واستطلعت “عربي21″ آراء منظمات حقوقية دولية كـ”هيومن رايتس ووتش” ومنظمة العفو الدولية “أمنستي”، لكنها لم تعلق على مشروع القانون الجديد للاحتلال، بعكس قضايا إنسانية أخرى في المنطقة، وقد كانت تصدر بيانات فورية بشأن أي انتهاك أو سحب لجنسيات مواطنين بدول مختلفة.
وأبدى عدد من أفراد هذه المنظمات برأيه الحقوقي بصفته الشخصية، في حين رفضت جهات دولية الرد على استفسارات "عربي21" بشأن ما يسعى الاحتلال لإقراره لتشريد آلاف الفلسطينيين.
وحاولت "عربي21" الحصول على تعليق رسمي من الولايات المتحدة الأمريكية حول مشروع القانون هذا، إلا أن مكتب المتحدث الإقليمي للخارجية الأمريكية سامويل ويربيرغ، رفض التعليق عليه.
انتهاك صارخ
وشدد الحقوقيون على إدانتهم لقانون الاحتلال، قائلا إنه يكرس نظام الفصل العنصري الإسرائيلي “الأبارتهايد”، ويعارض أسس الديمقراطية والقوانين والمواثيق الدولية التي تحمي حق الانسان بالتمتع بالجنسية وعدم سحبها منه.
من جهتها اعتبرت الباحثة في منظمة العفو الدولية أمنستي في فلسطين، بدور حسن، أن أي قرار أو قانون لسحب جنسية أي إنسان هو انتهاك صارخ للمواثيق والمعاهدات الدولية.
وقالت بدور في تعليقها على مشروع القانون، إن أي قرار يوعز بسحب الجنسية من أي شخص، هو انتهاك صارخ للاتفاقية الدولية لخفض حالات انعدام الجنسية التي صادقت عليها إسرائيل عام 1961، وهي عندما تنفذ هذه القرارات ضد الفلسطينيين تنتهك ما صادقت عليه.
وأكدت الباحثة أنه عندما تقرر إسرائيل سحب اقامات سكان القدس فهي بذلك ترحلهم قسرا وهذا يعد جريمة حرب وانتهاكا لاتفاقية جنيف الرابعة التي تنطبق على مدينة القدس وسكانها كونها تعتبر منطقة محتلة، كذلك فإن سحب الجنسية يعد انتهاكا واضحا للقانون الدولي لحقوق الإنسان.
وذكرت بقضية ترحيل المدافع عن حقوق الإنسان، صلاح الحموري، بموجب قانون إسرائيلي ينص على تشريع تجريد الإقامة من المقدسيين الذين بين قوسين (ينتهكون الولاء لدولة إسرائيل).
ونبهت الباحثة في منظمة أمنستي، إلى أن "الصمت المطبق على ترحيل الحموري وعلى الانتهاكات الإسرائيلية بحق المقدسيين، كان مصادقة وضوءا أخضر لسن قوانين مثل القانون الجديد.
وأكدت أنه لا يجب عزل مشروع القانون هذا عن سياسة إسرائيلية ممنهجة للتعامل مع الفلسطينيين وكأنهم ضيوف في أرضهم ووجودهم دائما خاضع للإزالة والتجريد، وهذا ما رأيناه في محاولات مصادرة حق الفلسطينيين في البقاء في أرضهم بسبب تلقيهم مساعدات من السلطة الفلسطينية، وهي أصلا مساعدات اجتماعية تُقدم لعائلات الأسرى.
ونبهت إلى أنه لا بد من التذكير بأن هذه القوانين تطبق فقط على الفلسطينيين وبالتالي هي تمييزية وهي جزء لا يتجزأ من نظام الفصل العنصري الإسرائيلي المطبق ضد الفلسطينيين في الأراضي المحتلة أو داخل الأخضر، وتنتهك وتسيطر بموجبها على حقوقهم.
وحول الرد الرسمي لمنظمة العفو الدولية أمنستي على مشروع القانون، قالت بدور: لم يصدر إلى الان رد رسمي من المنظمة، ولكن بشكل عام موقفنا من كل ما يتعلق بالحق بالجنسية والإقامة واضح وبرز في نضالنا بقضية الحموري، كذلك اعتبرنا في تقريرنا الصادر قبل عام أن السياسات الإسرائيلية التي تضعضع وتحاول انتزاع حق الفلسطينيين بالجنسية والاقامة هي سياسات تشكل نظام الفصل العنصري الإسرائيلي.
وأضافت: على الرغم من عدم إصدار بيان رسمي إلا أن موقفنا الواضح والبارز في تقريرنا بخصوص الأبارتهايد الإسرائيلي يوضح بأن هذه سياسات غير قانونية بحسب القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الانسان، وفي حال أصبح قانون رسمي سندرس الطريقة التي سنرد عليه بها.
تكريس نظام الفصل العنصري
من جهته اعتبر المركز الدولي للعدالة من أجل الفلسطينيين، في لندن، على لسان مديره طيب علي، أن مشروع القانون وتعليقات نواب حزب الليكود بشكل خاص خلال المناقشة، توضح أنها خطوة إسرائيلية أخرى لتكريس نظام قانوني من مستويين، لا سيما فيما يتعلق بالمواطنة والإقامة.
وأكد علي أن إلغاء الجنسية والإقامة الدائمة، ونقل الأفراد قسراً إلى ولاية قضائية أخرى ليس لهم أي صلة قانونية بها، ينتهك الحقوق الأساسية للإنسان بموجب القانون الدولي.
وأوضح أن الفلسطينيون حاملي الجنسية الإسرائيلية هم 20 في المائة من سكان إسرائيل، والقانون المقترح هو جزء من محاولات إسرائيلية لتكريس نظام الفصل العنصري، ومسعى جديد لتوسيع القيود المفروضة على فلسطيني الداخل من خلال العقاب الجماعي والترحيل القسري.
عقوبات جماعية
وأشار إلى رئيس المنظمة العربية لحقوق الانسان في بريطانيا "محمد جميل"، أن هذا القانون ليس الوحيد فهناك قانون منذ عام 2008 يتيح سحب الجنسية في حالات ما يسميها الاحتلال ارتكاب جرائم ارهاب، وهو يستهدف الفلسطينيين فقط، بمعنى اذا ارتكب يهودي جريمة ضد فلسطيني على خلفية قومية لا يتم طرح قضية سحب جنسيته، لكن الجديد في مشروع القانون إضافة تهمة تلقي أموال من السلطة لهؤلاء المتهمين حتى يندرج تحته من لا يشملهم تعديل 2008.
وقال: إن هذا القانون العنصري يعبر عن اضطراب في التشريع لدى الاحتلال ورغبته بالانتقام من الفلسطينيين الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية ومن يحملون الإقامة الدائمة من سكان القدس.
ولفت إلى أنه يأتي في سياق العقوبات الجماعية، حيث جاء ضمن حزمة قوانين تطال أسر الأسرى وخاصة في مدينة القدس، فقوات الاحتلال تقوم بهدم منازلهم وتشريدهم وطردهم من المدينة في حالات أخرى.
بدوره اعتبر مقرر اللجنة الوطنية للأسرى في الأردن "فادي فرح"، أن اقتراح هذا القانون يأتي في سياق المناكفة والمنافسة بين الأقطاب الصهيونية على من هو الاقوى في ممارسة العنصرية والقمع ضد العرب الفلسطينيين، والقانون عنصري ولا يرقى لأن يسمى قانون اصلاً، لأنه يخالف أصلا الأسس الدستورية والقانونية الصهيونية نفسها والأسس القانونية العامة والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان.
وأكد فادي أنه يجسد الأهداف الحقيقية لسياسة الاحتلال التي تهدف الى وصم النضال الفلسطيني بالإرهاب والعنف، طمعاً منه لتغيير وهندسة الوعي الفلسطيني والدولي حسب رغباته.
حكومة متطرفة
من جهته يرى الناطق الإعلامي لمؤسسة مهجة القدس للشهداء والأسرى والجرحى "تامر الزعانين"، أن مشروع القانون يعبر عن العنجهية الصهيونية ويسعى لترهيب وتخويف المقدسيين وفلسطينيي الداخل، ويدلل على تنامي التطرف لدى الاحتلال.
وقال الزعانين إن الاحتلال يسعى من خلاله للتغطية على فشله في عملية القدس البطولية التي نفذها الشهيد خيري علقم، ويسعى لكبح المقاومة وكي وعي الشباب الثائر في القدس، ولكن كل هذه القرارات لا يمكن أن تثني أبناء شعبنا الفلسطيني عن المقاومة.
وأضاف: نحن أمام عقوبات وإجراءات عقابية كبيرة ستنفذها الحكومة الصهيونية في قادم الأيام للنيل من الشعب الفلسطيني ومقاومته ولوقف الحالة الثورية، حيث يخشى الاحتلال عمليات بطولة جديدة، وكي يردع الشعب الفلسطيني بسن قوانين عنصرية ويفرض العقوبات الجماعية.
ووصف الحكومة الإسرائيلية الحالية بـ”المتطرفة”، وقال إن الوزير إيتمار بن غفير، كان يطالب قبل تسلمه منصبه بتغيير الكثير من القرارات وها هو اليوم ينفذ ما وعد به الشارع الصهيوني الذي زاد تطرفا.
تفريغ القدس من سكانها
من جانبه اعتبر حفيد الزعيم الجنوب أفريقي نيلسون مانديلا "زويليفليل مانديلا"، أن ما يفعله نظام الفصل العنصري في إسرائيل، لا يعد أمرا مفاجئا.
وقال مانديلا: إن الاحتلال الإسرائيلي منذ بدايته ينفذ السياسة الشريرة للإبادة الجماعية والتطهير العرقي، ويجب النظر للقرار الأخير لنظام الفصل العنصري في سياقه الحقيقي للتطهير العرقي وجعل الفلسطينيين أجانب في وطنهم، وهذا لا يختلف عن إنكار حق العودة لملايين اللاجئين.
وأكد أن النضال لتحرير فلسطين من الاحتلال الصهيوني سيستمر، حتى يتمكن الفلسطينيون من أصحاب الديانات السماوية الثلاث من العيش معًا بحرية.
من جهته أكد مدير عام مركز العودة الفلسطيني "طارق حمود"، أن القانون يأتي في إطار سياسة الفصل العضوي بين القدس وأبنائها بهدف تفريغها من الفلسطينيين لاستكمال تهويدها.
مقدمة لقوانين أخرى
واعتبر مسؤول العمليات في المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان "أنس الجرجاوي،"، أن القانون يعكس السياسة الإسرائيلية الثابتة التي تضطهد الفلسطينيين وتسلبهم حقوقهم الأساسية والطبيعية.
وأكد الجرجاوي أن القانون نعم اقترحه يمينيون، إلا أنه لاقى دعمًا من الائتلاف الحاكم والمعارضة، ما يؤكد أن السياسيين والمشرعين الإسرائيليين باختلاف تياراتهم يعملون على تعزيز منظومة الفصل العنصري واضطهاد الفلسطينيين، ومضاعفة معاناتهم الممتدة.
ونبه إلى أن الخطورة تكمن بتهجير الفلسطينيين المشمولين بالقانون من أراضيهم ومدنهم قسريا، سواء في القدس الشرقية أو داخل إسرائيل، ومحاسبتهم بأثر رجعي على المخصصات المالية التي كان يتلقونها من السلطة الفلسطينية خلال مدة سجنهم.
وقال المحامي والحقوقي الأردني "فوزي السمهوري"، إن مشروع القانون الجديد يدخل ضمن القوانين التي تسنها حكومة الاحتلال الاستعماري الإسرائيلي الارهابي، وهو يؤكد تقارير سابقة كتقرير منظمة العفو الدولية الذي قال (بأن إسرائيل هي نظام فصل عنصري ودعا المجتمع الدولي لتفكيكه).
وأوضح السمهوري: بالتالي هو انتهاك صارخ للعديد من بنود الاعلان العالمي لحقوق الانسان والعهد الخاص بالحقوق السياسية والمدنية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وفي حال تحول لقانون رسمي سيؤدي إلى انتهاكات صارخة لحقوق الطفل والمرأة و حقهم بالأمن والأمان والحياة، حيث أن هذا القانون لا يسلب فقط حق المواطنين الطبيعي بالجنسية، وإنما سيؤدي إلى الإضرار بكافة الحقوق الأساسية المكفولة بالمواثيق الدولية.
وقالت الناشطة والحقوقية والمتحدثة باسم تجمع المؤسسات الحقوقية “حرية”، "أميرة شعث"، إن هذا قرار عنصري يدعم مخططات الاحتلال الرامية لتهجير وترحيل المواطنين الفلسطينيين ويمثل جريمة حرب.
وأكدت أن هذه القوانين والتشريعات الغير قانونية تخالف المعايير الدولية واتفاقية جنيف، وهي مخالفة لمسؤولية إسرائيل والتزاماتها القانونية والأخلاقية كدولة احتلال.