وحتى وإن تخلفت قطر قليلا في دخول سوق الطاقات المتجددة مقارنة بجارتيها الإمارات والسعودية، إلا أنها دشنت انطلاقاتها العام الماضي بافتتاح إحدى أكبر محطات إنتاج الطاقة الشمسية في منطقة الخليج الفارسي، وأطلقت أكبر مشروع في العالم لإنتاج الأمونيا الزرقاء، ناهيك عن اعتزامها استثمار مئات ملايين الدولارات في مصر وبريطانيا لإنتاج الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء.
وتم افتتاح أول محطة للطاقة الشمسية في البلاد في 18 أكتوبر/تشرين الثاني الماضي، قبل نحو شهر من افتتاح مونديال 2022.
وصنفت محطة “الخرسعة” للطاقة الشمسية كثالث أكبر مشروع كهروضوئي أحادي في العالم. وتبلغ قدرة إنتاجها 800 ميغاواط أو ما يعادل 10 في المئة من ذروة استهلاك البلاد من الطاقة الكهربائية، ما يعادل استهلاك 55 ألف منزل، وفق بيانات رسمية.
وبإمكان هذه المحطة تخفيض نحو 26 مليون طن من الانبعاثات الكربونية الضارة طوال فترة المشروع، بمعدل مليون طن سنوياً.
وتقع المحطة العملاقة على بعد 80 كلم غرب العاصمة الدوحة، تضم 1.8 مليون من الألواح الشمسية موزعة على مساحة 10 كلم مربع أو ما يعادل مساحة 1400 ملعب لكرة القدم.
وتوظف المحطة تقنيات متطورة في توليد الطاقة الشمسية إذ تعتمد تقنية متابعة حركة الشمس من الشرق إلى الغرب، وتستخدم روبوتات في تنظيف الألواح ليلاً باستعمال المياه المعالجة لتعزيز كفاءتها.
وكلف المشروع نحو 476 مليون دولار، أي أقل من نصف مليار دولار، بشراكة بين شركة “قطر للطاقة للحلول المتجددة” (60 في المئة)، وشركة “ماروبيني” اليابانية (20.4 في المئة)، ومجموعة “توتال إنِرجيز” الفرنسية (19.6 في المئة).
ولا تنوي قطر التوقف عند هذا الحد إذ أعلنت أواخر أغسطس/آب 2022 عن طموحها لإنتاج أكثر من 5 آلاف ميغاواط من الطاقة الشمسية بحلول عام 2035، من خلال توسيع محطة “الخرسعة” وإنشاء محطتين ضخمتين للطاقة الشمسية. ففي 16 أكتوبر الماضي وقبيل افتتاح محطة “الخرسعة”، وقعت شركة “قطر للطاقة للحلول المتجددة” مع شركة “سامسونغ سي آند تي” الكورية الجنوبية اتفاقاً لتنفيذ مشروع محطتين للطاقة الشمسية بتكلفة استثمارية تفوق 630 مليون دولار.
ويبلغ إجمالي إنتاج المحطتين 875 ميغاواط، حيث تنتج الأولى في مدينة مسيعيد الصناعية 417 ميغاواط، والثانية في مدينة رأس لفان الصناعية بقدرة 458 ميغاواط.
ومن المرتقب أن تدخل المحطتان الخدمة بحلول 2024، ما سيضاعف إنتاج البلاد من الطاقة الشمسية من 800 ميغاواط حالياً إلى 1675 ميغاواط.
وفي سياق متصل، تستعد قطر لدخول مرحلة إنتاج بعض مكونات الألواح الشمسية، حيث ستقوم شركة “قطر لتقنيات الطاقة الشمسية” بإنتاج مادة “البولي سيليكون” التي تدخل في إنتاج الرقاقات التي منها تنتج الخلايا الشمسية.
فمع ارتفاع الطلب العالمي على إنتاج الألواح الشمسية، ترغب قطر في أن تكون واحدة من الدول المصدرة للبولي سيليكون.
من جهة ثانية تستعد فطر لتولي الصدارة في إنتاج الأمونيا الزرقاء بفضل إنتاجها الضخم من الغاز، حيث تحتل المرتبة الثانية عالميا في إنتاج الغاز المُسال.
والأمونيا الزرقاء تنتج من تفاعل كيميائي للنيتروجين (المتوفر بكثافة في الهواء) مع الهيدروجين (المتوفر في الماء) عبر تحليل كهربائي باستخدام الغاز، وينتج عن ذلك الأمونيا الزرقاء.
وتستخدم الأمونيا الزرقاء كوقود نظيف يمكن استغلاله في تشغيل محطات توليد الكهرباء، ناهيك عن دوره المعروف كسماد.
وتُقدَّم الأمونيا الزرقاء كبديل للهيدروجين نظراً لأنها أسهل في التخزين والنقل، وينظر لها كمرحلة انتقالية نحو استخدام الأمونيا الخضراء الأكثر نظافة التي تستعمل الطاقات المتجددة في إنتاجهت بدل الغاز.
وفي هذا الصدد، أعلنت قطر في 31 أغسطس/آب الماضي اعتزامها بناء أكبر مصنع في العالم لإنتاج الأمونيا الزرقاء باستثمار قدره 1.2 مليار دولار، على أن يبدأ تشغيل المصنع في الربع الأول من عام 2026.
وسيعمل مصنع الأمونيا الزرقاء (أمونيا-7) على التقاط نحو 1.5 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون سنوياً وعزله من عملية صنع الأمونيا.
ولا تبدي قطر كبير اهتمام بإنتاج الهيدروجين بنوعيه الأزرق والأخضر على أراضيها، خاصة وأن الأمونيا الزرقاء لديها خصائص أفضل منه، خاصة في عملية التخزين والتصدير.
ومع ذلك وقعت شركتا “قطر للطاقة” و”رويال داتش شل” في 19 أكتوبر 2021 اتفاقية للاستثمار المشترك في مشاريع الهيدروجين الأزرق والأخضر في بريطانيا.
كما تحدثت وسائل إعلام عربية في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي عن دراسة قطر لمشروع إنتاج الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس.
وقبل العام الماضي لم تكن قطر معروفة باهتمامها بإنتاج الطاقات النظيفة في ظل توفر الغاز لديها بكميات وفيرة، لكنها تسعى لتدارك الوضع بسرعة واللحاق بجيرانها الخليجيين وأشقائها العرب، بل والتفوق في إنتاج الأمونيا الزرقاء التي مازالت سوقا ناشئة لكنها واعدة.