موضوع البرنامج:
(شمس الشريعة): أبيات للشاعر محمد بن السماعيل الحلي في البشارة بالمهدي
الشيخ علي الكوراني يجيب عن اسئلة بشأن أفضلية المهدي
دراسة للعبر المستفادة من قصة لقاء السيد احمد الرشتي بالمهدي
*******
يا من بهم بطحاء مكة شرفت
والمروتان وزمزم والمشعر
والركن والبيت المعظم والصفا
ومنى وطيبة والنقي ومحسر
يا من اذا ما عد فخر في الورى
لذوي النهى فالفخر فيهم يفخر
كل الرزايا ان تعاظم خطبها
لجليل رزئكم تذل وتصغر
رزء انشب بمهجتي نارالاسى
برداً وسحب مدامعي تتوجر
يا سادتي جرعت من أعدائكم
مهما أفوه فإنني لمقصر
ان فاتني في الطف نصر مهند
فبمذود عنكم اذود وانصر
فمتى ارى شمس الشريعة اشرقت
وضياؤها بشعاب مكة يظهر
وارى المنابر قد زهت اعوادها
ومؤذن الدين الحنيف يكبر
واشاهد الرايات يخفق عدلها
في الخافقين يحف فيها عسكر
والقائم المهدي قائده، وفي
الأحكام ينهى من يشاء ويأمر
ويمكن الصمصام من اعدائه
والوحي يعلن بالنداء ويجهر
طهر الامام اليوم ارض الله من
اعدائه بشبا الحسام تطهر
ويعود دين محمد بمحمد
يبدي التبهرج وهو غض مزهر
*******
السلام عليكم ايها الاخوة والاخوات ورحمة الله وبركاته اهلاً بكم ومرحباً في هذا البرنامج افتتحناها بأبيات للشاعر الولائي محمد بن اسماعيل في ندبة شمس الشريعة مولانا المهدي )عجل الله فرجه) وسنقف عند ترجمة هذا الشاعر في الحلقة المقبلة وذلك لأننا سنخصص الشطر الاكبر من هذه الحلقة لنقل احدى الروايات الموثقة من روايات الفائزين بلقاء الامام (عجل الله فرجه) وهي تحمل جملة من العبر والدروس تنير لنا طريق تهذيب وتصحيح شكل ارتباطنا بامام زماننا (ارواحنا فداه) وهذا ما نسعى إليه من خلال بعض التعليقات التي سنذكرها على الرواية بعد نقلها ان شاء الله.
*******
اما الآن الى ضيف البرنامج الشيخ علي الكوراني للاجابة عن بعض اسئلتكم الكريمة الواردة للبرنامج.
المحاور: سماحة الشيخ علي الكوراني السلام عليكم.
الشيخ علي الكوراني: عليكم السلام ورحمة الله.
المحاور: الاسئلة التي وردت الى البرنامج سؤال من الاخ غالي الياسري يسأل عن صلاة عيسى خلف المهدي عجل الله فرجه يقول هل يمكن ان يستدل بها على ان المهدي الموعود هو افضل من عيسى عليه السلام؟
الشيخ علي الكوراني: بسم الله الرحمن الرحيم، نعم هذا دليل واضح والصلاة وعندما يخبر النبي انه منا الذي يصلي عيسى خلفه هو انسياق الحديث لمقام المهدي عليه السلام هو يصلي خلفه ويقتدي به ويعاونه، النبي عيسى دوره هو آية ليساعد الامام الخاتم على اقامة دولة العدل الالهي فيه هدى ونور وشريعة النبي صلى الله عليه وآله.
المحاور: شكراً سماحة الشيخ، الاخ احمد كامل من النجف الاشرف يسأل عن ازمة الحكم في الحجاز التي تحدث في شهر شوال التالي لشهر رمضان المبارك التي تقع فيه الصيحة يقول هل هي تلي شهر رمضان الذي هو فيه الصيحة وهل على اثرها يبدأ حكم الشهور في الحجاز وكم يستمر؟
الشيخ علي الكوراني: لاعندنا انها تبدأ في شوال في نداء السماء بأسم الامام المهدي عليه السلام وهذا بعد وجود فراغ سياسي وصراع في الحجاز.
المحاور: يعني هل ازمة الحكم تحدث في شهر شوال؟
الشيخ علي الكوراني: لا ما تحدث، تحدث في موسم الحج.
المحاور: وهل هذا يشير الى تقاتل القبائل، بعض الروايات تتحدث عن حرب قبلية في شهر شوال في الحجاز، هل المقصود هذا الامر؟
الشيخ علي الكوراني: هذه روايات من اهل البيت لهم مراسيل من عندهم والمروي عندنا وعندهم انه في موسم الحج يأتي الخبر ويكون الفراغ وحينئذ تكون في الحجاز هذه الازمة وفي شهر رمضان الذي بعد هذا الفراغ يكون النداء السماوي.
المحاور: اذن حكم الشهور في الحجاز ما هو المقصود به؟
الشيخ علي الكوراني: هي من وقت الحج الى ان يستلم الامام عليه السلام الحكم.
المحاور: هذه مدة استمرار حكم الشهور؟
الشيخ علي الكوراني: حكم الشهور يعني كلما اتفقوا على احد ويتفقون على رئيس شهرين او ثلاثة او ايام وكلما نصبوا واحد تخرب قضيته ولما يأتي الامام تنتهي هذه الحالة.
المحاور: سؤاله هو هل تقع بعد الصيحة؟
الشيخ علي الكوراني: قبل الصيحة والصيحة تكون في وسطها.
المحاور: جزاكم الله خيراً، سؤال آخر سماحة الشيخ للاخ احمد كامل عن ظهور الابقع والاصهب بالشام هل هو مقارناً لظهور السفياني ام انهما يحكمان قبله بسنوات؟
الشيخ علي الكوراني: ما عندنا مقارنة، عندنا الابقع يخرج على الاصهب، يعني الاصهب يكون حاكم، اذن انقلاب يكون من الابقع على الاصهب وبفراغهم يستمر الصراع وبصراعهم يأتي السفياني ويكتسحهم، اذن يكون حكم ومحاولة انقلاب على هذا الحكم وبعد فراغ يستمر فترة وبعد ذلك يأتي السفياني ويستثمر السفياني ويحكم.
المحاور: وما ذكروه ان حكمه سيكون في الشام صحيح؟
الشيخ علي الكوراني: الاصهب هو حاكم الشام والابقع هو الذي يثور عليه والسفياني يأتي ويحكم بدلهم.
المحاور: سماحة الشيخ الشام في الروايات هي المنطقة المعروفة حالياً التي تشمل الاردن وفلسطين وسوريا ولبنان؟
الشيخ علي الكوراني: السفياني هو محدد انه يشمل الاردن فيحكم الشام والاردن ومدة كل دورته سنة او اقل.
المحاور: سماحة الشيخ الكوراني هنالك اسئلة اخرى لو سمحتم نوكلها الى لقاء مقبل جزاكم الله كل خير.
*******
نتابع تقديم هذه الحلقة من حلقات برنامج شمس خلف السحاب، ونتناول فيما تبقى من وقتها نموذجاً لقصص الفائزين بلقاء مولانا المهدي (عجل الله فرجه)، يعرفنا بجانب مهم من نهجه (عليه السلام) في هداية عباد الرحمن الى التوحيد الخالص وسبل الله الموصلة الى قربه عزوجل. فكونوا معنا في فقرة:
الفائزون بلقاء الشمس
لعل كثيراً منكم - مستمعينا الافاضل- قد قرأ قصة فوز العبد الصالح السيد احمد الرشتي (رحمه الله) بمولانا بقية الله المهدي (سلام الله عليه)، فقد نقلها الشيخ الزاهد عباس القمي (رحمة الله عليه) في كتاب مفاتيح الجنان بعد نقله للزيارة الجامعة ولكن لهذه الرواية اهمية بالغة ناتجة من قوة سندها ونقل الثقاة الاخيار لها وكذلك من اهمية العبر والدروس التي تشتمل عليها، ولذلك ننقلها لكم هنا ملخصة اولاً ثم نشير الى بعض ما نتعلمه منها بعون الله.
هذه القضية نقلها الشيخ القمي عن استاذه خاتمة المحدثين اية الله النوري في كتابه النجم الثاقب، وقد سمعها الشيخ النوري عن العالم العارف الرباني الشيخ علي الرشتي عن صاحب القضية نفسه السيد احمد الرشتي ثم سمعها بعد سبعة عشر عاماً من السيد احمد نفسه فكان ما رواه مطابقاً لما نقله الشيخ علي (رضوان الله عليهم جميعاً).
وملخص الرواية هو ان هذا السيد الصالح عزم على الحج سنة ۱۲۸۰ للهجرة، وفي الطريق تخلف عن رفاق سفره في ليلة كانت الثلوج تهطل فيها بكثافة، فبقي وحيداً لا يعرف الطريق وانقطعت به الاسباب، فنزل من فرسه وجلس في ناحية وقد هيمن عليه الاضطراب، وقرر البقاء في مكانه الى ان يطلع الفجر، وفجأة تغير المشهد الذي حوله فرأى امامه بستاناً وفلاحاً يحمل مسحاةً يسقط بها الثلج المجتمع على الاشجار، فاقترب الفلاح منه وسأله: من أنت؟!
يقول السيد احمد الرشتي: اجبت الرجل قائلاً: انا ابن سبيل تخلفت عن رفاقي ولا اعرف الطريق. فقال لي: اقم نافلة الليل لكي تجد طريقك، ثم ذهب، فقمت واديت صلاة الليل وبعد الانتهاء منها ومن التهجد عاد الي وقال: الم تذهب بعد؟
اجبت: والله لا اعرف الطريق، فقال لي: اقرأ الزيارة الجامعة، وذهب يقول هذا العبد الصالح: لم اكن في ذلك الوقت احفظ الزيارة الجامعة ولا زلت الى اليوم لا استطيع تلاوتها عن حفظ، لكنني قمت - في ذلك الموقف- وتلوتها كاملة عن حفظ!
يتابع السيد الرشتي نقل الواقعة قائلاً: بعد ان اتممت تلاوة الزيارة الجامعة، عاد الي وقال: الم تذهب، لازلت هنا، فبكيت دون اختيار وقلت: بلى أنا هنا، لا اعرف الطريق، فقال لي: اقرأ زيارة عاشوراء، ولم اكن احفظ هذه الزيارة ولازلت غير حافظ لها، لكنني وجدت نفسي في ذلك الموقف اقرأها عن حفظ بكامل ما فيها من لعن وسلام ودعاء علقمة الذي يليها!
بعد ان اتممت تلاوة هذه الزيارة عاد الي وقال: الم تذهب؟ لازلت هنا، اجبته: لم اذهب، انا باق هنا الى الصباح!
قال: لا بأس عليك، سألحقك بقافلتك، ثم ذهب وعاد راكباً حماراً وقد وضع مسحاته على كتفه وقال: اركب الحمار خلفي، ففعلت واخذت بزمام فرسي فلم يطاوعني الفرس وتسمر في مكانه، فقال لي الرجل اعطني زمام الفرس، ففعلت فاخذه ووضع المسحاة على كتفه وتحرك فإنقاد له الفرس بكل طواعية!!
يقول السيد احمد الرشتي متابعاً نقل هذه القضية: بعد ان تحرك وضع الرجل يده على ركبتي وذلك بعد ان ترك زمام الفرس الذي استمر يتابعنا- وقال لي:
لماذا لا تصلون نافلة الليل؟ نافلة الليل، نافلة الليل، نافلة الليل!
ثم قال: لماذا لا تقرأون زيارة عاشوراء؟ زيارة عاشوراء، زيارة عاشوراء، زيارة عاشوراء!
ثم قال: لماذا لا تقرأون الزيارة الجامعة؟
وقال هذا العبد الصالح في بيان خاتمة ما جرى: لقد تحرك الرجل على شكل دائرة ثم قال لي فجأة: اولئك رفاقك، فرأيتهم عند ضفة نهر يسبغون الوضوء لأداء صلاة الفجر، فنزلت من ظهر الدابة وحاولت ركوب فرسي فلم استطع، فنزل الرجل وغرس مسحاته في الثلج واركبني وادار وجه الفرس صوب رفاقي، وفي تلك اللحظة انتبهت الى ما جرى وساءلت نفسي: من هذا الرجل؟ وكيف كلمني بالفارسية واهل هذه المناطق لا يجيدون غير التركية - وكان طريق السيد الى الحج من مدينة تبريز-، ثم ان اهل هذه المنطقة هم من النصارى ليس فيهم امامي، ثم كيف اوصلني الى رفاقي بهذه السرعة، فالتفت فوراً خلفي اره ولم ارله اثراً في تلك الارض المغطاة بالثلوج...
ايها الاخوة والاخوات، اما الآن فنشير - على نحو الاجمال- الى بعض العبر والدروس المستفادة من هذه الرواية الموثقة:
فنلاحظ اولاً: ان آية الله النوري رحمه الله قد نقل هذه الرواية ضمن روايات الفائزين بلقاء مولانا المهدي الموعود (ارواحنا فداه) في غيبته الكبرى، وهذا يكشف عن اعتقاده ان الرجل الذي انقذ السيد احمد بن هاشم الرشتي هو الامام صاحب الزمان (سلام الله عليه). استناداً الى العلامات التي اشتملت عليها الرواية.
ونلاحظ ثانياً: ان هذا العبد الصالح لم يذكر انه استغاث بمولاه الحجة لانقاذه مما كان فيه، اي ان اغاثة الامام (عليه السلام) له كانت من دون طلب الامر الذي يمثل مصداقاً حياً لاطلاع الحجة المهدي على احوال المؤمنين وشدة رأفته بهم بحيث يبادر الى اغاثتهم حتى اذا لم يطلبوا منه ذلك فكيف بمن يطلبون منه؟
وقد عرفنا في حلقة سابقه وضمن الحديث عن لقب «الغوث» من القابه المباركة (عليه السلام) ان اغاثة المؤمنين والمنقطعين هو من مهام امامته.
ونلاحظ ثالثاً: ان لطف الامام (ارواحنا فداه) بهذا العبد الصالح لم يقتصر على انقاذه وايصاله الى رفاق سفره، بل شمل ما هو اهم من ذلك وهو حثه على ثلاثة من امهات الاعمال العبادية، ومما لاشك فيه ان هذا العبد الصالح لم يترك هذه الاعمال العبادية بعد تلك الواقعة والى نهاية عمره وهذا لطف اضافي تربوي اراد الامام منه - فيما اراد- تنبيه المؤمنين الى اهمية هذه الاعمال بالخصوص مع عتابه المشفق على من يتركها وامره المؤكد بتكرار ذكر كل منها ثلاث مرات بالاهتمام بها والحذر من تضييعها والا فقد كان بأمكانه عليه السلام ان ينقذ السيد دون الحاجة الى امره بان يتوسل بهذه العبادات ويقول له افعل هذه وستجد طريقك، الامر الذي ينبهنا الى ان التوسل الى الله بهذه العبادات يفتح امام المؤمنين ابواب الفوز بالالطاف المهدوية الخاصة.
ونلاحظ رابعاً: ان السيد الرشتي لم يكن يحفظ زيارتي الجامعة الكبيرة وعاشوراء ورغم ذلك فقد تلاهما - على طولهما- عن ظهر قلب، وهذا يكشف عن نوع من التصرف التكويني الخاص اعان به الامام (سلام الله عليه) هذا العبد الصالح وهذا مصداق للأساليب الخفية التي يعين بها امام العصر (ارواحنا فداه) المؤمنين على عبادة ربهم، وهذه الاعانة هي اقوى الشواهد الدالة على ان الرجل المنقذ في هذه الرواية هو الامام الحجه (عليه السلام).
والمهم هو ان هذا الامر ينبهنا الى ضرورة التوجه القلبي للامام بصدق والاستعانة به في عبادة الله - عزوجل-، وهذا هو احد المعاني التي يتضمنها كلام الامام المهدي (عجل الله فرجه) وهو يأمر بتلاوة زيارة آل ياسين حيث قال: «من اراد ان يتوجه بنا الى الله وإلينا فليقل...» ثم ذكر نص الزيارة والدعاء الذي بعدها.
ونلاحظ خامساً: ان الاعمال الثلاثة التي امر بها مولانا المهدي (عجل الله فرجه) السيد احمد الرشتي (رحمه الله) تدور حول محور التوحيد الخالص والولاية الحقة التي لا يتحقق التوحيد الا بها اذا كان الدخول اليها من بوابة البكاء على الحسين (سلام الله عليه)، وهذا درس مهم يمثل خلاصة تربيته عليه السلام للمؤمنين، اجل فقد كان بالامكان ان ينقذه بعد ان يؤدي صلاة الليل وحدها التي يتجلى فيها ابرز مظاهر التوحيد، ولكنه (ارواحنا فداه) لم يفعل وامره بالزيارة الجامعة التي تعد من اجمع النصوص المعرفة بحقيقة الولاية، وكان بالامكان ان ينقذه بعد تلاوته الزيارة الجامعة، لكنه لم يفعل وامره بزيارة عاشوراء التي تعد من اهم الزيارات المعرفة بمظلومية الحسين (عليه السلام) والتي تفتح للمؤمن ابواب الدخول الى رحاب الولاية الحقة والتوحيد الخالص.
وثمة عبر ودروس اخرى لكننا نكتفي بما تقدم مشيرين الى ان كثيراً من قصص الفائزين بلقاء الشمس المهدوية تشتمل على كثير من العبر والدروس التي تزيدنا معرفةً بامام زماننا وباخلاقه رزقنا الله واياكم معرفته والتخلق باخلاقه . اللهم آمين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******