الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين.
ومن الصادقين المحبين لآل الرسول صلى الله عليه وآله هو المرحوم الشهيد شقيق البلخي، من شهداء الاسلام وتلميذ الامام موسى بن جعفر سلام الله عليه ومريده ومحبه وهو طبعاً من المحدثين وكما في جامع الانوار بأنه من رواة اهل البيت وله عدة تلاميذ، تلاميذه ايضاً من العلماء الكبار، دارت حوله شبهه او شبه بأنه غير شيعي وال ذلك الى التزامه بالرخصة الشرعية وهي التقية لفترة من الزمن لضمان حياته فراح بعضهم اشتباهاً يتصور بأنه غير شيعي، بداية امره هذا الرجل المجاهد هو من اهل مدينة هرات بلخ ومن عائلة ثرية متمولة وتحول الى زاهد في الدنيا بسبب كلمة سمعها من رجل في احدى سفراته التجارية تقول المصادر بأنه التقى رجلاً في بلاد الاستانة مستهراً كان ذلك الرجل فأخذ ينصحه بخوف الله وان الانسان مراقب من قبل الله وان الله هو الخالق هو الرازق، ذلك الرجل المستهتر قال اذا كنت انت تعتقد ذلك لم تسافر من بلادك الى هنا طمعاً بالارباح، اذن الله يرزقك في بلدك بدون هذا الجهد وهو متكفل بك، يقال ان شقيق البلخي تأثر بهذه الكلمة وقرر على ان لا يغادر بلده بعد ذلك وزهد في الدنيا مقتنعاً بقليلها، الله يجعلنا من القنوعين، والقناعة كنز لا يفنى، هناك رواية اخرى تقول بأنه سأل الامام الصادق يوماً كيف تدير امرك يا بن رسول الله فقال له الامام: ان اعطاني الله شكرت وان لم يعطني صبرت. فتأثر شقيق بهذه الكلمة واصبح زاهداً حتى روي ان هارون الرشيد الطاغية كان يطلب منه النصيحة والموعظة لما يراه يقول له عظني، انصحني، هذا الشهيد شقيق البلخي المرحوم يقول المؤرخون بأنه كان له موقف مع الامام موسى بن جعفر والقضية اجملها لان لا مجال لذكرها بكل الجزئيات، هذا ذهب الى الحج من المدينة الى مكة ضمن قافلة ولم يكن يعرف شخص الامام الكاظم وفي تلك الايام انتشرت ظاهرة التصوف والصوفية وادعائات التقدس وما الى ذلك يقول شقيق البلخي نزلنا في منطقة تعرف بالقادسية وانا انظر الى الناس حجيج وضجة فوقع بصري على فتى جميل الوجه شديد السمرة ثيابه من صوف ولباسه عادي جداً منعزل عن الناس مشغول بالعبادة، يقول شقيق البلخي فوسوست الى نفسي - اعذ بالله من وساوس النفس- وسوست الي نفسي بأن هذا من علماء الصوفية وهذا يريد ان يكون كلاً على الناس، قلت والله لا مضي اليه واستفزه وانظر في امره لكن يقول شقيق دنوت منه ما ان اقتربت واذا اسمع هذا الرجل يقرأ هذه الاية «بسم الله الرحمن الرحيم / يا ايها الذين امنوا اجتنبوا كثيراً من الظن ان بعض الظن اثم».
يقول شقيق انا انبهرت وبهتت، قبل ان اصل اليه كيف عرف هذا ما في نفسي وقرأ هذه الاية ثم اعرض عني ورفع سجادته وضاع بين الناس ولا اعرف من هو يقول شقيق البلخي واصلنا المسير نزلنا واقصة هناك كان ايضاً زحمام والحجيج منتشرين بينما انا اتجول لا حظته من بعيد وهو في نفس الحالة مشغول بالعبادة فندمت علي تصوري تمردت على نفسي وقلت اذهب اليه لاعتذر اليه لانه انا استغبته في نفسي ونسبت له شيئاً هو بريء منه، يقول شقيق جلست انتظر متى يفرغ من صلاته حتى اسلم عليه واذا ما اتم صلاته صاح بصوت عال يا شقيق! تعجبت اكثر، من اين يعرف اسمي، صاح عالي يا شقيق اتلو معي هذه الاية، «بسم الله الرحمن الرحيم / واني لغفار لمن تاب وامن وعمل صالحاً».
يقول شقيق تعجبت وازدادت دهشتي، تركني ومضى وفقدت اثره بين تلك الجموع وانا متأسف لماذا لم اعرف هذا الرجل؟
لماذا لم اسأل عنه؟ من هو؟ كيف يستشهد بالايات ويعرف ما في داخلي؟ الى ان يقول شقيق وصلنا الى منطقة اخرى واذا بين الجموع عثرت عليه من بعيد واقفاً علي بئر يريد ان يتوضأ فقلت سبحان الله ان هذا الرجل الذي اطلع على سري مرتين واذا من بعيد اراه على البئر يريد ان يحمل الركوة سقطت الركوة من يده فرمق السماء بطرفه وهو يقول انت ربي اذا ظمأت الى الماء وقوتي اذا اردت الطعام يقول شقيق وانا اقسم بالله واذا ارى بعيني كأن الماء ارتفع فكان يشرب منه ويتوضأ وانا مدهوش مذهول من هذا الرجل فتركته يصلي الى ان جلس تقدمت اليه سلمت، فرد علي السلام قلت له يا مولاي اطعمني من فضل ما انعم الله عليك واذا به مرة ثانية يذكر اسمي يقول شقيق يا شقيق لم تزل نعم الله علينا ظاهرة وباطنة فأحسن ظنك بربك فأطعمني وسقاني وبقيت بخدمته استمع الى احاديثه الجميلة واستفيد لكن لم اجرأ ان اسألة عن اسمه هذا الرجل بهذه العظمة لا حاشية ولا حراس ولا رفيق فسألت بعض الناس من هذا الفتى؟ هذا من؟ قالوا هذا الامام موسى بن جعفر، زال عجبي لان هذه الكرامات قطعاً لا تكون الا لهؤلاء اهل البيت لهذا احد الادباء يقول:
سل شقيق البلخي عنه بما
شاهد منه وما الذي كان ابصر
قال لما حججت عاينت شخصاً
ناحل الجسم شاحب اللون احمر
يضع الرمل في الاناء ويشربه
فناديته وعقلي محير
اسقني شربة فلما سقاني
منه عاينته سويقاً وسكر
فسألت الحجيج من يك هذا
قيل هذا الامام موسى بن جعفر
هذه القضية فجرت عند شقيق البلخي توجهاً جديداً لفهم الامام والامامة وموقع الامام وموقع الامامة وكأن شقيق هذا حصر حياته واوقفها لصحبة الامام الكاظم والاستفادة من هذا المنهل الغني للعلوم والمعرفة وهو الامام موسى بن جعفر سلام الله عليه فكان بخدمة الامام وكان دائماً يدافع عن اهل البيت وينشر احاديث اهل البيت وهذا هو نوع من انواع الجهاد ونوع من انواع الخدمات، تقول الروايات بأن هذا الرجل اهتدى لان هذا لم ينقل عن فلان وفلان وانما ينقل عن قناعة وعن مشاهدة بنفسه فكان يستغل المحافل والمجالس ويحدث الناس عن اهل البيت، عن فضائل اهل البيت وبنفسه هو شاهد هذه الحالة وهذه الملكة هي من خصوصيات اهل البيت ان الله سبحانه وتعالى اودعهم بسبب موقعهم وطاعتهم وطهارتهم اودعهم هذه القوة، التفرس، معرفة ما في نفس الطرف وقلت ان هذا كان خطيباً ومحدثاً وكان يهدي الناس الى الصواب واحياناً كان يضطر ان يدخل الى بعض المجالات يتزي بزي يوحي انه غير شيعي حتى صار سبباً ان يشكك، البعض فيه، بسبب التزامه بهذا الخط وبالدفاع عن اهل البيت تعرض عدة مرات الى حوادث اغتيال الى ان مرة من المرات حدثت مواجهة قوية بينه وبين اعداء اهل البيت في منطقة كولان فأغتيل رحمة الله عليه ليلقى الله شهيداً مظلوماً ودفن بهرات في مدينة هرات بأفغانستان وكان مصرعه واستشهاده عام 194 هجرية تغمده الله بواسع رحمته وكان قبره مشهوداً ولكن اتوا النواصب اعداء الاسلام، اعداء اهل البيت خربوا قبره وضيعوا اثاره كما يفعل اسلافهم واتباعهم بهذا الفعل. أسأل الله له الرحمة والرضوان والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******