البث المباشر

تفسير موجز للآيات 1 الى 6 من سورة المجادلة

السبت 24 أغسطس 2024 - 11:48 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 1002

 

بسم الله الرحمن الرحيم.. الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.. إخوتنا وأخواتنا الأفاضل سلام من الله عليكم ورحمة من لدنه تعالى وبركات.. تحية طيبة لكم أينما كنتم وأنتم تتابعون حلقة أخرى من برنامجكم القرآني "نهج الحياة" عبر إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران حيث سنشرع فيها تفسير سورة المجادلة المباركة إبتداءً بالإستماع الى الآيتين الأولى والثانية منها فكونوا معنا مشكورين..

قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ{1} الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُم مِّن نِّسَائِهِم مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَراً مِّنَ الْقَوْلِ وَزُوراً وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ{2}

أيها الأفاضل.. الظهار من العادات الجاهلية التي كانت متعارفة في العلاقة الزوجية، وهو شكل من أشكال الطلاق حيث لا يحق للزوج الرجوع بعده الى زوجته، وقد حصل مثل الأمر هذا في عهد رسول الله (ص) فظاهر رجل زوجته، فأتت الى النبي (ص) تشتكي ما آل إليه حالها في علاقتها بزوجها، وما إن نزلت هذه السورة وجعلت حلاً فيه تخيير الزوج بين الوفاء بقسمه وطلاق المرأة أو الكفارة والرجوع إليها. و أما "الزور" هو القول الباطل المخالف للحق.. وتشير الآية الثانية أن من لطف الله عزوجل على العباد أن كثيراً من أحكامه لا تتغير، ففي هذه الآية أعلن الله العفو عن الذين كانوا يظاهرون زوجاتهم قبل هذا التشريع الجديد بقوله تعالى (إن الله لعفو غفور).

ومما تعلمه إيانا هاتان الآيتان المباركتان أولاً: على الإنسان أن يلتفت إلى كل كلمة تصدر منه فالله يسمع ما يصدر عنا.

ثانياً: من شروط قيادة المجتمع وعناصر الصلاحية لتولي هذه المهمة، أن يكون القائد مستعداً للإستماع إلى شكاوى الناس وحاجاتهم.

ثالثاً: للأنبياء مهام عدة منها قطع دابر الخرافات والعادات والسنن الخائطة التي تكون رائجة في المجتمعات التي يبعث فيها الأنبياء.

رابعاً: كانت المرأة مظلومة في الجاهلية، فأتى الإسلام لرفع هذا الظلم والحيف عنها، والظهار من الظلم الذي كان يمارس في حق النساء في الجاهلية فأتى الإسلام وجرّم الظهار وحرّمه وجعل الله على من يفعله عقوبة دنيوية ثقيلة.

وخامساً: مواجهة الباطل مطلوبة، ولكن لابد من أن تتم بطريقة منطقية وبمساندة الدليل والبرهان.

أما الآن، إخوتنا الأكارم، ندعوكم للإستماع الى تلاوة الآيتين الثالثة والرابعة من سورة المجادلة..

وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ{3} فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ{4}

أيها الكرام، فتح الله أبواباً عدة لتحرير العبيد، منها: العتق بالكفارة، في موارد مثل: قتل الخطأ والقسم في غير محله والظهار. ووردت كلمة "حدود" أكثر من عشر مرات في القرآن الكريم، وأكثر هذه الموارد مرتبطة بالأسرة وحقوقها.

ومما نستقيه من هاتين الآيتين الشريفتين أولاً: ظلم الزوج زوجتَه لا يمر من دون أثر وغرامة.

ثانياً: يستغل الإسلام كل فرصة متاحة لتحرير العبيد وعتقهم.

ثالثاً: المشرع الحكيم يبين للمكلفين فلسفة التشريعات والحكم المبتغاة منها، ليقبلوا عليها بطيب نفس.

ورابعاً: ترك العمل بأحكام الله وعدم الإعتناء بها كفر وإلحاد.

أيها الأحبة، في هذه اللحظات نشنف آذاننا بالإستماع الى تلاوة الآيتين الخامسة والسادسة من سورة المجادلة المباركة..

إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَقَدْ أَنزَلْنَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ{5} يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ{6}

"المحادة" ،عزيزي المستمع، هي إقامة الموانع والمعارضة لحدود الله، وتارة تكون بالحديد والسيف، وأخرى تكون بالعناد والتآمر وغيرها من الوسائل المشابهة. وأما "كبتوا" فهي من الكبت وهو القهر والغلبة.

وتشير الآية السادسة إلى بعث الناس جميعاً للحساب يوم القيامة، ولها في القرآن أمثلة عدة منها قوله تعالى في الآية السابعة والأربعين من سورة الكهف حيث يقول عز من قائل "وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا".

أما كلمة "شهيد" في القرآن الكريم، ترد تارة بمعنى مشهود، وتارة بمعنى شاهد، وفي الآية السادسة وردت بمعنى الثاني أي (شاهد).

ومما نتعلمه من هاتين الآيتين المباركتين أولاً: الإصرار على عادات الجاهلية، وتجاهل حدود الشريعة الإلهية بمثابة إعلان الحرب على الله ورسوله.

ثانياً: القهر الإلهي والعقوبة الربانية تأتي دائماً بعد إتمام الحجة.

ثالثاً: المعاد هو ساحة تجلي القدرة والعلم الإلهيين، فقوله تعالى (يبعثهم الله جميعاً) دليل على القدرة، وقوله تعالى (فينبئهم) دليل على العلم.

ورابعاً: على الإنسان أن لا يستصغر ذنوبه ومعاصيه، فالحساب بين الله تعالى دقيق يحصي كل صغيرة وكبيرة.

إخوة الإيمان، بهذا قد وصلنا وإياكم الى نهاية حلقة أخرى من برنامج نهج الحياة، فحتى لقاء آخر وتفسير موجز آخر من آي الذكر الحكيم دمتم بخير وفي أمان الله.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة