وأبلغ الفريق عن النتائج التي توصلوا إليها في مجلة npj Genomic Medicine. وحدد العلماء من المعهد الوطني لأبحاث الجينوم البشري وبرنامج الأمراض غير المشخصة (UDP) التابع للمعاهد الوطنية للصحة، ثلاثة أطفال يعانون من هذه الحالة، شقيقان وطفل آخر لا صلة قرابه له بهما.
وكان جميع الأطفال الثلاثة يعانون من مشاكل في التنسيق الحركي والكلام، وكان أحد الأطفال يعاني من تشوهات في المخيخ، وهو جزء من الدماغ يشارك في حركة معقدة من بين وظائف أخرى.
وبالإضافة إلى ذلك، كان لدى جميع الأطفال طفرات في كلتا النسختين من جين ATG4D.
ويساعد ATG4D في عملية تنظيف الخلية المسماة بـ"الالتهام الذاتي"، والتي تستخدمها الخلايا لتفكيك وإعادة تدوير البروتينات التالفة والأجزاء المعيبة الأخرى للخلية للبقاء بصحة جيدة. والالتهام الذاتي هو عملية أساسية تستخدمها الخلايا في جميع أنحاء الجسم، ولكن الخلايا العصبية تعتمد بشكل خاص على الالتهام الذاتي للبقاء على قيد الحياة. ومع ذلك، لا يُعرف الكثير عن كيفية مساهمة ATG4D في الخلايا العصبية السليمة.
وجاء أول دليل على تأثيرات ATG4D على صحة الدماغ من دراسة أجريت عام 2015 حدد فيها الباحثون مرضا عصبيا وراثيا بين كلاب Lagotto Romagnolo، وهي سلالة إيطالية معروفة بقدراتها على صيد الكمأة.
وكان لدى الكلاب المصابة سلوك غير طبيعي، وضمور في المخيخ، ومشاكل في التنسيق الحركي وحركة العين وطفرات ATG4D.
وفي حين أن دراسة 2015 هذه عززت الاهتمام البحثي بدور ATG4D في الدماغ، لم يربط العلماء بعد ATG4D بأي مرض عصبي لدى البشر.
وتوقعت التحليلات الحسابية أن طفرات ATG4D للأطفال الثلاثة ستنتج بروتينات غير فعالة. ومع ذلك، فإن ثلاثة جينات أخرى في الجينوم البشري تؤدي أدوارا مشابهة جدا لـ ATG4D، وفي بعض الخلايا، قد تعوض هذه الجينات الأخرى عن فقدان ATG4D.
وفي حين أن جميع خلايا الجسم تشترك في نفس الجينوم، فإن بعض الجينات أكثر أهمية لخلايا معينة. وعندما درس العلماء طفرات ATG4D للأطفال في خلايا الجلد، لم تؤثر المتغيرات على عملية إعادة تدوير الخلايا، لكن هذا قد لا يكون صحيحا في الدماغ.
وقالت ماي كريستين ماليكدان، العالمة في المعهد الوطني لأبحاث الجينوم البشري وكبيرة مؤلفي الدراسة: "الدماغ معقد للغاية، والخلايا العصبية لها وظائف متخصصة للغاية. ولتتناسب مع هذه الوظائف، تستخدم الخلايا العصبية المختلفة جينات مختلفة، لذلك يمكن أن يكون للتغيرات في الجينات الزائدة عن الحاجة تأثيرات كبيرة في الدماغ".
ولمحاكاة الخلايا التي تعتمد بشكل أكبر على ATG4D، حذف العلماء الجينات المماثلة في الخلايا التي نمت في المختبر ثم أدخلوا طفرات ATG4D للأطفال. وحدد الفريق أن الخلايا التي تحتوي على طفرات ATG4D للأطفال لا يمكنها تنفيذ الخطوات اللازمة للالتهام الذاتي، ما يشير إلى أن أعراض الأطفال من المحتمل أن تكون ناتجة عن عدم كفاية إعادة التدوير الخلوي.
وما يزال الكثير عن ATG4D غير معروف. وأشارت ماليكدان: "لدينا فقط نظرة عامة على العديد من العمليات الخلوية المهمة مثل الالتهام الذاتي. يمكن لمرض نادر يتضمن تغييرات في جين واحد أن يساعد في تفكيك كيفية عمل هذا الجين في عملية خلوية مهمة على نطاق واسع".
وتشارك المكونات الأخرى للالتهام الذاتي في الاضطرابات العصبية الشائعة، مثل مرض ألزهايمر. وقد تؤدي معرفة هذا الاضطراب العصبي النادر إلى طرق جديدة للبحث حول تورط ATG4D في حالات أكثر شيوعا.
وقالت ماليكدان: "يمكن أن تساعدنا الأمراض النادرة في فهم المسارات البيولوجية، حتى نتمكن من فهم أفضل لكيفية مساهمة هذه المسارات في الحالات النادرة والشائعة الأخرى".