الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
ومن رموز الصادقين وابطالهم ومن بناة الحوزة العلمية في النجف الاشرف وقياديها الاشاوس هو العالم والفقيه المتقدم والزعيم السياسي الحازم الملا محمد كاظم الخراساني الهروي والنجفي مدفناً المشهور بالاخوند الخراساني، المرحوم الاخوند نادرة من نوادر الدهر وهو من مواليد طوس في ايران عام 1255 هجرية واكمل تطوره العلمي مبدئياً في خراسان، كانت هناك حوزة واساتذة، ثم قفل متجهاً صوب النجف الاشرف وعمرها ربع قرن وقطن النجف قبل وفاة المرحوم الشيخ مرتضى الانصاري اعلا الله مقامه لسنتين واشهر شيئاً فشيئاً اصبح يشار اليه بالبنان في الحوزة العلمية في النجف الاشرف بالمدرس المتقدم في الاصول والفقة وبتسلط كامل في الادب والقلم وعرف عنه جوده بيانه وقلمه في ان واحد، على صعيد البيان وعلى صعيد القلم، كان المرحوم الاخوند الملا محمد كاظم الخراساني ملازماً للميرزا محمد حسن الشيرازي القائد المعروف واصبح من تلاميذه الاوائل ولما تحول الميرزا الشيرازي الى سامراء انتقل الاخوند الخراساني معه لانه كان ملازماً له فقضى فترة في سامراء لكن الميرزا الشيرازي الح عليه بالعودة الى النجف الاشرف ليسد الفراغ هناك بتدريسه وفعلاً باشر تدريسه في الاصول بطريقة خاصة جعلته يفوق معاصرية انذاك وهذا المنهج انتهى به الى تدوين كتابه المشهور والكتاب التاريخي كفاية الاصول، يعني هذا اصبح كتاب الكفاية، كفاية كفاية اسم ومضمون، اسم ومعنى، اصبح هذا الكتاب كفاية الاصول تدرس مناهجه مضامينه في الحوزات الى اليوم، وللعلم ان هذا الكتاب المعظم كفاية الاصول علق عليه اكثر من مئة وعشرين مجتهداً حتى هذا اليوم، مئة وعشرين مجتهداً ما استطاع واحد منهم ان يكتب بحثاً يفوقه لكن يهمش ويعلق على هذا الكتاب، طبعاً له المرحوم الاخوند كتب عديده اخرى وكتاب بينها مهم يأتي من حيث الاهمية بعد الكفاية اسمه درر الفوائد في شرح الفرائد، اما تلاميذه رضوان الله تعالى عليه وهذه من حسناته واثاره الكبار انه قدم للامة الاسلامية طبعاً تلاميذ بل مئات التلاميذ، من رجالات الفقه والاصول والادب ينقلون ويكتبون انه انذاك كان العدد لا يقل عن ثمانمئة طالب وفيهم ما لا يقل عن اربعمئة مجتهد وذاك اليوم قدم للحاضرة الاسلامية قدم تلاميذ متفوقين كالمرحوم كاشف الغطاء كالسيد محسن الحكيم كالمرحوم آغا ضياء الدين العراقي، الشيخ محمد جواد البلاغي، السيد محسن الامين العاملي وهكذا واقعاً كل واحد من هؤلاء مفخرة من المفاخر، بعد ذلك وطبعاً وقت البرنامج لا يسمح لي لكن انا اركز على ملاحظات او رؤوس اقلام، هذا العالم الجليل لم يقتصر وجوده وخيره وعطاه على صعيد الفقه والاصول لا، في البداية قلت هو قائد وسياسي بارع، دوره السياسي كمرجع وكقائد سياسي، التاريخ يكتب من ترجموه، لعب دوراً بارزاً في مقاومة الاحتلال الروسي لبلاده ايران واصدر اوامر بالجهاد، تاريخ الجهاد مفعم بمواقف لعلماء الامامية ضد الغزاة وضد المحتلين والى الآن فهذه اوامره وفتاواه ساهمت في تخليص ايران من براثن الاحتلال وفي نفس الوقت الذي كان المرحوم الاخوند على هذه الشدة في مقاومته للغزاة كان ايضاً لا يتوانى او ينشغل عن الاصلاح الداخلي، ذلك اليوم كان الشاه القاجار مظفر الدين شاه وكان يستبد في تصرفاته وقراراته وقف المرحوم الاخوند موقفاً شجاعاً من الحكم الملكي انذاك المستبد وصار يدافع عن الحكم الانتخابي او الجمهوري او ما يسمى بالمشروطة وتعاضد معه وتضامن معه المرحوم النائيني اعلا الله مقامه وكقرينة على ذلك ان المرحوم الاخوند على ضوء هذا التضامن قرض كتاب المرحوم النائيني وهو تنبيه الملة، المرحوم الاخوند الخراساني اتخذ موقفاً شديداً مع تصرفات هؤلاء مثل محمد علي شاه مثل مظفر الدين شاه وكان لما نقرأ الرسائل التي كان يوجهها الى هؤلاء نرى الشدة والقوة والاعتماد على الذات، اما على الصعيد الدولي لم يكن بعيداً ورفض ان يكون معزولاً عما يدور في العالم الاسلامي رغم انعدام المواصلات وصعوبة التواصل مثلاً يوم غزت ايطاليا ليبيا واحتلت البلاد الليبية وقتلت الالاف من الشعب الليبي كان المرحوم الاخوند الخراساني اول من اصدر بياناً ادان فيه هذا الغزو وبعد ذلك اصدر المرحوم الشيخ شيخ الشريعة الاصفهاني بيانات حادة في ذلك ومادمت في الحديث عن المرحوم الاخوند الخراساني اعود الى جانب آخر من حياة هذه الشخصية العظيمة واقعاً من الصادقين، خدماته الاجتماعية، هذا الرجل على ما يمتلك من براعة علمية وعظمة وسمعة هو كان مشهوراً يلطاقة خلقه وانفتاحه على الكل والواقع ساد بزعامته، كانت الاموال تجبى اليه من كل صوب وحدب وما لاحظوا عليه اي فرق في حياته العامة لا في سكنه ولا في ملبسه ولا في اثاثه ولا في كل وحدات عيشه وتلاحظ صرامته في اتخاذ القرارات فما كان يسمح لاحد ان يتدخل في شؤونه وكان دؤوباً ومهتماً على ان يقدم الخدمة للطلبة وان ينظم وضعه في الحوزة، في هذا الاطار قام بمشروعه الخالد في بناء مدارس للطلبة يعني هو من اوائل من بنا المدارس العلمية في النجف ثلاث مدارس، آخوند الكبرى في محلة الحويش، مدرسة الاخوند الوسطى في شارع الصادق وكذلك المدرسة الثالثة الاخوند الصغرى، هذه المدارس كانت تقام فيها مناسبات لاهل البيت، العشرة الاولى، اول بدايات منبري ارتقيت في مدرسة الاخوند الكبرى، كان يخطب قبل خمسين عاماً الشيخ محمد علي الخراساني الخطيب المعروف، المرحوم الملا محمد كاظم الاخوند له ايادي جميلة على النجف الاشرف وعلى اهالي النجف الاشرف ويقدم لهم المساعدات ويتشاور معهم في الشؤون العامة، كان معروفاً بالاب الروحي لكل الناس لذلك الاستعمار ضاق ذرعاً منه واخذ يروج الاشاعات ضده حتى وفاته كان مشكوكاً في امرها بأنه قتل مسموماً لانه توفي بشكل مفاجيء في 20 ذي الحجة عام 1329 هـجرية وكانت وفاته حدثاً هز العراق واحزن النجف وأسأل الله له الرحمة والرضوان والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******