الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
ومن الصادقين اللامعين الذين جاهدوا بصدق قي اقلامهم والسنتهم هو العالم الشهير والفقيه المتضلع السيد جواد الحسيني العاملي النجفي هو اشهر من نار على علم، هو صاحب الموسوعة الفقهية النفيسة وهي موسوعة مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة، السيد جواد العاملي من مواليد جبل عامل بلبنان عام 1164 هـ ويتصل نسبه الشريف بالحسين ذا الدمعة بن زيد الشهيد بن الامام السجاد(ع) وقد نشأ المرحوم في جبل عامل مقبلاً على العلم والمعرفة من صباه حتى سافر الى النجف الاشرف ثم انتقل الى كربلاء المقدسة وتتلمذ هناك على يد المحقق البهبهاني رحمه الله ثم عاد الى النجف الاشرف وصحب السيد بحر العلوم رضوان الله تعالى عليه وذكر عنه العلماء انه كان عديم النظير في جد تحصيل العلم بحيث لايكاد يشغله شاغل لا في الاعياد وساير المناسبات حتى ايام محاصرة النجف من قبل النواصب طبعاً كان الناس في النجف الاشرف يعيشون جو الموت والابادة وفي ازمة غذائية وازمة امنية وفي ازمة وجود اصلاً فكان في تلك الفترة الحرجة رحمه الله يكتبون عنه اقرانه ومترجموه في تلك الفترة الحساسة كان مكباً على الكتب ولا يترك القلم من يده ابداً وقالوا عن السيد جواد العاملي انه اشتهر بالفراسة بحيث تنبأ بمستقبل مشرق لبعض جهابذة العلم وهم صغار في السن وهم وحصل المستقبل مطابق لما تفرس به السيد العاملي(رض) اما موضوع تأليفه كتابه مفتاح الكرامة، للسيد جواد العاملي مصنفات كثيرة لا يستوعب وقت البرنامج ان اذكرها بالتفاصيل ولكن اغنى المكتبة الاسلامية واغنى الجو الحوزوي بمؤلفات كثيرة في مختلف الفنون في الفقه والاصول واللغة وفي الرجال لكن اشهر مؤلفاته هذه الموسوعة الفقهية الضخمة وهي في الواقع شرح لكتاب قواعد العلامة الحلي ويشتمل على اثنين وثلاثين جزءاً وانا اتكلم عن الطبعة البدائية وقد حاز الكتاب شهرة واسعة واستنسخ عدة نسخ آنذاك وتناقست في زمانه دور النشر والمكتبات على نشره اما كيفية تأليفه فينقل ولده يقول كان والدي لا ينام من الليل الا قليلاً ولا اذكر حتى ولامرة اني استيقظت في الليل ورأيته نائماً بل كان منحنياً يكتب ويمكن القول ان كل حياته انفقها في تكميل وتأليف هذا الكتاب ولذلك نراه يكتب مثلاً على بعض اجزاء هذا الكتاب شعراً مؤلفاً من بيتين تكشفان حجم جهده وعناءه فمثلاً كتب على احد اجزاءه يقول:
اتعبت نفسي بهذا الشرح مجتهداً
ما صدني عنه شيء قل او كثرا
كل النهار وكل الليل في شغل
فلا ابالي اطال الليل ام قصرا
او مثلاً قرأت له بيتين عن احد اجزاء الكتاب هذا والذي يتضمن فقه الوكالة يقول:
هذا كتاب ليس يوجد مثله
في الفقه ما سلف الزمان وما غبر
جمع الادلة كلها طراً كما جمع الفتاوى والوفاق وما اشتهر ولاحظت له بيتين على احد اجزاء هذا الكتاب والبيتان يحكيان عمق زحماته وجهوده فيقول رحمه الله:
كتاب لباغي الفقه اقصى مراده
ويغني به عن جهده واجتهاده
كحلت له جفني بميل سهاده
وخضبت كفي دائماً من مداده
ومن هنا انتقل الى الجانب الادبي من حياة هذا الرقم العظيم وهو السيد جواد العاملي فبالاضافة الى عطاءه الفقهي والعلمي فقد كان مولعاً بروح ادبية عالية ولاحظت انا من خلال التتبع لترجمته في اكثر من كتاب ان اكثر شعره هو في النبي وآل النبي هذه الميزة تدل على تشدده في حب آل البيت وتعلقه بآل البيت ومن المع ما قال في الحسن والحسين(ع) ضمن قصيدة طويلة يقول:
شهيدان مقتولان جهراً وغيلة
وما عرفا نكراً ولا انكرا عرفا
امامان اهل العرش والارض والسما
من الله نرجو فيهم اللطف والعطفا
لقد ضاقت الدنيا بآل محمد
وقام عليها كل طاغية عنفا
وفي ضمن هذا السياق يلوح لنا شعره في الامام موسى بن جعفر(ع) فيقول:
عليكم سلام الله موسى بن جعفر
سلام محب يرتجي احسن الرد
ويرجوك محتاجاً لاعظم حاجة
هي النعمة الكبرى على الحر والعبد
فهذا امام العصر بعد امامه
امام الورى طراً سليلكم المهدي(عج)
وكانت لهذا الراحل العظيم السيد جواد العاملي النجفي مكتبة فاخرة وضخمة ومشهورة واغلب ما فيها من المخطوطات النفيسة الحجرية واما خدماته الاجتماعية والجهادية فقد لعب دوراً كبيراً في اخماد الفتن لانه كان مسموع الكلمة في النجف الاشرف كانت تثور بعض الفتن خصوصاً بين ما يعرف بالشمرت والزكرت وقضايا معروفة فكان له دور اصلاحي كبير في هذا المجال واخيراً توفي هذا الحبر العظيم في النجف الاشرف عام 1226 هـ وهو في اواخر السبعينات من عمره ودفن في الصحن الحيدري الشريف بجوار امير المؤمنين(ع) ورثاه الادباء والعلماء ومن جملة ما قالوا فيه:
ولا غرو اذ لم تزل دائباً
شموس نهارك تجلو الظلام
فكم درجات لكل مقام
وانما مقامك اعلى السنام
أسأل الله له الرحمة والرضوان والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******