الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
من الشعراء الصادقين بمعنى من المعاني واكثر من معنى هو شاعرنا المخضرم والشهير احمد بن الحسن الجعفي الكندي وكنيته بأبي الطيب ويشتهر بالمتنبي، في بغداد شارع مهم في قلب بغداد يسمى بشارع المتنبي كله مكتبات ومطابع، شارع ثقافي مسمى بأسم المتنبي وهناك له تمثال وساحة بأسمه في بغداد المتنبي هو ممن يفتخر بهم نادي الشعر وجمهور الشعراء ولا يمكن لشاعر ان يصبح شاعراً حتى يحفظ شعر المتنبي او يمر به على الاقل، ابو الطيب المتنبي هو من مواليد الكوفة عام 303 هـ ونشأ بصحبة امه المشهورة بتشددها في حب اهل البيت وهي امه همدانية من بني همدان ومن النساء الصالحات بني همدان معروفون بأجماعهم في محبة آل الرسول حتى ان الاديب يقول وهذا البيت مشهور:

لو كنت بواب على باب جنة

لقلت لهمدان ادخلوا بسلام

تشيّع هذه الاسرة اشهر من نار على علم وهذا المتنبي رضع التشيّع مع لبن امه كما يقول الشاعر:

لا عذب الله امي انها

شربت حب الوصي وغذتنيه باللبن

وكان لي والدٌ يهوى ابي حسن

فصرت من ذي وذا اهوى ابا حسن

اشتغل المتنبي منذ صباه بفنون الادب والمعارف وكان من المكثرين في اللغة والمطلعين على غريبها او حواشيها ولا يسأل عن شيء الا واستشهد بكلام العرب من نظم او نثر وخرج شاعراً يغطي الكل ظلاله حتى رجحه البعض على ابي تمام وقد قال الواحدي في شعره:

ما رأى الناس ثاني المتنبي

اي ثان يرى لبكر الزمان

وهو في شعره نبي

ولكن ظهرت معجزاته في المعاني

هذا وبعد ان انهى المتنبي دراسته في الكوفة اتجه الى مصر واقام هناك مرة يحضر دواوينها ويجتمع الى شعراءها ثم ارتحل الى بغداد وجالس فيها اهل الادب وعرف بقوة حافظته وانه قالوا نظر يوماً الى كتاب من ثلاثين ورقة ‌فحفظه بنظرة واحدة، وعلى ابي الطيب المتنبي يوم ارتبط بالامير سيف الدولة بن حمدان امير دولة بني حمدان وللمتنبي عدة دواوين، اننا لما كنا في النجف الاشرف ندرس في الحوزة العلمية كنا في مسجد الهندي حرص احد اساتذتنا بأن اجبر التلاميذ كلهم على ان يحفظ كل منا من شعر المتنبي عشرة ابيات فالمتنبي مخ الشعر ولبه وقد ذكر القاضي نور الله التوستري اعلى الله مقامه في شعراء الشيعة ان المتنبي نسب اليه هذين البيتين في امير المؤمنين:

ابا حسن لو كان حبك مدخلي

جهنم كان الفوز عندي جحيمها

وكيف يخاف النار من هو موقن

بأنك مولاه وانت قسيمها

كما ذكر ايضاً صاحب نسمة السحر بذكر من تشيع وشعر ان ابا الطيب المتنبي كان يتحقق بولاء‌ امير المؤمنين(ع) تحققاً كبيراً ويقول المحدث القمي اعلى الله مقامه في كتابه الكنى والالقاب في الجزء الثالث عن ابي الطيب المتنبي ان له عدة قصائد سماها العلويات ثم يقول المرحوم القمي ويقوي عندي تشيعه انه كوفي والكوفة احد معادن الاسر الشيعية واذكر ايضاً بيتين له في هذا الاطار يوم عتب في احدى النوادي الادبية عتب عن عدم نظمه في الامام علي فأعتذر بهذين البيتين:

وتركت مدحي للوصي تعمداً

اذ كان نوراً مستطيلاً شاملاً

واذا استطال الشيء قام

بنفسه وصفات ضوء الشمس تذهب باطلاً

يريد ان يقول ان الامام امير المؤمنين(ع) رمز الفضل والفضيلة وهو مجسمة الفضائل وهو اشهر من نار على علم وللاسف ومما يحزنني ويؤلمني وهذه ظاهرة تنم عن حقد دفين ان ديوان ابي الطيب المتنبي طبع في مصر ولبنان وفي الاستانة وفي العراق عدة طبعات وللاسف هذين البيتين لا تذكر في ديوانه اما قصائده التي اشار اليها المحدث القمي فلم نجد لها اثراً ويبدو ان ايدي التخريب التي كانت تمول باللعاب الاموي ضاق عليها ان تنسب او تذكر للمتنبي هذه المقاطع من الشعر والمتنبي لما ينظم في علي او في اهل البيت ينظم لما يطلق لبيانه وادبه المجال والعنان الله يعلم كيف ينظم لذلك غيبوها نتيجة احقادهم هذين البيتين في الدواوين القديمة موجودة ولا توجد في الحديثة ولعلها الثمن بسبب ولاءه لامير المؤمنين قتل المتنبي رحمه الله في مواجهة مع خصومه في محلة واسط بالعراق ودفن هناك أسأل الله له الرحمة والرضوان والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

*******