الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
من رموز الصادقين الاوائل والذين اصطحبوا امير المؤمنين(ع) واستناروا بعلمه واستفادوا من فيوضاته هو المرحوم المجاهد كميل بن زياد النخعي وهي اسرة ضمت بين رجالها عدداً من اصحاب الامام امير المؤمنين الاوفياء مثل مالك الاشتر مثل علقمة‌ مثل الحارث وهكذا كميل بن زياد وهو من خيرة اصحاب امير المؤمنين ومن خواص اسراره وكقرينة واضحة على ذلك ان الامام امير المؤمنين علم الدعاء المعروف بدعاء كميل وهو من اجل الادعية واعظمها في تراث اهل البيت، العلامة ‌المجلسي رحمه الله يقول عن دعاء ‌كميل انه افضل الادعية وفي الروايات ان الخضر النبي جرجيس كان يدعو بهذا الدعاء وعلمه الامام كميلاً وامره الامام ان يدعو به ليلة النصف من شعبان ويقرأ هذا الدعاء‌ ليلة‌ الجمعات. في النجف الاشرف ايام كنا هناك احد المراجع الكبار رحمه الله كان يتحدث عن عظمة ‌هذا الدعاء وكان يؤكد ان احلى جملة ‌في هذا الدعاء هي هذه الجملة «يا سريع الرضا اغفر لمن لا يملك الا الدعاء» فنحن ايام الطفولة‌ كنا في النجف الاشرف كانوا غالباً الآدباء اول ما يعملون على تحفيظ اطفالهم يعلمونهم اشياء وكانت تفتح لهم نوافذ الذكاء‌ والفطنة والمستقبل الجيد كانوا يحفظون الاطفال زيارة الجامعة، دعاء كميل ودعاء الصباح من اروع الادعية، «اللهم يا من دلع لسان الصباح بنطق تبلجه وسرح قطع الليل المظلم بغياهب تلجلجه واتقن صنع الفلك» دعاء‌ كله فلسفة وعلم وعرفان وتربية وصياغة للانسان. وهذه من اقدم الزيارات زار بها الامام زين العابدين جده امير المؤمنين «السلام عليك يا امين الله في ارضه وحجته على عباده... الخ» كميل بن زياد رحمه الله كان مستودع لاسرار امير المؤمنين لبعضها ويحظى بنظرة خاصة من امير المؤمنين وكان الامام يخاطبه دائماً يقول يا كميل الناس ثلاث عالم رباني ومتعلم على سبيل العلم وهمج رعاء اتباع كل ناعق، يا كميل العلم خير من المال لان المال ينقص بالنفقة والعلم يزكو بالنفقة يا كميل العلم خير من المال لان العلم يحرسك والمال انت تحرسه... عشرة موارد الامام امير المؤمنين يذكر ميزة العلم على المال ويذكر دليل آخر، كميل بن زياد في طليعة المجاهدين وقاسى المحن من طواغيت عصره، اهم ما تحمل وعاناه هو حينما اراد الحجاج القبض عليه، الحجاج بن ابي يوسف الثقفي الذي هو طاغية‌ العصر في زمانه ومجرم سفاح وان كان طاغية العراق صدام انسانا كل هؤلاء ولكن الكلام عن كميل بن زياد فاراد القبض عليه فهرب كميل فلما هرب جاء الحجاج بأبنتيه وزوجته وزج بهم في الحبس، القوم ابناء‌ القوم ايضاً الطاغية في العراق كان اي واحد يفلت من يديه يأتي بزوجته واطفاله ويعتدي على الحرائم وهذا رأيناه بأم اعيننا والله ما جرى لا يستطيع او نمتلك تعبيراً لما جرى في اقبية سجون العراق فكميل هو احد ضحايا هذا الخط الاستبدادي الدكتاتوري ولما علم ان الحجاج زج بأبنتيه في الحبس اضطر ان يسلم نفسه لسلطات هذا الجائر المستبد وانقذ حياة ابنتيه وبقي مدة في التعذيب والسجون، قاسى ما قاسى وفي السنوات الاخيرة من حياته كان لم يجد ملجأ وعاش متخفياً الى ان توفي رضوان الله تعالى عليه عام 83 هـ ودفن في مكان سري لان آنذاك بني امية كانوا يطاردون قبور اهل البيت واصحابهم، دفن في مقبرة سرية بين الكوفة والنجف مسافة كيلومترات وبعد ذلك كشف مكان القبر وبني عليه بناء عال والآن له مزار كبير وله قبة شاهقة عالية وفي صحنه هناك حجر دفن فيها العديد من الوجهاء من الاعيان ومن العلماء وفي طليعة من دفن بجوار كميل بن زياد خطيب الاسلام الخالد استاذ المنبر رحمة الله عليه الشيخ احمد الوائلي رضوان الله عليه وصار مجاوراً لامير المؤمنين ومجاوراً لصاحبه كميل بن زياد وزرته اخيراً فوجدت جحافل المؤمنين تزور هذا العبد الصالح وهذا المجاهد الذي اصبح يشكل رمزاً من رموز الصادقين في تاريخ الاسلام وفي تاريخ محبي اهل البيت وفي تاريخ المجاهدين، الحديث عن كميل بن زياد طويل وكان بودي ان اذكر بعض الفصول التي كان يستلهم فيها علوم امير المؤمنين(ع) ولمن يريد المزيد من التفاصيل لحياة هذا البطل الشجاع الذي ما انفك حتى في الحبس كان ينشر فضائل اهل البيت واضطر بعد ذلك الحجاج الى ان ينقله من سجن الى سجن الى ان توسط جماعة من كبار قومه فخلى سبيله ولكن بقي مطارداً ولم يكن له ذنب الا دفاعه عن امير المؤمنين(ع) وهذا كان اخطر جناية في قاموس الامويين وفي قاموس اعداء الحق واعداء الاسلام فسلام على كميل بن زياد يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حياً والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

*******