الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
ومادمنا في الحديث عن الصادقين ومقام الصادقين نلاحظ ان ضمن هذا المسار يأتي اسم ويلمع اسم لرجل له دوره في جحافل الصادقين المدافعين عن مدرسة اهل البيت وهو المرحوم الشاعر والعالم نجم الملة والدين الشيخ جعفر ابن نما، نجم الدين بن نما الربعي في مدينة الحلة الفيحاء توجد هناك مزارات لعدد كبير من العلماء مشاهير علماء الطائفة والحلة كانت في يوم من الايام تزخر بجمهرة كبيرة من الفقهاء والشعراء كالعلامة الحلي وابوه ابن المطهر والسيد ابن طاووس، ابن نما وهناك ايضاً قبور لبعض اولاد اهل البيت واحفاد اهل البيت، من ايام الطفولة كنا نسمع على المنابر الخطباء‌ يستشهدون ببيتين للمرحوم ابن نما رحمة الله عليه في الامام امير المؤمنين، البيتين اما لنجم الدين ابن نما او لابيه محمد ابن نما لكن البيتان جميلان:

جاد بالقرص والطوى ملئ جنبيه

وعاف الطعام وهو سغوب

يشير ويشيد ابن نما الى الحالة التي مر بها اهل البيت والقرآن اشاد بهذه الحالة في ثمانية‌ عشر آية بتسلسل وهي الآيات التي وردت او نصف سورة هل اتى، ان الابرار يشربون من كأس ويستمر القرآن في هذا المسلسل من الآيات: «ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً واسيراً» القرآن اشاد بهذا العمل لانهم ثلاثة ايام عاشوا على الماء فقط يوم قدموا طعامهم لليتيم ويوم للمسكين ويوم للاسير والقران ما اشاد بكمية ‌العمل ولكن بروحه وكيفيته وظروفه انما نطعمكم لوجه الله، انا نخاف يوماً عبوساً، هذا الذي قيم العمل، ابن نما رحمة الله عليه يشير الى هذا ويشير الى ما حدث لامير المؤمنين من معجزة كبرى ‌وهو ما يعرف برد الشمس وهذه المسألة يؤكدون عليها اصحاب التاريخ وبعض مصادر الجمهور الذي يحب ان يرجع الى تفاصيل هذه المعجزة ومصادرها عليه بمراجعة المصادر وخصوصاً الغدير للمرحوم الاميني اعلى الله مقامه فهو يشير الى الشواهد الشعرية ‌في هذا المجال والى اقوال علماء‌ المذاهب الاسلامية‌ والى المفسرين والى ما هنالك، ‌نحن والبيتين:

جاد بالقرص والطوى ملئ جنبيه

وعاف الطعام وهو سغوب

فأعاد القرص المنير عليه القرص

والمقرض الكرام كسوب

هذا الذي يتعامل مع الله ويتاجر مع الله يربح، يكسب الموقف وهو يشير الى ايثار امير المؤمنين والحسنين والزهراء والى ان يشير الى المكافئات للامام امير المؤمنين وهي معجزة رد الشمس اشير الى هذا المعنى اكثر ان ابن ابي الحديد المعتزلي في احدى علوياته - قصائده تعرف بالعلويات السبع- اشار الى هذا المعنى:

امام هدى بالقرص آثر فأقتضى

له القرص رد القرص ابيض ازهرا

التطور والتقدم والكمال ليس بالاجداد وانما بالتقى، بالتقى الانسان ينمو شرفه وينمو مجده واسمه ورزقه وتنمو آخرته وذريته والخ، هنا اشير الى ان ابن نما كان له باع كبير في الفقه والاصول وكتب كتباً كثيرة ووفيرة لكن ارتباطه بأهل البيت ونزعته المشهورة‌ في الذوبان بهم والتأثر بمصائبهم غلبت على كل حالاته، ابن نما هو صاحب المقتل النفيس المشهور بمثير الاحزان، بعض الخطباء الاوائل حدثونا انهم ذهبوا للقراءة في البحرين في مسقط سابقاً وفي الاربعينيات لاحظوا ان المجالس كلها كانت منتظمة على هذا الاسلوب وهو ان يقرأ شيء من السيرة يسمى‌ بالفخري قبل الخطيب فالخطباء يقولون ان السيرة كانت او الفخري هو كتاب مثير الاحزان لابن نما هذا من اقدم واضبط المقاتل، اذكر في النجف الاشرف طبع هذا الكتاب ربما عشرات المرات او اكثر فقط المطبعة الحيدرية في الخمسينيات طبعته اكثر من عشرين طبعة كما ان له كتاب آخر في اهل البيت وايضاً هو كتاب راقي اسمه الاخذ بالثار في احوال المختار ويدافع فيه عن المختار دفاعاً وجدانياً كما ان له العديد من القصائد في اهل البيت فمثلاً قرأت له مقطوعة جميلة يقول:

ان كنت في آل الرسول مشككاً

فقرأ هداك الله في القرآن

فهو الدليل على علو محلهم

وعظيم فضلهم وعظم الشان

وهم الودائع للرسول محمد

بوصية نزلت من الرحمن

في مجال آخر قرأت له في رثاء الحسين(ع) يقول:

يصلي الاله على المرسل

وينعت في المحكم المنزل

ويغزى الحسين وابناءه

وهم منه بالمنزل الافضل

الم يك هذا اذا ما نظرت

اليه من المعجب المعضل

وايضاً لا حظت له قصيدة مشجية‌ في رثاء الحسين(ع) قال فيها:

وقفت على دار النبي محمد

فألفيتها قد اقفرت عرصاتها

وامست خلاءً من تلاوة قارئ

وعطل فيها صومها وصلاتها

فأخلت من السادات من آل هاشم

ولم يجتمع بعد الحسين شتاتها

فعيني لقتل السبط عبرى

ولوعتي على فقدهم لاتنقضي زفراتها

الكثير من تراث ابن نما موجود في كتب التراجم والوقت لا يسمح ومن يريد المزيد من الحديث او الاطلاع على حياة هذا العالم الجليل او على تراثه يمكنه مراجعة المصادر العامة مثل روضات الجنات مثل اعيان الشيعة مثل الكنى والالقاب او المعاجم الاخرى التي تتحدث عن رجالات الطائفة ورجالات الامامية، ابن نما ساهم مساهمة فعالة وكبيرة في بناء الحوزة العلمية آنذاك في الحلة الفيحاء، تقول المصادر انه كان درسه يضم اكثر من ستمئة طالب آنذاك وفيهم ما لا يقل عن مئة وعشرين من اصحاب الفضل او ممن هم على مستوى الاجتهاد وهذا اعظم تراث قدمه للطائفة هذا المجموع من التلاميذ، لا يفوتني ان انوه الى ان هذا العالم الجليل تعرض الى مضايقات وآنذاك الوالي كان يتحجج ويتذرع بحجج واهية وكان يعمد على مضايقة علماء الامامية ‌وتطويقهم ومراقبتهم ولم يكن ايصال الامداد اليهم بالامر السهل لكن كان مجموعة من المؤمنين يتطوعون بمظاهر مصطنعة ويتبنون عناوين حركية ‌ومؤقتة من اجل ايصال المؤن او المساعدات لهذا العالم وذاك والى الآونة ‌الاخيرة‌ لاحظت ان مزار المرحوم ابن نما عامر بالزائرين وتقام في موقع قبره صلاة جماعة كبيرة وكانت مكتبة ولم اعرف المكتبة موجودة الى الآن اولا أسأل الله ان يجعلنا ممن يعرف قدر هؤلاء وقدر خدماتهم ومآثرهم والسلام عليكم ورحمة‌ الله وبركاته.

*******