وآله) بأن ستحدث فتن وسيقفون جماعة هنا وجماعة مع الامام، يقول من ذلك اليوم ابراهيم ابو رافع باع بيته في الحجاز بأرض خيبر وصحب الامام علي الى الكوفة هو واولادة الاثنين وهما عبد الله وعبيد الله وهما ايضاً من رجالات الاسلام وعبد الله بن ابي رافع وعبيد الله بن ابي رافع اشتغلوا كتّاب عند الامام أمير المؤمنين وهما دوّنا احاديث ابي رافع، لأن ابو رافع كان محدثاً عن النبي، حفظ عن النبي الكثير وألف كتاب اسمه السنن والاحكام، فوقف مدافعاً عن الامام علي بجدارة، ويروي عن الامام وعن شفقة الامام يقول: وردنا عقد جميل من اليمن ضمن الغنائم تعود لبيت المال علمت بذلك احدى بنات امير المؤمنين طلبت مني اعارة ثلاثة ايام تلبسه اياماً فأعطيتها اياه، يقول: رآه الامام عند ابنته فنزعه منها واستدعاني وهو متأثر وعاتبني وقال لي: ألا يحق لغيرها من نساء المسلمين ذلك فلم آثرتها، وامرني بأعادته الى بيت المال. ان علياً اصبح بهذه العظمة في هذه المواقف بما يحمله من حنو وشفقة على نشر العدالة ونشر الرحمة بين الأمة، السيد الأمين في الأعيان (رحمه الله) يقول: ان ابا رافع وهو ابراهيم القبطي هو من اوائل من جمع حديث رسول الله ورتبه، بعد استشهاد الامام أمير المؤمنين عاد ابو رافع مع الحسنين (صلوات الله وسلامه عليهما) الى المدينة ووصل المدينة وليس له سكن، لكن الامام الحسن المجتبى (سلام الله عليه) قسّم داره نصفين واعطاه نصفاً، هذا الرجل ابراهيم القبطي هو وولديه كون انهما من الموالين لأهل البيت وأمير المؤمنين واجهوا الإذلال والإنتقام من والي معاوية على المدينة وهو عمر بن سعيد الأشدق، عمر بن سعيد الأشدق معروف حاقداً على النبي وأهل بيته وهو المعروف الذي تجسر على النبي وعلى أهل البيت فكان يلتمس الحجج لإهانتهم، يهين ابراهيم، يهين أولاده، رغم ان ابراهيم وصل الاربعة والثمانين من عمره وهذا كان يؤذيه ولم يكف عن ايذاءه وكم مرة ضربهم بالسياط لتهم هو يختلقها ويأتي بشهود لها، كل ما في الأمر جنايتهم وذنبهم الوحيد لمواقعهم - ابراهيم واولاده- لمواقعهم في نصرة أهل البيت ومحبّة أهل البيت، الى ان توفي رحمه الله ابو رافع ودفن في البقيع وله من العمر اربعة وثمانين سنة. أسأل الله له الرحمة والرضوان والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******