الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
ومن الصادقين الذين صدقوا بما عاهدوا الله عليه هو الشهيد العالم السيد عباس الموسوي طيب الله ضريحه، هذا الشهيد السعيد هو من شهداء الدفاع عن الاسلام والمسلمين وهو من مواليد منطقة البقاع في جنوب لبنان، يعني ولادته على ما يبدو كان عام 52 ميلادية وطبعاً جنوب لبنان او جبل عامل مثل ما نقول هذه اصيلة وتأريخية بالنسبة للعلم والعلماء والمجاهدين والفقهاء الاوائل امثال الشيخ البهائي ووالده الشيخ عبد الصمد، المحقق الكركي ووالده والشيخ الحر العاملي، الشهيدين الاول والثاني، الشيخ منشار العاملي وطبعاً الى المرحوم شرف الدين والسيد محسن الامين العاملي وانتهاءاً الى الامام السيد موسى الصدر وغيرهم، اذن ليس غريباً ان تحتضن هذه الارض منطقة البقاع او الجنوب او جبل عامل ان تحتضن وان تنجب امثال الشهيد السيد عباس الموسوي وطبيعي ان الشرارة الاولى لهذا الوجود المبارك وهذه الروح الثورية التضحوية الشرارة الاولى وضعها في هذه المنطقة هو الصحابي المظلوم المجاهد ابو ذر رضوان الله عليه وذلك حينما هجر من المدينة الى الشام ثم هجره معاوية الى صرفند وهي جنوب لبنان تحرك من هناك ليقارع الظلم والفساد والباطل لذلك الشهيد السيد عباس الموسوي هو من هذه الارض وخصوصاً هذه الايام يقف اخوانه الاشاوس وهم المجاهدون من حزب الله ليقفوا رغم ان العالم وللاسف يقف موقف المتفرج يعني الزعامات العربية وغير العربية موقفها موقف متفرج فقط ويقف هؤلاء الفتية على قلة عددهم وعلى امكانياتهم لكن هم يرفعون المعنويات العالية ويتمتعون بقوة الثقة والاعتماد على الله سبحانه وتعالى ويلحقون الضربات بالصهاينة الغزاة المعتدين، ولد السيد عباس الموسوي في هذا الجو وفي هذا المناخ من عائلة منغمرة بحب اهل البيت فهو كان ينتهل من علوم اهل البيت من صباه، كان يحضر المجالس مجالس العزاء على الحسين وباقي المناسبات ثم صار بنفسه يدير هذه المناسبات مسجد مجاور لبيته مسجد الامام الحسين سلام الله عليه فكان هو حماسياً في هذا الجو، ايام شبابه الاولى كان متحسساً بالخطر الصهيوني واخطاره على العالم الاسلامي كلياً، في عام 76 العام الذي كانت فيه حرب الايام الست وهزم العرب وللاسف امام الكيان الصهيوني وفي ذلك اليوم كان الكيان الصهيوني ثلاث ملايين والعالم العربي كان اكثر من مئة وثلاثين مليوناً رغم امكانياتهم النفط والغاز و...:

النفط والغاز والنهران عندكم

وانتم تشتكون الضعف والملقا

فيا عبيد الكراسي لا اباً لكم

قد بعتم الدين والوجدان والخلقا

وفي غضون ستة ايام هزموا وغصبت قبلة المسلمين الاولى وهي القدس، هذا الوضع املا على السيد عباس الموسوي شعورياً ثورياً ساخناً فاندفع الى الانضمام الى صفوف المقاتلين وكان يقاتل مبدئياً مع الفلسطينيين وقاتل وجاهد حتى اصيب بجروح في احدى العمليات، هاجمهم العدو الصهيوني ونجا باعجوبة لكن اصيب بجروح عدة مرات، لا يخفى ويجدر ان اذكر انه كان يتردد على العالم اللبناني المجاهد السيد موسى الصدر وشارك مع الامام موسى الصدر في تأسيس حركة الدفاع عن المحرومين وقرأ المقدمات ومبادئ العلوم الفقهية على يد السيد موسى الصدر وفي عام 1389 هجرية سافر او هاجر الى النجف الاشرف، لما وصل الى النجف اتصل بكبار علماء النجف وصارت له معهم علاقات قوية مثل الشهيد محمد باقر الصدر الشهيد السيد محمد باقر الحكيم، الشهيد السيد مهدي الحكيم كان يتردد بكثرة على منزل الامام الخميني رضوان الله عليه، كان في النجف يقيم الندوات مع الطلبة اللبنانيين والافارقة في النجف ويلقي عليهم المحاضرات عن الاخطار المحيطة بالعالم الاسلامي والخطر الصهيوني الى ان اشخصه الشهيد السيد محمد باقر الصدر الى لبنان قال لبنان بحاجة لك ونظراً لحاجة ملحة لوجوده هناك ثم اراد الشهيد الصدر ان يلخصه لانه وجدان السلطة العفلقية في العراق كانت تضايقه بين الفينة والاخرى يسجن ويحقق معه ويستجوبوه عدة مرات، الشهيد الصدر قال اخرج من العراق فانتقل الى مدينة بعلبك ، في لبنان كان يعد السيد عباس الموسوي لساناً صادعاً ينشر افكار الامام الخميني رضوان الله عليه حتى التف حوله المئات من الشباب وكان يتردد على مدينة قم المقدسة ليجتمع بالعلماء والمبلغين وكنت اراه في قم احياناً بعد ان احتل الكيان الصهيوني جنوب لبنان اسس السيد عباس الموسوي رحمه الله فريقاً من الشباب المجاهدين وقاد عملية اقتحام لاحد مقرات جيش الاحتلال الصهيوني ثم انتقل الى مراحل جهادية اوسع وذلك بعد ان انضمت كل فصائل المقاتلين في تنظيم واحد عرف انذاك بحزب الله او نواة حزب الله وساهم في مواجهات عديدة ونجا من الموت عدة مرات، في عام 1991 ميلادية تم انتخابه اميناً عاماً لحزب الله وهنا هذا الانتخاب جعله شخصية مستهدفة من الكيان الصهيوني فكان رحمه الله يتنقل بحذر وكانت توصيات المؤمنين له ان يتخذ الحيطة، نشر الكيان الصهيوني شبكة من الجواسيس من مختلف الاصناف اللبنانيين وغير اللبنانيين واعدت ميزانية خاصة لمن يلقي او يخبر عن مكان تواجد السيد عباس الموسوي حتى انه رحمه الله كان يقول اني احتاج الى ان انتقل الى طهران الى قم او الى بلد آخر يحتاج ان يغير مساره من عاصمة الى عاصمة وعبر طرق ووسائل للنجاة بنفسه من ايدي عملاء الصهيونية المنتشرين في المطارات والذين يقدمون المعلومات الى اعداء الاسلام، اخيراً في فبراير من عام 1992 كان الشهيد السيد عباس الموسوي يستقل سيارته ومع زوجته وطفلة طاردته طائرة اباجي صهيونية وصوبت عليه صاروخاً واستشهد في الحال مع زوجته وولده الصغير وكان لاستشهاده الاثر البالغ، شيعته الجماهير الغاضبة في مسيرة خزائنية مسافة خمسة وعشرين كيلو متراً الى محل ولادته في القرية التي ولد فيها فوري الثرى هناك ليلقى الله ابيض الوجه مجاهداً في سبيل الله تغمده الله بواسع رحمته والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. 

*******