الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
ومن الصادقين ومن شهداء الصادقين الذين صدقوا خط اهل البيت وحب اهل البيت هو الشاعر والعالم والفيلسوف والكيميائي والذي اشتهر بالطغرائي، ما من شاعر وملم بالادب الا وقد مر عليه اسم هذا الرجل او بعض شعره وخصوصاً قصيدته التي نادراً مالا يحفظها احد الشعراء. المشهور بين العلماء والادباء بالطغرائي، مؤيد الدين الطغرائي ولكن اسمه الحقيقي هو الحسين بن علي الاصفهاني، هو من ذرية الشاعر الاسود الدوئلي اقام في اصفهان فترة نتيجة المطاردة التي كان يطارد بها كل من ينشر فكر اهل البيت فأنتشر هؤلاء واحد بشيراز وواحد بخراسان وقسم بأصفهان بحثاً عن ملاذ. هذا الرجل عالم كبير وفقيه مجد، هو من شهداء طريق اهل البيت واستشهد ظلماً وعدوانا وبعد هو في العقد السادس من عمره ولو لم يمسه هذا الشر لاغنى الكثير من المكتبات وساحات المعرفة بالعلم والثروة، هو من علماء القرن الخامس الهجري وله الكثير من الشعر في مختلف المناسبات، وان اشهر قصيدة لهذا العالم الجليل قصيدته المعروفة بلامية العجم وهذه القصيدة مليئة بالحكمة والادب وقد احسن الينا اساتذتنا القدم وامرونا بأن نحفظ قسطاً من هذه القصيدة والمعاني فيها الكثير من الادب الذي ادبونا به اساتذتنا، القصيدة طويلة منها ومطلعها في الحكمة والادب يلازم كل بيت من هذه القصيدة يقول:
اصالة الرأي صانتني لدى الخطل
وحلية الفضل زانتني لدى العطل
مجدي اخيراً ومجدي اولاً شرع
والشمس رأد الضحى كالشمس في الطفل
فيما الاقامة بالزوراء لا سكني فيها
ولا ناقتي فيها ولا جملي
فلا صديق اليه مشتكى المي
ولا انيس اليه منتهى جذلي
هنا يعكس الغربة ومعاناة الانطواء التي عاشها، ومما ورد في هذه القصيدة يقول:
اعلل النفس بالآمال ارقبها
ما اضيق العيش لولا فسحت الامل
وحسن ظنك بالايام معجزة
تظن شراً وكن منها على وجل
ترجو البقاء بدنيا لاثبات لها
فهل سمعت بظل غير منتقل
ابن خلكان يذكر الطغرائي الاصفهاني ويثني عليه ويقول: كان غزير الفضل، فاق اهل عصره بصنعة النظم واذا نتابع سيرة هذا العالم الجليل وبعض قطع قصائده نلاحظ شد مظلمته وعمق معاناته يعني كم دفع هؤلاء من التضحيات من اجل التمسك بمودة اهل البيت والثبات على خطهم مثلاً نقرأ في شعره:
حب اليهود لآل موسى ظاهر
وولاءهم لبني اخيه بادي
وارى النصارى يكرمون محبة
ياليتهم نحتا من الاعواد
واذا توالى آل احمد مسلم
قتلوه او وصموه بالالحاد
لم يحفظوا حق النبي محمد
في آله والله بالمرصاد
وفي قطعة اخرى من قصائدة يقول ويشير الى التهديدات التي كانت تصل اليه بأغتياله ان لم يتوقف عن نشر علوم اهل البيت او الدفاع عن اهل البيت يقول:
توعدني في حب آل محمد
وحب ابن فضل الله قوم فأكثروا
فقلت لهم لا تكثروا
ودعوا دمي يراق على حب لهم وهو يهدر
فهذا نجا حاضر لمعيشتي
وهو نجاة ارتجي يوم احشر
الذي نشمه من خلال هذه الابيات وغيرها رائحة الآلام والاضطهاد التي مورس ضد هذا العالم الجليل وضد امثاله من العلماء، هذا العالم البطل طبعاً كان عالما بالادب وعالم بالفقه والفلسفة والاصول وله تصانيف كثيرة كما يذكرها صاحب امل الآمل او معجم الادباء وكل المصادر التي ترجمت هذا العالم الجليل كتبت بأن له مؤلفات كثيرة وهو ايضاً ثاني عالم بعد جابر بن حيان تخصص بتدوين علم الكيمياء لكن السؤال هنا اين مؤلفاته؟ فأقول وللاسف وبحزن عميق ان مؤلفات هذا العالم احرقت او غيبت وكان الاعداء يشتروها بأثمان باهضة ويحرقوها من اجل ان لا ينتشر علم اهل البيت وعلم ائمة اهل البيت واي اساءة وخيانة للامة الاسلامية اكبر من هذه الخيانة في مجال الرثاء احد الذين رثوا الحسين(ع) قال وهو يصف موقفاً مؤلماً موقفاً عزيزاً علي وعلى كل موالي لاهل البيت اذكره، حينما اخذ عبيدالله بن زياد العصا وكان يضرب رأس الحسين(ع) يقول:
ومبسم بن رسول الله قد عبثت
بنو زياد بثغر منه منكوت
ان هذا العالم الجليل هدد مراراً وبالتالي قبضوا عليه وعزيز علي ان اذكر الصورة ولكن من اجل ان انقل الامانة التاريخية من اجل ان يعرف محبي اهل البيت كيف وصلت اليهم هذه العقيدة عبر التضحيات وفنون التعذيب الذي مورس بحق محبي اهل البيت، ربطوه بشجرة ورموه بالسهام، واثناء ما كانت السهام تصيب بدنه يقول:
ولقد اقول لمن يسدد سهمه نحوي
واطراف المنية شرع
بالله فتش في فؤادي
هل ترى فيه لغير هوى الاحبة موضع
الروايات تقول ان الجلاد رق لحاله فكف لكن الطغاة القتلة ضربوا ذلك الجلاد واصروا عليه فلاحقوه بالسهام الى ان استشهد بسبب ثباته واصراره على موالاة اهل البيت فقتل ظلماً بأربل عام 514 هـ ولما ارادوا دفنه في المقابر العامة منع النواصب دفنه فدفن في الليل سراً في مقبرة خاصة وبقي مجهولاً مئات السنين ولم نعرف هل اكتشف قبره ام لا ليكون هذا العالم الفذ ضمن قائمة الضحايا التي ضحت بأرواحها الكريمة فداءاً لاهل البيت أسأل الله له الرحمة والرضوان والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******