بسم الله وله الحمد حمد الشاكرين ثم الصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله الأطيبين الأطهرين.. حضرات المستعين السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، تحية طيبة لكم أينما كنتم وأنتم تستمعون الى حلقة أخرى من برنامج "نهج الحياة" حيث سنكمل فيها، بإذن الله، تفسير ما تبقى من آيات سورة الصف المباركة بعد الإستماع الى تلاوة الآيتين الثامنة والتاسعة منها فكونوا معنا مشكورين..
يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ{8} هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ{9}
أيها الكرام، تشير هاتين الآيتين إلى أن العدو يستخدم كل الوسائل والأساليب من أجل إطفاء نور الله سبحانه، ومن ذلك الإتهام بالرجعية والتخلف ودعوى أن الفكر الديني خيال وأوهام كما يدعون سطحية آيات الوحي وخلوها من المضامين المفيدة وغيرها من الأباطيل.
كما تواتر في الحديث أن حالة إنتصار الإسلام وظهوره على سائر الأديان سوف تكون في عصر الإمام المهدي (عج).
ويؤكد تاريخ الإسلام، أيها الأحبة، تحقق الآية الثامنة من هذه السورة، فعلى الرغم من كل الإستهزاء والمؤامرات التي كان يقوم بها الأعداء، وعلى الرغم من الحصار والتعذيب الذي كان يمارس ضد المسلمين، ومؤامرات المنافقين والمشركين، بل ووقائع الحروب الصليبية وغيرها، نرى أن الإسلام ينتشر يوماً بعد يوم.
ومن تعاليم هاتين الآيتين الشريفتين يمكن الإشارة إلى أن أولاً؛ الدين نور، أي مصدر للمعرفة والرشد، والحركة والطاقة.
ثانياً: الدعاية السيئة، من أهم الأسلحة التي يستعملها العدو في مواجهة الدين، ولكنها لن تحقق الغاية المرجوة منها.
وثالثاً: دين الإسلام دين الأمل بالمستقبل.
أما الآن، أيها الإخوة والأخوات، ننصت وإياكم خاشعين الى تلاوة الآيات العاشرة حتى الثانية عشرة من سورة الصف المباركة..
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ{10} تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ{11} يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ{12}
أيها الأفاضل، مما نتعلمه من هذه الآيات المباركات أولاً: عندما تنادون الناس وتخاطبونهم نادوهم بأسمائهم وألقابهم الإيمانية.
ثانياً: التجارة المعنوية لا يدركها حق إدراكها، إلا المؤمنون بالله تعالى.
ثالثاً: ليس الإيمان مجرد فعل من أفعال القلب، بل هو جهد بالبدن أيضاً.
رابعاً: رب أمر صعب مر الطعم، ولكنه حسن العاقبة مشتمل على المصلحة.
وخامساً: الإنسان يبحث عن السعادة والخير بالفطرة، وقد وعد الله الإنسان بهذه الأمور وعلّق وعده على فعل بعض المقدمات.
مستمعينا الأعزة، في هذه اللحظات، نشنف آذاننا بالإستماع الى تلاوة الآيتين الثالثة عشرة والرابعة عشرة وهي آخر آيات سورة الصف المباركة..
وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِّنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ{13} يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونوا أَنصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ فَآَمَنَت طَّائِفَةٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَت طَّائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ{14}
مما تعلمه إيانا هاتين الآيتين الكريمتين أولاً: ليس كل أنواع الثواب في الآخرة، بل يثيب الله المؤمنين في الدنيا أيضاً.
ثانياً: على المؤمن أن ينسب النصر إلى الله، لا إلى التجهيزات ووسائل القتال وغيرها من الآليات.
ثالثاً: الأمل بالمستقبل المشرق، من وسائل الدعم الروحي للمجاهدين.
رابعاً: لا يحتاج الله إلى نصرة أحد من خلقه، فالنصر والقوة كلها منه سبحانه، ودعوة الله إيانا إلى النصرة تشريف لنا.
خامساً: على الرغم من التأييد الإلهي للأنبياء، فإنهم كذلك يستفيدون من الوسائل المادية والطبيعية في تحقيق ما يريد الله منهم.
سادساً: الإتصاف بالإيمان من تجليات التأييد الإلهي أو أسبابه.
وسابعاً: لا يقصر الله تأييده على نبيه، بل تشمل نعمة تأييد المؤمنين به.
إخوتنا الأفاضل، مع إتمام تفسير سورة الصف المباركة وصلنا وإياكم إلى نهاية هذه الحلقة من برنامجكم "نهج الحياة" ختاماً تقبلوا تحياتنا من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران.. دمتم بخير وفي أمان الله.