الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
ومن اقطاب الصادقين المخلصين في خط اهل البيت هو العالم والشاعر الملهم والخطيب اللسن الشيخ محسن ابو الحب رحمة الله عليه، طبعاً هذا الخطيب، خطيب مجاهد، شخصية لها قيمتها في جوامع العلم والادب، المرحوم الشيخ محسن ابو الحب هو من مواليد كربلاء المقدسة عام 1305 هجرية من عائلة عشقت اهل البيت وبالخصوص والده المرحوم الشيخ محمد حسن ابو الحب صاحب القصائد والمراثي في اهل البيت.
المرحوم الشيخ محسن ابو الحب اصالة هو من قبيلة خثعم وهاجرت هذه القبيلة من الحويزة الى كربلاء للتسلح بالعلم ومجاورة عتبات اهل البيت عليهم الصلاة والسلام.
الشيخ محسن ابو الحب ترعرع في هذا الجو حتى نشأ فاضلاً واديباً واصبح من عيون الحفاظ والشعراء والخطباء حتى قال عنه صاحب معارف الرجال «لقد حضرت منبره مراراً فلم أرا فصح منه لساناً ولا ابلغ منه ادباً وشعراً وكان جامعاً واسع الباع قوياً في فنه» هذا كلام صاحب المعارف. المرحوم الشيخ محسن ابو الحب تخرج في الفقه والاصول والادب على العالم الجليل الشيخ عبد الحسين الطهراني والحاج محمد علي كمونة وغير هؤلاء، لكن كخطيب مقتدر برز وتألق نجمه يوم اقيم مهرجان كبير في كربلاء عام 947 ميلادية وحضر الالاف المهرجان بمناسبة ابي عبد الله الحسين ولادته وساهم في هذا المهرجان عباقرة من الادباء والشعراء وهناك القيت هذه القصيدة اول مرة وهي قصيدة الجواهري، الشاعر محمد مهدي الجواهري قصيدته العينية في الحسين ومطلعها:
فداءً لمثواك من مضجع
تنور بالا بلج الاروع
سبحان الله القصيدة صار لها دوي وحتى اليوم. هو كان حاضراً هناك الشيخ محسن ابو الحب فألقى ايضاً ضمن الذين القوا، القى قصيدة رائعة في الحسين ايضاً تأثر بها الجميع منها مثلاً:
سبط النبي ابو الائمة
من للخلائق جاء رحمة
هذا الحسين ومن بساق
العرش خط الله اسمه
هذا ابن بنت المصطفى
مولا له شأن وحرمة
المرحوم الشيخ محسن ابو الحب كان ولوعاً بقصيدة المرحوم الشيخ صالح الكواز والتي تعتبر من القصائد الخالدة وقد ذكر فيها مصائب الزهراء (سلام الله عليها) وولدها الحسين، كان الشيخ محسن ابو الحب قد تفاعل بهذه القصيدة فنظم قصيدة جاراه بها بالوزن والقافية وسبحان الله اصبحت قصيدة الشيخ محسن ابو الحب ايضاً موفقة تأتي بتوفيقها بطول قصيدة الكواز فلا تجد خطيباً من القديم والحديث الا ويحفظ هذه القصيدة ويشدوبها خصوصاً في العشر الاوائل ومطلعها:
ان كنت مشفقة علي دعيني
ما بال لومك في الهوى يؤذيني
قالوا التجلد قلت ما هو مذهبي
قالوا التوجد قلت هذا ديني
لا في سعاد ولا في رباب وانما
هو في البقايا من بني ياسين
غوثاه من ذكراك عرصة كربلا
بعد الزمان وقربه ينسيني
وكثيراً ما تقرأ هذه القصيدة في مجالس الخليج فتهتز لها المشاعر وتطرب لها النفوس.
في هذا الوقت المحدود جداً اذكر نكتة عن المرحوم الشيخ محسن ابو الحب، سمعتها من الشيخ الاميني اعلا الله مقامه صاحب موسوعة الغدير نقلها المرحوم الاميني وفي وقتها دونتها، يقول رحمه الله: «خلال تتبعي للمصادر المهمة من كتب الجمهور لا ستعين بها في تأليف موسوعة الغدير احتجت الى كتاب مهم وهذا الكتاب شبه مفقود والحصول عليه شبه مستحيل».
يقول المرحوم الاميني: «سافرت عدة سفرات لمدن العراق خارج العراق بحثاُ عن هذا الكتاب فلم اصل الى نتيجة».
يقول الاميني رحمة الله عليه: كنت معتاداً على زيارة الامام الحسين كل ليلة جمعة واعود في نفس الليلة الى النجف الاشرف الا انه لا ادري ما الذي حدث بحيث ليلة من ليالي الجمعة بت في كربلاء المقدسة وعند الفجر زرت الحسين (صلوات الله وسلامه عليه) وبعد ذلك جئت الى حرم ابي فضل العباس لازور واعود الى النجف.
يقول المرحوم الاميني: لما زرت ابي الفضل العباس عند توديعي له عند الباب كأن اتى على بالي معاناتي في البحث عن هذا الكتاب وهو مصدر مهم من كتب الجمهور فدعوت الله عند ضريح ابي الفضل متشفعاً بباب الحوائج ابي الفضل العباس ان ييسر لي حصول هذا الكتاب لانني تعبت ويأست فطلبت من ابي الفضل ان يتشفع الي.
يقول المرحوم الاميني: خرجت من الحرم واخذت خدائي وخرجت وإذا في الصحن يتواجه معي وجهاً لوجه الشيخ محسن ابو الحب فرح بي وعانقني وقبلني قلت ليس من عادتي ان ابيت في كربلاء لكن امس بت والان زرت وارجع الى النجف قال لي: هل تناولت الفطور؟
قلت: لا.
قال: هذا بيتي قريب. تناول عندي الفطور وتيسر واذهب الى النجف الاشرف، اصطحبته الى بيته ولم اخبره بقضيتي وقضية الكتاب، دخلت الى بيته ففتح لي باب المكتبة وجلست، فذهب ليأتيني بالفطور.
يقول المرحوم الاميني: «انا جالس في المكتبة واذا انظر الى الكتب واذا هذا الكتاب امام عيني، يا سبحان الله فصعقت فرحاً وانا انظر الى الكتب، انظر الى هذا الكتاب، دخل المرحوم الشيخ محسن ابو الحب ما القضية؟
قلت: هذه كرامة لابي الفضل العباس (سلام الله عليه) وتحققت على يدك وهذا بمعنى ان انت تلميذ وولي مقبول عندهم».
يقول المرحوم الاميني: «يا اخي صار لي سنوات واشهر وسفرات وتعب وعناء ابحث عن هذا الكتاب والان قبل اراك في الصحن توسلت بأبي الفضل العباس واذا صادفتك وتدعوني الى بيتك واذا ارى الكتاب عندك».
فضحك الشيخ محسن ابو الحب قال لي: اذن احدثك انا طوال تواجدي في كربلاء في هذه السنين ما صدف في هذه اللحظة اني موجود في صحن ابي الفضل العباس لكن الان وبطريق الصدفة ويا سبحان الله.
اخذ الكتاب وقال لي: هذه هدية لك، فشكرته وشكرت الله على هذه الكرامة.
يقال: ان على اثر هذه الكرامة اوصى المرحوم الشيخ محسن ابو الحب بأن يدفن في صحن ابي الفضل العباس واشترى له هناك مقبرة خاصة ودفن فيها حينما وافاه الاجل وطبعاً له قصائد كثيرة ومنها ابياته لما هدم اعداء الله قبور اهل البيت في البقيع الابيات:
لمن القبور الدراسات بطيبة
عفت لها اهل الشقى اثارا
قلل للذي افتى يهدم قبورهم
انسوا فتصلى في القيامة نارا
اعلمت اي مراقد هدمتها
هي للملائك ما تزال مزارا
وفاته الشيخ محسن ابو الحب في 5 ربيع الاول عام 1369 هجرية تغمده الله بواسع رحمته والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******