الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
ومن المع الصادقين ومن اسبقهم جهاداً وتضحية هو مسلم بن عقيل ابن عم الحسين(ع) وسفيره وموضع ثقته كما في النص الحسيني في رسائله لاهل الكوفة.
مسلم بن عقيل نسبه معروف، فضله ونبله مشهور وابوه هو عقيل بن ابي طالب اخو الامام امير المؤمنين النسابة الشهير والعلامة الكبير، كان انسب قريش واعلمهم بأيام العرب ولهذا نرى الامام امير المؤمنين(ع) استشاره في زواجه من ام البنين حيث قال لي اختر لي امرأة... الخ.
اتفق الرواة على ان امه ام ولد وتسمى عليّه، كان مسلم بن عقيل(ع) من حيث النشأة مدني ومن حيث التربية هو حجازي، كانت ولادته في دارهم المعروفة بدار عقيل والتي صارت اخيراً تعرف بمقبرة ابي طالب - مقبرة ابي طالب غابت بسبب لو تحت غطاء التوسيع او تحسين البلد، راحت هذه الاثار مع الاسف-.
مسلم بن عقيل ترعرعفي احضان الامامة وتربى وتثقف بميراث النبوة واستضاء بنور تلك المشكاة الزاهرة واستمد معارفه من نور تلك البحور الزاخرة والعلوم القدسية السماوية، ما اجود ما قال الاديب:
مدينة العلم على انواعها
محمد والال هم ابوابها
جل جلال الله قد اودعهم
علومه فأتفقت اسبابها
وفيهم برهانه ونوره وسره
الذي حوى كتابها
ويقول:
ومسلم علومه من عندهم
لانها قد نجحت طلابها
من القنوات التي تدلنا على عظمة مسلم بن عقيل وعمق شخصيته خطاب الامام الصادق(ع) له في الزيارة، افتتح الزيارة بهذا العنوان: السلام عليك ايها العبد الصالح، ويرد ايضاً هذا المعنى في الزيارة والامام الصادق يشهد به واشهد انك قتلت مظلوماً، اذن مسلم بن عقيل(ع) نعرف موقعه من خلال زوايا مثلاً هذا التعبير في الزيارة او تعبير الحسين(ع) في رسالته الى اهل الكوفة: ارسلت اليكم ثقتي والمفضل عندي، اني قد بعثت اليكم رسولي وثقتي وابن عمي والمفضل عندي من اهل بيتي مسلم بن عقيل، المفضل عند الحسين ومن اهل بيته في هذا الاطار وفي هذه المهمة وتحمل اعباء الرسالة وهذه المهمة الصعبة وكانت صعبة جداً، احد الادباء يقول:
صنعت البطولة يا مسلم
فمنك البطولة تستلهم
وانت الذي قال منك الحسين
امام الهدى ثقتي مسلم
اودهنا ان اذكر قضية وهي تسلط الضوء على موقع مسلم بن عقيل عند اهل البيت، تقول الروايات ان النبي(ص) كان يحب عقيلاً مما دفع عبد الله بن عباس ان يسأل عن هذا المعنى، يقول له امير المؤمنين(ع) يقول سألت رسول الله: يا رسول الله انك لتحب عقيلاً قال: نعم يا علي احبه، اني احبه حبين حباً له وحباً لابي طالب يعني ابيه، عم النبي، ثم قال النبي(ص) يا علي ان ولده لمقتول في محبة - يأتي هنا الموضوع عن مسلم بن عقيل - ولدك الحسين فتد مع عليه عيون المؤمنين وتبكي عليه الملائكة المقربون ثم بكى رسول الله حتى جرت دموعه على صدره ورمق السماء برأسه وهو يقول: اللهم اني اشكو اليك ما يلقى عترتي من بعدي.
مسلم بن عقيل هو الذي رقرق عبرات الرسول الغالية واسبل دمعته التي هي ليست برخيصة واستحق بكاء المؤمنين واستحق الصلاة من الملائكة المقربين، هذه منزلته عند الرسول وعند الملائكة وعند الائمة وعند الناس.
تصلي على مسلم في السما
ملائكة الله حيناً فحينا
فكيف تجف دموعي له
وقد كان ابكى النبي الامينا
رشحه ابو عبد الله الحسين(ع) للسفارة فارسله ممثلاً لسفارته الظاهريه والباطنية فأرسله الحسين(ع) الى الكوفة ولا غرابة من ذلك فهو ساهم يوم صفين وتعلم واستنار وتدرب بين يدي عمه امير المؤمنين واقتبس الشجاعة من ذلك البطل وهو حيدر الكرار(ع)، بعثه الحسين(ع) من مكة الى العراق وتقيض مسلم لما ندبه اليه ابو عبد الله من حمل اعباء النيابة الخاصة فسار من مكة في النصف من شهر رمضان على طريق المدينة وزار مسجد النبي وودعه وسار نحو الكوفة الى ان وصل الى الكوفة، وصلها في الخامس والعشرين من شهر شوال سنة 60 ﻫ وحل ضيفاًً في دار المختار بن ابي عبيدة وبايعه الناس فكتب الى الحسين رسالة يدعوه فيها يقول: اقدم لان القوم بايعوني واقاموا الصلاة خلفي وان الرائد لا يكذب اهله ولكن سرعان ما.... كما قال الاديب:
كان اميراً فغدى اسيرا
كذلك شان الدهران يجورا
واذا يواجه ذلك الانقلاب وذلك الغدر من ابن زياد فبقي يقاتل قتال الابطال وهو يصرح:
اقسمت ان لا اقتل الا حرا
وان رأيت الموت شيئاً نكرا
صلوات الله وسلامه عليه والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******