البث المباشر

تفسير موجز للآيات 7 الى 13 من سورة الممتحنة

السبت 24 أغسطس 2024 - 11:51 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 1011

 

بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين فهو خير ناصر ومعين، ثم الصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.. أعزاءنا المستمعين السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.. تحية طيبة لكم أينما كنتم وأنتم برفقتنا وهذا البرنامج القرآني "نهج الحياة" حيث سنكمل في هذه الحلقة من البرنامج تفسير ما تبقى من آيات سورة الممتحنة المباركة إبتداءً بالإستماع الى تلاوة الآيتين السابعة والثامنة منها، فتابعونا على بركة الله..

عَسَى اللَّهُ أَن يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُم مِّنْهُم مَّوَدَّةً وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ{7} لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ{8}

أيها الأفاضل، تشير الآية السابعة إلى أن الله عزوجل يعد المسلمين الذين شعروا بالحيف نتيجة قطع علاقاتهم مع الكافرين، بأنه تعالى قد يهدي من قاطعوه لكفره، فيتحول إلى صديق حميم وتنشأ بينهم وبينه مودة الإيمان بدل القطيعة.

كما تشير إلى أنه عندما يكون الكفر سبباً للقطيعة، لابد من أن يكون سبب الوصل هو الإيمان المستجد، وليست العلاقة الجديدة مبينة على ارتفاع التكليف بالقطيعة.

وتشير الآية الثامنة، عزيزي المستمع، إلى تقسيم الكفار إلى قسمين، قسم منهم يعمل على الوقيعة بالمسلمين ويتآمر عليهم، وهؤلاء هم الذين دعا الله عزوجل إلى مقاطعتهم، والإبتعاد عنهم. وقسم آخر مسالمون لا يقاتلون المسلمين ولا يتآمرون عليهم، وهؤلاء لا ينهى الله عن وصلهم على الرغم من عدم كونهم مسلمين.

أما الآن، إخوتنا الأكارم، ندعوكم للإستماع الى تلاوة الآيتين التاسعة والعاشرة من سورة الممتحنة المباركة..

إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ{9} يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُم مَّا أَنفَقُوا وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَن تَنكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنفَقُوا ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ{10}

موضوع الآية العاشرة، أيها الكرام، هو صلح الحديبية، فأحد بنود الصلح هو وجوب إعادة من يهرب من مكة، ويلتحق بالمسلمين في المدينة، وهذه الآية تتحدث عن النساء، فتستثنيهن من هذا الحكم؛ كما أن هذه الآية هي من الآيات الحقوقية الإجتماعية.

ومما تعلمه إيانا هاتان الآيتان الكريمتان أولاً: حتى لو وقع على الإنسان الظلم، عليه أن لا يخرج عن حدود العدالة ويترك مقتضيات الإحسان، بل كل ما هو مدعو إليه، هو مقاطعة الظلم وعدم المساعدة عليه.

ثانياً: الإعتداء على ديار الناس محرّم في الشريعة كما الإعتداء على الأنفس والأعراض، وقد شرّع الجهاد لمواجهة أشكال العدوان هذه كلها.

ثالثاً: لا تتبع المرأة زوجها في الدين وأداء التكاليف الدينية، بل لها شخصيتها المستقلة، ومن هنا يجوز لها الهجرة لحماية دينها.

رابعاً: يؤدي كفر أحد الزوجين إلى بطلان الزواج.

وخامساً: حفظ الحقوق قاعدة تسري على الجميع، المؤمن والكافر.

أما الآن، إخوتنا الأفاضل، ننصت وإياكم خاشعين إلى تلاوة الآيات الحادية عشرة حتى الثالثة عشرة وهي آخر آيات سورة الممتحنة المباركة..

وَإِن فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِّنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُم مِّثْلَ مَا أَنفَقُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنتُم بِهِ مُؤْمِنُونَ{11} يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَن لَّا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئاً وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ{12} يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ{13}

أيها الأكارم، تحدثت الآية العاشرة عن أداء الحقوق المالية للكفار في حالة لجوء الزوجة التي أسلمت والتحاقها بالمسلمين، وفي هذه الآية يحدثنا الله عزوجل عن الحالة المعاكسة، أي عن مطالبة الكفار بالمال.

وحول الآية الثانية عشرة ورد في كتب التفسير أن النبي (ص) قد وقف يوم فتح مكة على الصفا، وشرع بأخذ البيعة من المسلمين، وكانوا جميعاً حاضرين نساء ورجالاً، وهذه الآية، مستمعينا الكرام، تخبرنا عن المضمون الذي تمت البيعة على أساسه.

ومعنى (التولي) في الآية الثالثة عشرة، تارة تكون بمعنى الصداقة، وطوراً يكون بمعنى الولاية والقيمومية، وكلا المعنيين منهي عنه في الآية.

والمراد من الذين غضب الله عليهم في الآية، اليهود والمقصود من الكفار مشركي مكة، فاليهود يائسون من الآخرة، والمشركون منكرون للمعاد والحياة بعد الموت.

ومن تعاليم هذه الآيات المباركة أولاً: يجوز للمسلمين النهوض للمطالبة بحقوقهم، بل ربما وجب عليهم ذلك في بعض الحالات.

ثانياً: النساء في المجتمع الإسلامي إلى جانب الرجال في القضايا الإعتقادية والأخلاقية والإجتماعية، وقد شملتهن العدالة النبوية ولم يميز، صلى الله عليه وآله، بين الجنسين.

ثالثاً: يجوز التوسل بالأولياء، ودعاؤهم للمؤمنين مستجاب، ولو لا ذلك لما أمر الله النبي (ص) بالدعاء والإستغفار.

ورابعاً: ولي الله لا يمكن أن يكون ولي من غضب الله عليه.

مستمعينا الأكارم، إلى هنا وصلنا الى نهاية هذه الحلقة من برنامج "نهج الحياة" آملين أن قد نالت رضاكم، فحتى لقاء آخر وتفسير سورة أخرى من سور القرآن الكريم، نستودعكم الله والسلام خير ختام.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة