والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين. ومن شهداء الصادقين وشموعهم هو العالم الكبير والخطيب المجاهد والسياسي اليقظ السيد عارف حسين الحسيني طاب ثراه، هذا الرجل من شهداء الحركة الاسلامية، من شهداء خط اهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم، السيد عارف حسين الحسيني الشهيد هو من مواليد باكستان عام 1946 ميلادية ونشأ وترعرع محباً للعلم والمعرفة وحفظ القرآن في صغر سنه وقطع المراحل الأولى من عمره في تحصيل مباديء العلوم هناك في باكستان على ايدي علماء واساتيد وبعد ذلك توجه صوب النجف الاشرف لينتهل العلم من جوار مثوى باب مدينة علوم رسول الله امير المؤمنين (صلوات الله وسلامه عليه)، في النجف الاشرف كان مكباً على التفوق، ادركته انا بدقة (رضوان الله تعالى عليه)، كان طالباً ذكياً يتنقل في تحصيلاته بين مدرسة الحكمة للسيد الحكيم (رضوان الله عليه) والمدرسة الشبرية للمرحوم السيد علي شبر وكانت له علاقات قوية مع الخطيب الشهيد المجاهد السيد جواد شبر والشهيد السيد اسد الله المدني التبريزي، ومن خلال هذا الجو ومن خلال السيد اسد الله المدني التبريزي نشأت علاقة الشهيد عارف حسين الحسيني بالسيد الامام رضوان الله عليه فأصبح في النجف الاشرف لا يتبعد عن السيد الامام اطلاقاً، دائماً يحاول ان يستفيد من محضر السيد الامام (رضوان الله تعالى عليه) وهذا صار سبباً بالحكم الظالم في العراق الى ان يسجن ويعذّب لان الطغمة والعصابة الحاقدة الحاكمة في العراق آنذاك تحقد على اي عالم له شعبيته أو له ذكاؤه أو له عمقه في التعامل مع الامور وطبعاً كان هذا يشكل نقطة ازعاج لهم فأخذوه وسجنوه، وضربوه وعذبوه وبالتالي سفروه، فعاد الى باكستان عام 73، وفي باكستان هناك اسس المدرسة الجعفرية العليا واسس حوزة وكان يدرب الحوزات، في ضمن ذلك كان يتشبث بمحاولات ليعود الى النجف الاشرف ولكن منعته السلطة، العصابة العفلقية منعته من الدخول فأضطر الىان ينتقل الى مدينة قم المقدسة وكان في قم هو من الطلبة المجدين والنشطين، ايام وجوده في قم كان يعمل على توعية الطلاب المهاجرين خصوصاً الباكستانيين، الهنود، البنغاليين، كان يدعمهم ويعمل على توعيتهم وتثقيفهم بفكر الامام الخميني رضوان الله تعالى عليه ولما صارت او قامت المظاهرات والاعتصامات الداعمة لثورة الامام آنذاك كان هو في طليعة النشطاء في هذا المجال فأعتقله جهاز السافاك وسجن في قم فترة ثم ابعده النظام الشاهنشاهي الى باكستان عام 78، يعني عام 78 كانت مقدمات وهج الثورة الاسلامية في ايران وكانت الثورة نجاحها يتقدم، هو في باكستان اسس هناك مؤسسات ومكاتب دعماً للحركات الاسلامية في العالم واخذ يقود المظاهرات الضخمة والتي تقطع احياناً عشرات الاميال في باكستان لدعم الامام الخميني رضوان الله عليه واسس دار الافتاء الجعفري، الفقه الجعفري يسموها هناك «نهضة جعفري» يعني هي مؤسسة تقدم الخدمات لأتباع اهل البيت ولم يقتصر نشاط السيد عارف حسين الشهيد على الجانب السياسي والديني وانما في محاضراته وخطبه كان يسلط الضوء على معاناة المسلمين في العالم ويركز على القضية الفلسطينية بالذات وبعد وفاة المرحوم مفتي جعفر حسين عام 1982 تم انتخابه بالاجماع مفتياً عاماً للشيعة في بلاد الباكستان وهنا اصبح شخصية تحسب له السلطة حسابه، واصبح اسمه وعنوانه موجوداً وليس مزعجاً للسلطة المحلية وانما اصبح الامريكان وعملاءهم المنتشرين في القارة الهندية يشعرون بأنزعاج من وجود هذه الشخصية، عدة مرات ضيّق على الشهيد عارف حسين وعدة مرات تعرض الى محاولات الاغتيال، كان احياناً هؤلاء النواصب والتكفيريين وغيرهم او السلطة حاولت لعله، حتى انه مرات عديدة السلطات الباكستانية ايام ضياء الحق كانت تحاول الحد من نشاطه لأنه كان جريئاً في مؤتمرات صحفية في خطابات، كان لا يخفي استنكاره وادانته الشديدة لفسح المجال لشبكات الاستخبارات الامريكية والاسرائيلية للعمل والتحرك داخل الباكستان والقبض على بعض الاشخاص ونقلهم الى الخارج، يعني وكأن لا وجود لحكومة ولا وجود لأي مؤسسات واجهزة فالرجل الـ CIA يلاحقون الافراد ويعتقلونهم ويجلبوهم الى السفارة ثم ينقلونهم بطائرات خاصة الى الغرب، فوضى، فهو كان يدين هذا ويتحرك على ان يحرك الجماهير واصبح وجوده وجوداً ثقيلاً جداً وخطراً على الحكم المحلي وعلى الاستبداد الغربي، ومن جهة اخرى العناصر الوهابية والتكفيرية كانت ايضاً قد وضعته في المقدمة ممن يجب ان يصفون لانه يعتبرون هذا يرفع من مستوى العقلية الشيعية، خططوا للقضاء عليه وكانوا عدة مرات يحاولون اغتياله وتكتب له النجاة، كانوا يتصورون بعد كل محاولة اغتيال ان هذا السيد سيصاب بفزع ويصاب بخوف وبالتالي يتراجع ولكن لا ثقافة علماءنا الاعلام الشجعان كالشهيد الصدر (رضوان الله تعالى عليه)، كالامام الخميني (رضوان الله عليه)، كالمرحوم كاشف الغطاء كالمرحوم الشيخ فضل الله النوري وهكذا هؤلاء علمتنا ان علماء الامامية ومراجع الامامية هم يحتذون ويقتدون بعلي وآل علي وبالخصوص ابي الاحرار وابي الشهداء ابو عبدالله الحسين (صلوات الله وسلامه عليه)، فما من قائد وما من عقليه ثائرة الا وترث من سلوك الحسين ومن خط الحسين (صلوات الله وسلامه عليه) دفئاً معنوياً ومنهجاً للعمل، فهذه العناصر التكفيرية التي هي في الواقع حربة للصهيونية والصليبية نفذت مآربها الجبانة في فجر احد الايام عام 1987 حينما كان السيد الشهيد عارف حسين الحسيني قد ادى صلاة الصبح في الجامع في مدينة بيشاور فتصدت له خلية ارهابية من هؤلاء النواصب التكفيريين واطلقت عليه النار فأستشهد ليلقى الله مع الشهداء والصديقين، تحول تشييع جثمانه الى اقوى واوسع تظاهرة في تاريخ الباكستان، حتى رئيس الجمهورية ضياء الحق انذاك اشترك في التشييع لكن الجماهير الغاضبة هاجمته وصاحوا «اطلع يا قاتل» اتهموه بالتواطيء مع القتلة اعداء الاسلام واهل البيت بحيث اضطر الى ان يغادر الموكب الجنائزي وبهذا انتهت حياة شخصية رسم لها موقعها في ميدان الجهاد وهو الشهيد السيد عارف حسين الحسيني، تغمده الله بواسع رحمته والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******