الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
ومن الصادقين الموفقين سفيان بن مصعب العبدي تغمده الله برحمته ولم نعثر على تاريخ ولادته غير انه كان زميلاً للسيد الحميري الشاعر والعالم المعروف، حتى يروى انهما كانا في مجلس فأنشد الحميري قائلاً:
اني ادين بما دان الوصي به
يوم الخريبة من قتل المحلينا
الخريبة ضاحية من ضواحي مدينة البصرة ويشير في هذا الى من هلك من الناكثين ثم يقول:
وبالذي دان يوم النهروان به
وشاركت كفه كفي بصفينا
فرد سفيان العبدي: قل وتابعت كفه كفي لتكون تابعي لاشريك، فأستحسن الحميري هذه الملاحظة الوقادة وكان يقول بعدها، انا اشعر الناس الا العبدي فهو اشعر مني، هذا ويعد سفيان بن مصعب العبدي من اشهر الشعراء في اهل البيت وبالخصوص في امير المؤمنين وفي رثاء الحسين(ع).
المرحوم الكليني اعلى الله مقامه في كتابه الكافي ذكر بأسناده عن ابي داود المسترق قال دخلت على الامام الصادق(ع) فسمعت الصادق يقول قولي لام فروة انت تجئ لتسمع وتعرف ماصنع بجدها الحسين ولما حضرت وحضرت نساء اخرى والامام نصب ستاراً امر الامام بقراءة بعض مراثي سفيان العبدي للحسين(ع)، فقرأت هذه القصيدة التي منها:
لقد هدّ ركني رزء آل محمد
وتلك الرزايا والخطوب عظام
وابكى الجفون بالفرات مصارع
لآل النبي المصطفي وعظام
عظام بأكتاف الفرات زكية
بهن علينا حرمة وذمام
فكم حرة مسبية ويتيمة
وكم من كريم قد علاه حسام
لال رسول الله صلت عليهم
ملائكة بيض الوجوه كرام
اقاطم اشجاني بنوك ذوو العلى
فشبت واني صادق لغلام
يقولون لي صبراً جميلاً وسلوة
ومالي الى صبر الجميل مرام
فكيف اصطباري بعد آل محمد
وفي القلب مني لوعة وضرام
هنا صاحت النساء وبكت وبكى الامام الصادق وهذا مشهد يرتبط بالشاعر المرحوم سفيان بن مصعب العبدي تغمده الله برحمته المسترق هو ينشد ابياتاً اخرى لسفيان العبدي:
عين جودي بدمعك المسكوب
في مجلس آخر طبعاً ضجح الجمع بالبكاء والنحيب وحتى تقول الرواية اجتمعت نساء المدينة عند الباب وهو يردد:
عين جودي بدمعك المسكوب
ويذكر الشيخ الكشي رحمه الله في رجاله ان الامام الصادق(ع) كان يوصي المؤمنين من محبيه ويؤكد علموا اولادكم شعر العبدي فأنه على دين الله، واظهار مظلومية الائمة وكدعم واسناد لهم واسنادهم اسناد لكلمة الله وادانة للظالمين كما كلفه الامام الصادق بنظم ما تنوح به النساء في المآتم لايمانه بأستقامته وتوجهه وذكر المرحوم الاميني تغمده الله برحمته في موسوعته الغدير بمناسبة يوم الغدير، القى سفيان بن مصعب العبدي قصيدة طويلة رائعة تعد من روائع الشعر العربي في زمانه رغم ان قصيدة الحميري ايضاً كانت ضخمة:
يا بائع الدين بدنياه
ليس بهذا امر الله
لكن قصيدة العبدي هذا العالم الجليل، قلت ان الشيخ الاميني يقول من اروع القصائد في زمانها، من جملتها يقول:
وكان عنها لهم في خم مزدجر
لما رقى احمد الهادي على قتب
قال والناس من دانٍ اليه ومن
ثاوٍ لديه من مضغ ومن مرتقب
قم يا علي فأني قد امرت بأن
ابلغ الناس والتبليغ اجدر بي
اني نصبت علياً هادياً علماً
بعدي وان علياً خير منتصب
فبايعوك وكل باسط يده اليك
من فوق قلب عنك منقلب
ومن كنوز شعره ما ذكره السيد محسن الامين العاملي في موسوعته اعيان الشيعة وهي قصيدة بائية يقول فيها:
ان كان عن ناظري بالغيب محتجباً
فأنه عن ضميري غير محتجب
كأنه يشير الى امير المؤمنين(ع) لانه كان تواق ان يزور مشهد امير المؤمنين لكن الظروف العدائية والحملات المعادية للزوار منعته فكان في هذه القصيدة يعكس مدى اشتياقه:
ما هزّ عطفي من شوق الى وطني
ولا اعتراني من وجد ومن طرب
مثل اشتياقي من بعد ومنتزح
من الغري وما فيه من الحسب
ثم يقول:
ياراكباً جسرة تطوي مناسمها
ملائة البيد بالتقريب والخبب
بلغ سلامي قبراً بالغري حوى
او فى البرية من عجم ومن عرب
واجعل شعارك لله الخشوع به
ونادي خير وصي وخير نبي
سبعة وتسعين بيتاً اشبعها بذكر فضائل امير المؤمنين واهل البيت والتفجع لمصائبهم واستنهض الامام المهدي(عج) هذا وقد استمر هذا العالم الكبير ينشر علوم اهل البيت وفقه اهل البيت وفضائل اهل البيت ويقوم بالمهام الصعبة من قبل الامام الصادق ويعتقد الشيخ الاميني رحمه الله ان وفاته كانت عام 187 هـ في الكوفة ووري الثرى في المقبرة المعروفة بمقبرة اصحاب امير المؤمنين(ع) وهذه المقبرة تقع بين السهلة والكوفة وخربها الخوارج او الامويون ونبشوها نسأل الله له الرحمة والرضوان والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******