البث المباشر

تفسير موجز للآيات 1 الى 7 من سورة الحشر

السبت 24 أغسطس 2024 - 11:49 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 1006

 

بسم الله وله الحمد إذ هدانا للإيمان، وأزكى الصلوات وأتم التسليم على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.. أحبتنا المستمعين في كل مكان سلام من الله عليكم ورحمة من لدنه تعالى وبركات.. تحية لكم وأهلاً بكم في حلقة أخرى ضمن برنامج "نهج الحياة" وتفسير موجز لسورة أخرى من سور القرآن المباركة ألا وهي سورة الحشر، حيث أخذت إسمها من كلمة "الحشر" الواردة في الآية الثانية، والحشر المقصود في هذه السورة، أيها الأطائب، ليس هو الحشر يوم القيامة، بل المراد هو اجتماع الناس استعداداً للرحيل.

نبتدئ حلقتنا هذه، أيها الأفاضل، بالإستماع الى تلاوة مرتلة من الآيتين الأولى والثانية منها فكونوا معنا على بركة الله..

بسم الله الرحمن الرحيم

سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ{1} هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ{2}

أيها الأكارم، أحد معاني مادة "سبح" في اللغة، هي الحركة في الماء أو الهواء، وفي الإصطلاح الديني تنزيه الله عن كل عيب وتدل كذلك على السرعة في العبادة.

يقول بعض المفسرين إن تسبيح المخلوقات هو تسبيح تكويني؛ أي الموجودات كلها من خلال وجودها هي آيات الله تعالى، تدل على علمه وحكمته وقدرته وبراءته عن كل عيب، فهي بذلك تسبحه وتنزهه وهذا ما يعبر عنه بالتسبيح بلسان الحال، ولا مبرر للإعتقاد بأن الموجودات تقول "سبحان الله" وتردد هذا الذكر بلسانها الخاص.

أما "الحشر" هو الجمع والإبعاد والطرد من المسكن.

وقوله تعالى "فاعتبروا" فهو من العبور ووجهه أن الفهم وأخذ العبرة هو عبور من اللفظ أو الحادثة أو غيرها إلى المعنى الذي تختزنه، كما أن تعبير الرؤيا هو عبور من ظاهرها إلى معناها الحقيقي.

وشأن نزول الآية الثانية أنه كانت تسكن في المدينة ثلاث قبائل هي: بنو النضير وبنو قريظة وبنو قينقاع، وعندما هاجر النبي (ص) إلى المدينة توافقوا معه على عدم التعرض له بالأذى وعدم مناصرة غيره عليه، ولكن بعد معركة أحد بدأ بعضهم يتآمر مع مشركي قريش ضد الإسلام والمسلمين، فعلم النبي (ص) بذلك وتصدى لهذه المحاولات؛ فقتل أحد قادتهم وهو كعب بن الأشرف، فلجأوا إلى حصن من حصونهم يحتمون به، فحاصرهم المسلمون فيه، وبعد أيام من الحصار وافقوا على الرحيل عن المدينة، فحملوا ما استطاعوا حمله من الأموال وما لم يستطيعوا حمله خربوه كي لا يستفيد منه المسلمون.

وتعلمنا هاتين الآيتين أولاً: عزة الله عزوجل وحكمته هما اللتان تدفعان الموجودات الى التسبيح؛ وثانياً: ينبغي على المسلمين التمييز بين الخونة وأهل الوفاء حتى لو كانوا أهل قبيلة واحدة أو دين واحد.

أما الآن، أعزتنا الكرام، ننصت وإياكم خاشعين الى تلاوة الآيتين الثالثة والرابعة من سورة الحشر المباركة..

وَلَوْلَا أَن كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلَاء لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابُ النَّارِ{3} ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَن يُشَاقِّ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ{4}

"الجلاء"، أيها الأفاضل، هو ترك الأوطان والهجرة منها بسبب بلاء وشبهه. و"شاقوا" فمن الشق، وهو الفصل والمواجهة والعداوة.

وكما أن الله "شديد العقاب" لكن هذا لا يتنافى وصفه بأنه "أرحم الراحمين" فإن لكل من الرحمة والعقوبة محلها الخاص.

وما تشير إليه الآيتان الكريمتان أن جلاء بني النضير كان بسبب خيانتهم ومعاداتهم لله ورسوله، وليس بسبب دينهم.

أما الآن، أيها الإخوة والأخوات، ندعوكم للإستماع الى تلاوة الآيات الخامسة حتى السابعة من سورة الحشر المباركة...

مَا قَطَعْتُم مِّن لِّينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ{5} وَمَا أَفَاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ{6} مَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاء مِنكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ{7}

الـ "لينة" ،أيها الأحبة، هي النخلة الناعمة، رغم أن الإسلام ينهى المجاهدين عن قطع الأشجار أو تسميم مياه العدو؛ لكن في بعض الحالات قد تعيق بعض الأشجار حركة المقاتلين فيصدر الأمر بقطعها، وربما نزلت هذه الآية المباركة لرفع شك المسلمين في صحة ما فعلوه أو للرد على اعتراض اليهود.

وأما مفردة "أفاء" فهي من الفيء وهو العَود، والمقصود منه في الإصطلاح ما يعود إلى المسلمين من غنائم يحصل عليها من دون حرب أو قتال. وربما كان سبب تسمية الغنيمة فيئاً، هو الإشارة إلى أن هذه الأموال بالغنيمة عادت إلى أصحابها الحقيقيين، وذلك لأن الوجود كله الله عزوجل وهو قد خلقه من أجل أوليائه.

ففي الآية السابعة أشار الله عزوجل إلى الحكم أولاً، ثم بيّن سبب الحكم وحكمته، وختمت الآية بالدعوة إلى الإلتزام بأوامر النبي ونواهيه.

إلى هنا، إخوتنا الأفاضل، وصلنا الى ختام حلقة أخرى من برنامج "نهج الحياة" قدمناها لكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، فحتى لقاء آخر وتفسير موجز آخر من آي الذكر الحكيم دمتم بخير وفي أمان الله وحفظه.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة